< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

33/12/02

بسم الله الرحمن الرحیم

 تقرير الاستاذ
 هل معنى الحرف إخطاري أم ايجادي؟
 المراد من الإخطاري: هو حضور المعنى في الذهن بمجرد النطق باللفظ، أي حتى لو كان اللفظ قد تُلُفِّظ وحده من دون وجوده في تركيب كلامي.
 المراد من الإيجادي: هو أن اللفظ يوجد المعنى، كما الانشائيات، فإن العقد قبل التلفظ بصيغته غير موجود، ويوجد بعد التلفظ.
 ولا شك في عدم كون المعنى الحرفي إخطاريا بهذا المعنى لعدم وجوده في الذهن مستقلا، ولأن الموضوع له خاص وهو أفراد الرابط كما بيّنا، نعم على القول بأن الموضوع له عام يمكن الذهاب إلى كونه إخطاريا.
 أما كون المعنى إيجاديا فيمكن الاستدلال له بأمرين:
 الرواية عن أمير المؤمنين (ع) " والحرف ما أوجد معنى في غيره "
 عدم كون المعنى إخطاريا، فلا بد من الذهاب إلى كونه إيجاديا، وهو ما ذهب إليه النائيني (ره)، ولذا ذهب السيد الخوئي (ره) إلى سلب الاخطارية والإيجادية.
 ونحن نوافق السيد الخوئي (ره) على سلب المعنى، لكن هذا لا يعني عدم الإحساس بمعنى مدلول للفظ الحرف، فهذا أمر وجداني، فمدلول الحرف إخطاري بهذا المعنى، والأمر سهل.
 تقرير الطالب
 توجيه كلام الشيخ الانصاري (قده) ووضع الاسماء المبنية.
 هل معنى الحرف إخطاري أم ايجادي؟
 الكلام في الاوضاع وقلنا أن هناك أمورا يجب أن نمر عليها بسرعة، أولا لأنهم بحثوها فلا بد من بحثها ومن غير الانصاف أن لا نبحثها، وثانيا لتتوضح ماذا نستفيد من الوضع، الوضع ما هو؟ الاستعمال ما هو؟ كيفية الاستعمال؟ قد يقال أنها مجرد ترف فكري، وهو غير ذلك بل فهم جذور الوضع وكيفيته له أثر، مثلا: في مسألة إستخدام اللفظ في أكثر من معنى مثلا في " ثلاثة قروء " القرء له معنيان الحيض والطهر، فإذا قلنا بجواز استعمال واستخدام اللفظ في أكثر من معنى هذا يعني أنه إذا طلقها " يتربصّن بأنفسهن ثلاثة قروء " يعني ثلاثة أطهار وحيضات معا للإطلاق، بخلاف ما لو قلنا بعدم جواز الاستعمال إلا في معنى واحد، فيجب أن أعيّن المراد من " القروء " هل فقط الحيضات أو الاطهار. وهذا له ثمرة عملية في الفقه.
 فهذا التأسيس يؤدي بنا إلى فهم الالفاظ وكيفية استعمالها لأنه وخصوصا ما اشتهر عند بعض مؤرخي علم الاصول أنه من بنات علم اللغة فهو في الاساس مباحث الفاظ.
 وأيضا هل الهيئة يمكن تقييدها كما ذهبنا، وهناك أمور اخرى نفهم منها كيفية الوضع سنمر عليها مرورا سريعا.
 محل مسألتنا معاني الحروف هل هي إيجادية أو إخطارية، أي أن الحرف في اللغة يوجد معنى في غيره أو عندما أطلقه يخطر في بالي معنى كبقية الاسماء.
 أولا: ما المراد من الإخطارية وما المراد من الايجادية.
 الاخطار: هو حضور المعنى في الذهن عند النطق باللفظ " زيدٌ " يخطر المعنى مباشرة حتى لو كان اللفظ وحده من دون وجوده ضمن تركيب كلامي، لان الحرف مع التركيب له معنى، إذا اطلقت كلمة " في " اللفظ يوجد المعنى كما في الانشائيات، فهي قبل الانشاء لا يوجد شيء، قبل أن أقول " بعتك " لا وجود للبيع، وقبل أن أقول " زوجتك " ليس هناك تزويج، ففي الانشائيات قبل الانشاء لا يوجد شيء. وسنأتي لبعض التفاصيل في المبحث اللاحق عندما نبحث مسألة الخبر والإنشاء وما الفرق بينهما. فالإنشاء عبارة عن إيجاد شيء لم يكن موجودا فهل الحروف كذلك؟ أي التلفظ بصيغة العقد لا يوجد شيء، فهل قبل التلفظ بـ " في " يوجد لي معنى؟ كلمة " في " وحدها هل يخطر في بالك معنى أو لا؟
 لا شك في عدم كون المعنى إخطاريا بهذا المعنى، أي إذا اطلقت لفظ " في " وحدها لا يخطر شيء بناء على أن الموضوع له خاص، وذلك لأن الموضوع له خاص هو أن اللفظ " في " لا يوجد معناها إلا بعد الاستعمال، فبعد التركيب الكلامي " في " لها معنى. أما لو قلنا بأن الموضوع له عام فهو مستقل ذهنا فيخطر في البال شيء. فإذن بهذا المعنى لا شك في عدم كون المعنى الحرفي إخطاريا لعدم وجوده في الذهن، لان الموضوع له خاص وهو من أفراد الروابط كما بيّنا، نعم على القول بأن الموضوع له عام يمكن القول بأن الموضوع له إخطاريا.
 أما كون المعنى إيجاديا يمكن الاستدلال له بأمرين:
 الامر الاول: الرواية عن أمير المؤمنين (ع) " والحرف ما أوجد معنى في غيره ".
 الامر الثاني: عدم كون المعنى إخطاريا، فبالحصر إذا لم يكن إخطاريا فهو إذن ايجادي. من هنا ذهب النائيني (ره) إلى كون المعنى الحرفي إيجاديا بناء على هذا الدليل، أما السيد الخوئي (قده) ذهب إلى سلب الإخطارية والايجادية، لوجود الاشكال على الايجادي، والإخطاري يحتاج إلى الاستقلالية، الموضوع له أو المستعمل فيه خاص فهنا تكون النتيجة لا ايجادي ولا اخطاري سلب المعنيين، فالمتقوم في غيره لا يخطر في البال.
 ونحن بعد التأمل نقول أنه عند إطلاق كلمة " هل " مثلا يخطر في البال معنى لكن لا يخطر المعنى الموضوع له المعنى الرابط لأنه لا يتشخص الا بالاستعمال، فيكفي في الخطور والاحساس الذي اراه خطور ولو المتصور عندما وضعته، فإنه عندما وضعت المعنى الحرفي تصورنا معنى عاما وهو مطلق الظرفية ووضعت لأفرادها، ما المانع أن الذي يخطر في البال هو المعنى العام مع العلم أنه ليس موضوعا له ولكن يخطر في البال ما هو حاك عنه، كما لو قلت لك كلمة " الله " اسم الجلالة فماذا نتصور؟ هل هو معنى اخطاري أو لا؟ بلا شك يأتي في البال شيء، فما هو؟ هل أتصور الذات الإلهية بحدودها والعياذ بالله، فلا نتصور الذات بل نتصور أمرا حاكيا عن الذات.
 الطفل الصغير في معنى " في " لا يلتفت للوضع ويستعمله فوجد أن هذا الاستعمال في المفردات، لكن كيفية تمامية الوضع هذا يعلمها بعد نضوجه وبحثه لمعرفة التفاصيل. وكما ذكرنا سابقا في مثال " أنشبت المنية أظفارها في زيد " هذه استعارة بالكناية في علم البلاغة. هذا التعبير عندما يقال امام أي إنسان يفهم منه أنه مات أو على وشك الموت، ولكن كيف تمّ هذا الاستعمال؟ هنا شبهنا المنية بالأسد وحذفنا المشبه به وأسندنا بعض لوازم المشبه به الاظفار إلى المشبه. من يلاحظ هذا الفرق؟ بل يكفي أن الصورة تدل على الموت.
 لذلك كلمة " في " بالمرتكز العرفي لا تعنى أن لا أتصور شيئا ولا أحس بشيء بل يخطر في البال شيء ولكن لا يخطر المعنى الموضوع له. فلنقل هكذا " أن الإخطارية لها معنيان: تارة يخطر المعنى الموضوع له أو المستعمل فيه بذاته، فيصح كلام السيد الخوئي (ره) في سلب المعنيين، وتارة تكون الإخطارية بأن نحس بشيء، فأهل اللغة عند إطلاق كلمة " في " يدركون ذلك وليس كالضمة التي لا تدل على شيء. وذكرنا سابقا مثالا كما في " جاء زيدٌ " المرفوع وعلامة رفعه الضمة التي لا تدل على شيء بالدلالة بالمعنى الاصطلاحي، نعم هي تدل على الفاعلية بمعنى العلامة.
 غدا نبحث الخبر والإنشاء.
 والحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo