< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

34/11/18

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: الاشتراك والترادف
الجهة الثالثة في الاشتراك: مناشيء الاشتراك وهي ثلاثة أمور:
الوضع التعييني، والوضع التعيني، اختلاط اللغات بعضها ببعض.
المنشأ الاول: الوضع التعييني، بأن يضع الواضع اللفظ لأكثر من معنى، ولو كان الواضع حكيما وجب أن يكون الوضع لغرض، وهذا ممكن بل واقع، وقد ذكر أهل السير عددا من الناس سمَّوا أكثر من ولد لهم بنفس الاسم، ألا ترى أن الحسين (ع) قد سمّى ثلاثة أولاد له باسم " علي "، نعم كان التمييز بينهم في مقام التفهيم بوصفه الأكبر أو الأوسط أو الأصغر، وهذا الوصف ليس دخيلا في الموضوع له، بل الموضوع له ذات " روحي له الفداء "، والوصف قرينة معيّنة لرفع الإبهام، أما المجاز فيحتاج إلى قرينة صارفة عن المعنى الحقيقي.
المنشأ الثاني: الوضع التعيني، ويتم ذلك بوضع اللفظ لمعنى، ثم يستعمل في معنى آخر مجازا، ثم يصبح مجازا كثيرا ومشهورا، ثم يتم النقل والوضع إلى المعنى الثاني من دون هجران المعنى الأول، فيصبح مشتركا.
ذلك أن اللفظ المنقول على ثلاثة أقسام:
قسم يتم النقل والوضع للمعنى الثاني مع عدم ملاحظة علاقة، بل بداع، فهذا هو اللفظ المرتجل.
قسم يتم فيه استعمال اللفظ بعلاقة فصار مجازا ثم كثر لدرجة بلوغه حد الوضع بالمعنى الثاني:
فتارة يهجر المعنى الاول فهذا المنقول بالمعنى المتداول.
وتارة لا يهجر المعنى الاول فيحصل الاشتراك اللفظي بين المعنيين.
المنشأ الثالث: اختلاط اللغات بعضها ببعض، وقد ذكر هذا المنشأ السيد الخوئي (ره) عن استاذه النائيني (ره) عن بعض متأخري المتأخرين، وبيانه أن العرب – مثلا – كانوا على طوائف، فطائفة قد وضعت اللفظ لمعنى كذا، وطائفة أخرى لمعنى آخر وهكذا، ولما جمعت اللغة العربية حدث الاشتراك، وكذا الترادف. وهذا أمر ممكن وإن لم يذكره المؤرخون.
نقول في تحقيق فكرة خلط اللغة، مثلا: إذا أخذت قريش بعض الالفاظ من تميم عند توحيد اللغة، فالنتيجة أن هذه الالفاظ التميمية أصبحت أيضا قرشية وصارت موضوعة عند قريش إما بالوضع التعييني أو التعيني فلا يوجد اصلا خلط لغات كمنشأ، والسيد الخوئي (ره) يقول انه ليس لها ثمرة ولم تنقل. نقول: أن يكون خلط اللغة منشأ للاشتراك كما في كلمة " استبرق " " قسطاس " " سندس " وغيرها من الفاظ استعملت في القرآن، هذه الكلمات عندما جعلت في لغة واحدة، فهذه الجهة الثالثة ليست منشأ للاشتراك اصلا لأن اللغة عندما جعلت فيها كل الالفاظ وتم الوضع في اللغة الجامعة إما تعيينا أو تعينا، فاستعملها القرآن واصبحت جزء من اللغة العربية. بعبارة أخرى: خلط اللغة يرجع إلى الوضع بقسميه.
والنتيجة: أن منشأ الاشتراك هو الوضع التعييني والتعيني وخلط اللغات. نوافق على الاول والثاني ولا نسلم بالمنشأ الاخير. وبعبارة اخرى: منشأ الاشتراك هو الوضع.

الترادف
وهو يقابل الاشتراك، وهو وضع الفاظ متعددة لمعنى واحد كوضع ألفاظ أسد وليث وسبع لهذا الحيوان المفترس المعروف. وكل ما ورد في الاشتراك يرد في الترادف من تناهي المعاني وتناهي الالفاظ وغيرها. والايرادات والأجوبة.
والترادف ليس واجبا ولا ممتنعا، بل أمر ممكن بالإمكان الخاص، يدلّ عليه التبادر وعدم صحة السلب وصحة الحمل ونقل اللغويين. وقلنا أن الاخير نشكل عليه كبرى وصغرى. أما الصغرى فاللغويون لم يذكروا الاوضاع إلا نادرا، وأما الكبرى فقول اللغوي ليس حجة. وباقي الادلة نسلم بها.
نعم يمكن أن يقع الكلام في بعض المعاني التي تختزنها الألفاظ المختلفة، فإننا نجد أن كلمة " أسد " تستعمل للذات، وكلمة " ليث " تستعمل لذات الحيوان حين وجوده في الغابة، وكلمة " سبع " تستعمل لذات الحيوان حين وجدوه في الفلوات أو حين الافتراس، فما هي علاقة هذه المعاني بالموضوع له؟ فهذه الخصوصيات هل هي دخيلة في المعنى أو لا؟
فإنها إن كانت جزءا من المفهوم، انتفى الترادف لاختلاف المعاني الموضوع لها الالفاظ.
وإن لم تكن جزءا، فالترادف موجود ويدل عليه صحة الاشارة إلى الذات والماهية بجميع هذه الألفاظ، من دون تكلف ولا مؤونة مجاز، ونقول: إن هذه المعاني تكون من شؤون الاستعمال، لا من شؤون الموضوع له ولا من شؤون المستعمل فيه، فهذه الأمكنة والحالات المختلفة هي من موارد استعمال اللفظ، واشبه ذلك بالسيارة التي تكون للنقل، فالموضوع له النقل، وهناك سيارة تستعمل في نقل البضائع، فإذا استخدمتها لنقل الركاب أكون قد استخدمتها فيما وضعت له وهو النقل، وأكون قد عصيت رغبة الصانع. واستعمال لفظ " ليث " لأجل الإشارة إلى مجرد الماهية ليس خطأ بل يخالف شأنا استعماليا للفظ الذي ينبغي أن يستعمل في الغابة.
والحاصل: أن الترادف ممكن بالإمكان الخاص وواقع أيضا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo