< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

34/04/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 العنوان: الصحيح والأعم
 المؤثر في النهي عن الفحشاء على القول بعدم وجود جامع
  الكلام في الجامع على الصحيح والأعم، وإنما نذكر هذا المطلب لفوائده في تركيز الذهنية الاصولية ولأبحاث مستقبلية.
  ثم إننا نسأل السيد الخوئي أعلى الله مقامه: أنه بناء على عدم وجود جامع بين الأفراد الصحيحة، أو أنه لم يعقل تصوره، وأن النهي عن الفحشاء لا يشير إليه، فما هو المؤثر في النهي عن الفحشاء والمنكر؟
  الجامع على القول بالأعم: يقول صاحب الكفاية (ره): هذا على الصحيح وأما على الأعم فتصوير الجامع في غاية الإشكال طبعا نظرا للاختلاف الكثير بين الأفراد وهو أكثر من الصحيح كما هو واضح، ولعدم وجود ما يشير إلية كما في الصحيح .
  هنا لا بأس بإيراد كلام السيد الخوئي (ره) تحت عنوان " تبصرة " محاضرات في أصول الفقه تقرير لابحاثه لتلميذه الفياض ص 155- 157.
  يقول: إذا لم يعقل جامع بين الأفراد الصحيحة فما هو المؤثر في النهي عن الفحشاء والمنكر؟ والجواب عنه: هو أن حديث كيفية تأثير الصلاة في الانتهاء عن الفحشاء والمنكر يمكن أن يكون بأحد وجهين:
  الأول: أن الصلاة باعتبار أجزائها المختلفة كما وكيفا مشتملة على أرقي معاني العبودية والرقية، ولأجل ذلك تصرف النفس عن جملة من المنكرات وتؤثر في استعدادها للانتهاء عنها من جهة مضادة كل جزء من أجزائها لمنكر خاص. فإن المصليَ الملتفت إلى وجود مبدأ ومعاد إذا قرأ قوله تعالى: * ( الحمد لله رب العالمين ) * التفت إلى أن لهذه العوالم خالقا هو ربهم، وهو رحمان ورحيم. وإذا قرأ قوله تعالى: * ( مالك يوم الدين ) * التفت إلى أن الله يسأل عما ارتكبه من القبائح ويجازي عليه في ذلك اليوم. وإذا قرأ قوله تعالى: * ( إياك نعبد وإياك نستعين ) * التفت إلى أن العبادة والاستعانة منحصرتان به تعالى وتقدس، ولا يصلح غيره للعبادة والاستعانة. وإذا قرأ * ( اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) * التفت إلى أن طائفة قد خالفوا الله وعصوه عنادا، ولأجله وقع عليهم غضبه تعالى وسخطه، أو أنهم خالفوه بغير عناد فصاروا من الضالين، وهناك طائفة أخرى قد أطاعوا الله ورسوله فوقعوا في مورد نعمائه تعالى ورضاه. ففاتحة الكتاب بمجموع آياتها تكون عبرة وعظة للمصلين الملتفتين إلى معاني هذه الآيات. ثم إذا وصل المصلي إلى حد الركوع والسجود فركع ثم سجد التفت إلى عظمة مقام ربه الجليل، وأن العبد لا بد أن يكون في غاية تذلل وخضوع وخشوع إلى مقامه الأقدس، فإنهما حقيقة العبودية، وأرقى معناها، ومن هنا كانت عباديتهما ذاتية. ومن هنا كان في الركوع والسجود مشقة على العرب في صدر الإسلام، فالتمسوا النبي (صلى الله عليه وآله) أن يرفع عنهم هذا التكليف ويأمرهم بما شاء، وذلك لتضادهما الكِبر والنخوة. وبما أن الصلاة تتكرر في كل يوم وليلة عدة مرات فالالتفات إلى معانيها في كل وقت أتي بها لا محالة تؤثر في النفس، وتصرفها عن الفحشاء والمنكر.
  الثاني: أن الصلاة باعتبار أنها مشروطة بعدة شرائط فهي لا محالة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فإن الالتزام بإباحة المكان واللباس، وبالطهارة من الحدث والخبث - مثلا - يصرف المكلف عن كثير من المحرمات الإلهية. وقد نقل عن بعض السلاطين: أنه كان يمتنع عن شرب الخمر لأجل الصلاة.
  وكيف ما كان فالصلاة باعتبار هاتين الجهتين ناهية عن عدة من المنكرات لا محالة.
  فتلخص: أن تأثير الصلاة في النهي عن الفحشاء باعتبار هاتين الجهتين واضح.
  ثم يقول صاحب الكفاية (ره) وأما على القول بالأعم والمنسوب للمحق القمي (ره): وما قيل في تصويره أو يقال وجوه: إحداها: أن يكون عبارة عن جملة من اجزاء العبادة كالأركان في الصلاة مثلا، وكان الزائد عليها معتبرا في المأمور به لا في المسمى. وفيه ما لا يخفى، فإن التسمية بها حقيقة لا تدور مدارها ضرورة صدق الصلاة مع الإخلال ببعض الأركان، بل وعدم الصدق عليها مع الإخلال بساير الأفراد والشروط عنه، مع أنه يلزم أن يكون الاستعمال فيما هو المأمور به بأجزائه وشرائطه مجازا عنده، وكان من باب استعمال اللفظ الموضوع للجزء في الكل لا من باب إطلاق الكلي على الفرد والجزئي كما هو واضح، ولا يلتزم به القائل بالأعم. فافهم.
 
 
  والحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo