< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

34/01/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 تبعية الدلالة للإرادة
  من المقدمات التي ذكروها مسألة تبعية الدلالة للإرادة، أي لإرادة المعنى، فهل اللفظ يدل على المعنى عند قصد المعنى؟ أو أنه يدل ولو بلا قصد المعنى؟ والظاهر أنَّ بداية إثارة هذه المسألة هي من قول العالمين الشيخ الرئيس أبي علي سينا والشيخ المحقق الفيلسوف نصير الدين الطوسي (قده) المحكي عنهما وهو أن الدلالة تابعة للإرادة.
  وسيتم البحث عبر نقاط:
  الاولى: التذكير بالدلالات الثلاث.
  الثانية: بيان كيفية استفادة المعاني من الالفاظ.
  الثالثة: أين تكون الدلالة؟ وموقع أصالة السند وأصالة التطابق في عملية فهم النص؟.
  الرابعة: الثمرة.
  أما النقطة الأولى وللتذكير فقط:
  فإن الدلالة إما عقلية، كدلالة العلَّة على المعلول وهذه حقيقية واقعية أصيلة لا تختلف ولا تتخلف.
  وإما طبيعية، وهي التي تكون بطبع البشر، كدلالة حركة الأصابع على التوتر النفسي، وهذه دلالة حقيقية واقعية أصلية، لا تختلف وقد تتخلف، فإن حركة الأصابع وتسارعها قد تكون لأمر آخر غير التوتر النفسي، بل لألم أو لإشارة أو لغير ذلك.
  وأما الدلالة الوضعية، فهي ما تمَّ الاصطلاح عليه كل مجتمع بحسبه، وكل أمر بحسبه، وهذه دلالة اعتبارية لا واقع لها ولا حقيقة ولا تأصل فلا وجود لها خارج عالم الوضع والاصطلاح والاعتبار، ومنها وضع الألفاظ لمعانيها.
  النقطة الثانية: في كيفية استفادة المعنى من الألفاظ:
  عندما يتلفظ المتكلم بجملة فإن السامع يفهم منها معنى يخطر في باله، وهذه دلالة إخطارية وهي متعلقة بالعلم بالوضع، ولا علاقة لها بحال اللفظ، فكما يقول صاحب الكفاية (ره) الدلالة التصورية أي كون سماعه موجبا لإخطار معناه الموضوع له ولو كان من وراء الجدار أو من لافظ بلا تصور ولا اختيار.
  ثم إن السامع يحصل له احتمال أن لا يكون المتكلم قاصدا المراد، ولا قاصدا التفهيم، وذلك مثل كلام النائم الذي لا يقصد المعنى، أو كلام الساهي، أو الغالط الذي تلفظ بلفظ بدل لفظ حيث لا يدل على المعنى المقصود، فلا بد حينئذ من أصل عقلائي يستند إليه المتكلم، فكان بين العقلاء تبان على أن الأصل في المتكلم عدم الكلام نائما أو ساهيا أو غالطا، وهذه بعض موارد أصالة السند. ولا بأس بتسميتها أصالة القصد، فهي أوضح في المقصود والمراد.
  فإذا قطع المستمع بأن المراد هو نفس المعنى الذي خطر في بال المستمع عند التلفظ ، أو أنه بنى عليه نظرا لأصل عقلائي، تحققت الدلالة التصديقية الأولى، أي التصديق بقصد المتكلم للمعنى، وتسمى أيضا الدلالة الاستعمالية لأن المتكلم استعمل اللفظ في المعنى قاصدا، وتسمى الدلالة التفهيمية لأنه قصد تفهيم المعنى.
  ولكن السامع يبقى عنده بعض التساؤلات:
  ومنها: هل المتكلم جاد في كلامه، هل هو مقصود له ثبوتا، أو أنه قصد مجرد جعل المعنى في الذهن من دون إرادة جدّية له، وهذه هي مرحلة المراد الجدِّي من اللفظ، وهذه هي الدلالة التصديقية الثانية.
  ولتوضيح المطلب نضرب مثلا: النكات والطرائف غير الصحيحة التي يطرحها بعض الظرفاء لإضحاك الناس وإدخال السرور عليهم، مثل نكات " جحا " وسنبينها غدا إن شاء الله تعالى.
 
 الحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo