< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

34/05/08

بسم الله الرحمن الرحیم

 العنوان: الصحيح والأعم
 بحث ثمرة النزاع
  قلنا أن الاطلاق لا يجري إلا بعد اجراء مقدمات الحكمة، وقلنا أن الاطلاق يحتاج إلى أن ينطبق عنوان متعلق الحكم على قسمين أو اكثر، وعندها نقول أن القيد المشكوك هو قيد أو لا، حينئذ نجري أصالة الإطلاق، والامثلة على ذلك كثيرة ولنطبق ذلك على مسألتنا:
 على القول بالصحيح: المقدمة الاولى:- وهي أن يكون العنوان في القضية، وهو متعلق الحكم واردا على المقسم بين قسمين أو أقسام بأن يكون له قابلية الانطباق على كل فرد أو فردين أو أفراد نوعا كانت أو صنفا-، غير تامة لأن الحكم منصب على الصحيح دون غيره، ومع فقدان الجزء أو الشرط المشكوك، فلا أحرز انطباق العنوان، فلا تجري أصالة الإطلاق.
  أما على القول بالأعم فالمقدمات كلها تامة وحينئذ تجري أصالة الأطلاق.
  نعم على القول بالأعم بناء على قول السيد الخوئي (ره) لو شك في كون شيء ركنا في " الصلاة " وقلنا بأن الجامع هو الأركان فلا يمكن التمسك بالإطلاق لعدم صدق اللفظ لأنه شك في المسمى.
  وقد اورد على هذه الثمرة من وجوه:
  الإيراد الأول: اننا نعلم أن النصوص الشرعية كلها تأمر بالصحيح ولا معنى بأن تأمر بالفاسد ولا حتى بالأعم من الصحيح والفاسد، فنحن نقطع بان قيد الصحة معلوم، ومع العلم بانه دخيل في المأمور به لا تجري أصالة الاطلاق، لأن الأصول اللفظية، ومنها أصالة الإطلاق تجري عند الشك في المراد لا عند الشك في الاستعمال، وذلك لكونها أصالة عقلائية، وغرض العقلاء هو معرفة مراد المتكلم، وذكرنا سابقا مثالا على ذلك " انشبت المنية أظفارها في زيد " فالغرض هو معرفة انه في حال الموت ولا حاجة لمعرفة كيفية الاستعمال بلاغيا.
  ولذا، فالإطلاق والتقييد في العبادات إنما يلاحظ بالنسبة لمراد الآمر الشارع، ولذا يلاحظ بالنسبة للمأمور به لا للمسمى بما هو مسمى.
  والمأمور به واضح، فإننا نقطع بأن النصوص الشرعية من قرآن وسنة تأمر بالإتيان بالعبادة الصحيحة ولا تأمر بالعبادة الفاسدة ولا بالعبادة الأعم من الصحيحة والفاسدة. ولذا، لا فرق بين القولين الصحيحي والأعمي في عدم جواز التمسك بالإطلاق. إذن لا ثمرة.
  ملخص الاشكال: أن أصالة الاطلاق تجري عند الشك في المأمور به دون المسمى، والمأمور به معلوم، فلا يوجد شك لإجراء أصالة الاطلاق. فعلى القولين لا تجري أصالة الإطلاق.
  أما الصحيحي فلعدم إحراز العنوان على الفاقد للشرط أو الجزء المشكوك لاحتمال دخله في المسمى.
  وأما الأعمي فإنه وإن لم يكن للجزء أو الشرط المشكوك دخل في المسمى، إلا أننا نعلم تقييد المسمى بالصحة، وأن الصحة مأخوذة في المأمور به ومتعلّق الأمر، فإن المأمور به حصة خاصة من المسمى وهي الحصة الصحيحة، وعلى ذلك فالمراد معلوم ولا نشك فيه كي نُجري أصالة الإطلاق، فلا يجوز التمسك بالإطلاق.
  ملخصه: لا يجوز التمسك بالإطلاق سواء قلنا بالصحيح أو بالأعم، غاية الأمر أن سبب عدم جواز التمسك بالإطلاق يختلف بين القولين، فبينما يكون السبب على القول الصحيح هو أخذ الصحة في المسمى، فإذا شككت لا أحرز العنوان. ويكون السبب على القول بالأعم هو دخالة الصحة في المأمور به لا في المسمى وهي ليست أمرا مشكوكا، بل نعلم بتقييد المأمور به بها. واختلاف سبب عدم التمسك بين القولين ليس ثمرة بعد أن كانت النتيجة بينهما واحدة.
  وقبل الجواب لا بأس ببيان مقدمات:
  منها: هناك فرق بين المسمى وبين المأمور به، فإذا طلبت دارا وكنت أريد فيها حديقة مثلا، فالحديقة شرط في المأمور به لتوقف حصول الغرض عليها، وليست شرطا في مسمى الدار. فالفرق أن كل أمر له دخالة في الغرض لا بد أن يذكر في المأمور به.
  ومنها: أن أصالة الإطلاق تجري عند الشك في المراد لا عند الشك في المسمى، وتجري بعد إحراز المسمى.
  ومنها: الأصل عند العقلاء وفي العرف تطابق المراد مع المستعمل فيه في كلام المتكلم. مثلا: " أكرم كل عالم " عام ومستعمل في العموم، بعدها قلت: " لا تكرم العالم الفاسق "، هنا استعملت العام لكن من البداية كنت اريد بعض العلماء وهم خصوص العدول أي الخاص، فاستعملت " كل عالم " واردت بعض العلماء العدول، فيكون ما اريد غير ما استعملت فيه. فالاستثناء خلاف الاصل.
  ومنها: إن الصحة لها معنيان:
  الاول: الصحة الفعلية، وهو أمر انتزاعي.
  والثاني: الصحة بمعنى تمام الأجزاء والشرائط.
  أما الأول: الصحة الفعلية - فهي أمر انتزاعي منتزع من انطباق المأتي به الممتثل مع المأمور به حال الامتثال، مثلا: فلان أتى بالعلاج صحيحا، أي مطابقا لما امره به الطبيب، فهي أمر انتزاعي يكون بعد الامتثال يعبر عنها بالصحة الفعلية. وهذه خارجة عن محل النزاع، أن النزاع فيما هو مأخوذ في متعلق الأمر، وهذه لا تنتزع إلا بعد الامتثال.
  وأما الثانية: تمام الاجزاء والشرائط - فهي تمامية الأجزاء والشرائط المأخوذة في المسمى. وهذه هي التي نتكلم عنها وهي المتنازع فيها.
 والجواب غدا إنشاء الله.
 
 والحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo