< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

34/03/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 العنوان: علامة الحقيقة والمجاز
 الحقيقة الشرعية:
  • تذكير في كيفية حصول الوضع التعييني:
  يقول صاحب الكفاية (ره): إن الوضع التعييني كما يحصل بالتصريح بإنشائه كذلك يحصل باستعمال اللفظ في غير ما وضع له، بأن يقصد الحكاية عنه والدلالة عليه بنفسه لا بالقرينة، وإن كان لا بد حينئذ من نصب قرينة، إلا أنه للدلالة على ذلك (على الوضع) لا على إرادة المعنى كما في المجاز. فافهم. وكون استعمال اللفظ فيه كذلك في غير ما وضع له، بلا مراعاة اعتبار في المجاز، فلا يكون بحقيقة ولا مجاز.
  1. التوضيح: كيفية حصول الوضع التعييني كما قال صاحب الكفاية (قده) تقع على نحوين:
  2. إما بالتصريح كما لو قال قائل: قررت أن أسمي ولدي " أمين ".
  3. وإما بالاستعمال كأن يقال: إيتوني بولدي " أمين ".
  توضيحه أنه لا يقال: إن استعمال اللفظ في القسيم الثاني ليس استعمالا حقيقيا ولا مجازيا.
  وذلك إني لم أستعمل لفظ " أمين " في معناه الحقيقي وهو الوصف، بل في معنى آخر وهو المولود المعيَّن، ولم استعمله في معنى مجازي لأني استعملته في المعنى الموضوع له بالوضع التعييني الجديد واستعملته في غير ما وضع له لغة من دون ملاحظة علاقة ومن دون سبق وضع. [1]
 
  فانه يقال: لا بأس بذلك طالما كان مما يقبله الطبع ولا يستنكره الناس، وقد عرفت أنه في الاستعمالات الشايعة ما ليس بحقيقة ولا مجاز. إذن المناط الطبع العرفي.
 المقدمة السادسة في الثمرة:
  إن البحث عن المعنى الحقيقي ينفعني في استظهار المراد من اللفظ [2]
  وقد ادّعي أن جميع ألفاظ العبادات على لسان الشارع النبي (ص)(وليس المتشرعة) واضحة ظاهرة في المعنى الجديد وهو الافعال الخاصة في الصلاة مثلا، وهي دعوى غير بعيدة، وعليه فلا ثمرة مهمة في البين. إذ أن الفائدة المتصورة هي إجراء أصالة الاطلاق عند الشك في اشتراط شيء أو جزئيته.
  إذن على القول بالحقيقة اللغوية اجري الاصل اللفظي وهو أصالة الاطلاق، وذلك لانطباق العنوان [3]
 . وعلى القول بالحقيقة الشرعية إذا انطباق العنوان تجري أيضا أصالة الاطلاق. نعم ننتقل إلى مسألة أخرى حينئذ وهي مسألة الصحيح والاعم.
  فإن قلنا بالوضع للأعم تجري أيضا أصالة الاطلاق.
  وإن قلنا بالوضع للصحيح فقد يقال بعدم جريان أصالة الاطلاق، وننتقل حينئذ إلى أصل الاحتياط، وسيأتي الكلام في ذلك في مسألة الصحيح والأعم.
  المختار:
  هل هناك نقل على لسان الشارع أو لا؟ هذا المبحث كدرس ثمرته القاء الضوء على كثير من الامور التي مرّت معنا وليس نفس اختيار الحقيقة أو عدم الاختيار.
  نقول في المختار: لا شك في وجود المعاني العبادية من الصلاة والصوم والحج قبل الإسلام وفي الاديان الأخرى، يشير إلى ذلك القرآن الكريم عندما يقول: " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم " وقوله تعالى " إني نذرت للرحمان صوما فلن أكلم اليوم إنسيا " وعلى لسان المسيح عيسى ابن مريم (ع) " وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا " وعلى الطلب من إبراهيم الخليل (ع) " وأذِّن في الناس بالحجِّ يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فجِّ عميق " والظاهر أيضا أن هذه الالفاظ لهذه المعاني أيضا كانت موجودة على الأقل في جزيرة العرب. [4] ثم إن معانيها هي العبادات الخاصة بين المربوب والرب. فالصيام ليس مجرد الامساك لغة، بل هو الامساك مع نوع من العلاقة العبادية، ثم تدخل الشارع في شرائطها، كذلك الصلاة وغيرها.
  ونكمل غدا إن شاء اله تعالى بيان المختار.
 
 
 والحمد لله رب العالمين.


[1] فائدة: الاسم المرتجل لا يحتاج إلى ملاحظة علاقة بل تكف ملاحظة أمر ما، نعم عادة البشر أن تلاحظ شيء حتى تطلق الاسم وليس بالضروري أن تكون هنا علاقة، فاطلاق الاسماء غالبا ما يكون بملاحظة خفة اللفظ دون المعنى. أما في المنقول لا بد من ملاحظة العلاقة المناسبة مع المعنى الاول.
[2] ذكرنا سابقا أنه لا توجد أصالة الحقيقة ولا أصالة الاطلاق ولا أصالة العموم تعبدا، نعم لو كانت ظاهرة فاتباع العقلاء هو بأصالة الظهور. ولذلك كانت هذه الاصالات عند الشك في المراد لا عند الشك في الاستعمال، وذلك لان أصالة الظهور أمر عرفي والعرف همه فهم المراد، أما كيفية الاستعمال وحصول المراد هذا ليس من هم الناس كما ذكرنا في امثلة سابقة. وبناء على هذا قلنا أن اكثر مباحث الالفاظ هي مجرد معين للإستظهار لا معيِّنة له.
[3] قاعدة عامة: عند الشك في حكم سواء في المعاملات أو العبادات: في مقام الاستنباط اولا: اطبق العنوان، فإذا شككت في شرط بعد انطباق العنوان نجري الاصل اللفظي وهو اصالة الاطلاق، فإذا تم الاصل اللفظي اطرد الشرط. فإذا لم يتم المراد فلا يتحقق موضوع لا لاصالة الاطلاق ولا لاصالة العموم فانتقل حينئذ من الاصل اللفظي إلى الاصل العملي. فينتج قاعدة عامة: في العبادات القاعدة تطبيقا لمبحث الاقل والاكثر الارتباطيين، وفي المعاملات القاعدة اصالة الفساد.
[4] لفت نظر: الحج ليس بمعنى الزيارة، وما نقل من وسائل الاعلام الاجنبي اخذه الاعلام العربي كما هو مترجما بأن الشيعة يحجون إلى كربلاء. الحج ايضا ليس بمعنى مطلق القصد، بل معناه القصد التعبدي الخاص، والصوم ايضا كذلك هذا ما نحس به وجدانا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo