< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

34/04/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 العنوان: الصحيح والأعم
  الاشكال على قاعدة " الواحد لا يصدر إلا عن واحد ".
  الاشكالات على هذه القاعدة لم تكن على أصل القاعدة المسلم بها في الأمور التكوينية، بل أتت الاشكالات على جريان القاعدة في موردنا أي الجامع بين الافراد في مسألة الصحيح الاعم.
  وقبل بيان ذلك لا بأس ببيان المراد من الواحد الشخصي والواحد النوعي والواحد العنواني.
  المراد من الواحد الشخصي: هو الواحد كفرد، سواء كان التشخيص ذهنيا أم خارجيا، فمفهوم الانسان هو واحد شخصي إذا لوحظ وجوده الذهني، عبر عنه بالكلي العقلي [1]
 ، وهو نوعي كلي إذا لوحظ جامعا بين الافراد الخارجية، ومفهوم " زيد " علم لشخص فهو واحد شخصي خارجي.
  والمراد من الواحد النوعي: هو ما كان كليا له أفراد بحيث يكون من المقولات الاصلية الحقيقية، وذلك كالكلي الجامع بين أفراد الانسان.
  والمراد من الواحد العنواني: ما كان منتزعا من أفراد لها تأصل من دون أن يكون هو متأصلا كالفوقية المنتزعة من أفراد وصور خارجية متعددة. [2]
 
  يقول السيد الخوئي (ره) نقلا عن محاضراته بقلم تلميذه الفياض عندما تكلم عن موضوع كل علم [3] رادّا على صاحب الكفاية ص 16 و 17 من ج 1: ويرد عليه:
  اولا: أن البرهان المزبور [4] وإن سلّم في العلل الطبيعية لا يسلم في الفواعل الارادية [5]
 ، إلا أن الغرض الذي يترتب على مسائل العلوم لا يخلو: إما أن يكون واحدا شخصيا، أو واحدا نوعيا أو واحدا عنوانيا. وعلى إي تقدير لا تكشف وحدة الغرض عن وجود جامع ماهوي وحداني بين المسائل. [6]
 
  أما على الاول [7]
  فإنه يترتب على مجموع المسائل من حيث المجموع، لا على كل مسألة بحيالها واستقلالها، فحينئذ المؤثر فيه المجموع من حيث هو، فتكون كل مسألة جزء السبب لا تمامه [8]
 ، فنظير ما يترتب من الغرض الوحداني على المركبات الاعتبارية الشرعية كالصلاة ونحوها [9] ، أو العرفية، فإن المؤثر فيه مجموع أجزاء المركب بما هو لا كل جزء جزء منه، ولذا لو انتفى أحد أجزائه انتفى هذا الغرض..... تم
  ثم يقول: فالاستناد إليه استناد معلول واحد شخصي إلى علَّة واحدة شخصية لا إلى علل كثيرة ....
  ثم يقول: وأما على الثاني [10]
  بأن كان الغرض كليا له أفراد يترتب كل فرد منها على واحد من المسائل بحيالها واستقلالها- كما هو الصحيح فالأمر واضح، إذ بناء على ذلك يتعدد الغرض بتعدد المسائل والقواعد، فيترتب على كل مسألة بحيالها غرض خاص غير الغرض المترتب على مسألة أخرى [11] .... وإذا كان الامر كذلك فلا طريق لنا إلى إثبات جامع ذاتي وحداني بين موضوعات المسائل، لأن البرهان المزبور لو تمّ فإنما يتم في الواحد الشخصي البسيط بحيث لا يكون ذا جهتين أو جهات....
 والحمد لله رب العالمين.


[1] اضاءة: الوجود الذهني إذا لوحظ حاكيا عن أفراده يكون محمولا بالحمل الشايع الصناعي، ويكون واحدا نوعيا، ولكل امر خارجه حتى الذهن له امر خارجي، مثلا: الإنسان حيوان ناطق. الحيوان جنس، والانسان امر كلي له افراد خارجية واقعية ويحمل على افراده بالحمل الشايع الصناعي، والحيوان له أفراد كالإنسان والقرد والحصان وهذه الافراد ليست موجودة في الخارج كالكليات هي أيضا ذهنية لها أفراد خارجية، ولذلك قالوا كل خارج بحسبه، فالحيوان يحمل على الانواع بالحمل الشايع الصناعي وهذه الانواع موجودة في الذهن لا في الخارج. ولذلك المراد من الخارج في الشايع الصناعي ليس الخارج الواقعي. إذن مفهوم الانسان واحد شخصي إذا لاحظناه بالذهن، وهو نوعي كلي إذا لوحظ جامعا بين الافراد الخارجية.
[2] وللتذكير: الفرق بين المفهوم والعنوان: المفهوم هو ما يفهم من اللفظ مثل: " رجل " عند اطلاق اللفظ ترد صورة في الذهن. وأما العنوان فهو المفهوم الملحوظ انطباقه على افراده الخارجية او المنتزع منها ويكون حاكيا عنه، وذلك في مصطلح المناطقة.
[3] كما في علم النحو غرضه ما يعصم مراعاته عن الخطأ في النطق، والمنطق له غرض وهو عصمة الفكر عن الخطأ، فلكل علم غرض ناشئ عن امر واحد وهذا الغرض ناشئ عن موضوع، إذن لا بد لكل علم من موضوع ولا بد ان يكون واحدا لان الغرض الواحد لا ينتج الا عن موضوع واحد. فالنتيجة انه لا بد لكل علم من موضوع، هذا رأي صاحب الكفاية (ره).
[4] أي قاعدة " الواحد لا يصدر إلا عن واحد "، والغرض من العلم واحد فلا يصدر إلا عن موضوع واحد، أي لا بد لكل علم من موضوع.
[5] كعضلة القلب فعلها غير ارادي لا تستطيع ان توقفه، بخلاف حركة عضلات اليد ارادية تستطيع ان تتحكم بها، المعلول واحد بالنسبة لحركة القلب، فحركة القلب معلولّة لعلّة واحدة إذا تمت تم المعلول وهذا ما لا دخل للإرادة فيه. أما حركة اليد فاستطيع ان اتحكم فيها لدخالة الارادة، ففي الفواعل الارادية هذه القاعدة تقف لان الارادة اصبح لها دخل. اما في الامور التكوينية فالحديد عند وجود الحرارة يتمدد، عندما تكون العلة تامة بأجزائها الاربعة: المقتضي والشرط والمعد وعدم المانع. فيتحقق المعلول لا محال، اما في العلل الارادية هذه الاجزاء الاربعة زائد الارادة التي تسمح بالتحقق.
[6] كما في علم النحو هناك موضوعات من فاعل مرفوع او مبتدأ مرفوع ومفعول به منصوب. فالرفع والنصب محمولات واحكام. صاحب الكفاية قال ان هذه المسائل ينتج عنها اثر واحد وهو العصمة عن الخطأ في النطق، وهذا الاثر ناتج عن شيء واحد وهو الجامع بين موضوعات علم النحو. فأجاب السيد الخوئي بان الجامع يجب ان يكون وحدانيا ماهويا وهو الذي أثر في العصمة عن الخطأ في النطق، وفي مسألتنا الجامع الذي أثر في الصلاة بالنهي عن الفحشاء، هذا الأثر لا يكشف عن وجود الجامع على الاحتمالات الثلاثة سواء كان المراد الواحد شخصي او نوعي او عنواني.
[7] أن يكون واحدا شخصيا.
[8] أي يصبح جزءا لا جزئيا، كما الرأس في الانسان جزء له بينما زيد جزئي الانسان، فالجزئي فيه الكلي والمشخصات وزيادة، اما الجزء بعض الكل.
[9] الصلاة مركبة من تكبير وقيام وقراءة وركوع وسجود، وثر الصلاة لا ينتج عن الركوع وحده فانه ليس علّة تامة، بل مجموع هذه الافعال هو العلّة التامة. فأصبحت المسائل اجزاء لا جزئيات، فالمؤثر هذه الموضوعات بأجمعها، فلا يكون الاثر من الجامع حتى نقول انه يكشف عن جامع. إذن تكون مجموع الصلوات هي التي تنهى عن الفحشاء، فمع ترك صلاة واحدة وهي جزء العلّة كصلاة الظهر مثلا، لا يتم المؤثر.
[10] أن يكون واحدا نوعيا. أي المراد من الاثر كعصمة اللسان عن الخطأ في النحو واحد نوعي كلي جامع بين موضوعات هذه المسائل، وفي مسألة الصحيح والاعم الصلاة تنهى عن الفحشاء، فالنهى عن الفحشاء يكون واحدا نوعي ينتج واحدا كليا جامعا بين افراد الصلوات.
[11] ففي النحو يصبح لكل مسألة غرض خاص كما في رفع الفاعل ونصب المفعول، من يقول بوجود الجامع بين هذه الاغراض، فقد تكون متباينة، وكما في الاصول فأحكام القطع على نحو القطع واحكام الأمارة على نحو الظن كما قالوا لا قطع فيها وهما مختلفان والغرض بينهما مختلف. فمن يقول ان هناك جامعا بين الاغراض؟.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo