< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

33/06/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول/ مباحث الألفاظ

/

الشبهة االمفهومية/ اشتباه المفهوم بالمصداق

 بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين
 نعود لمسألة اشتباه المفهوم بالمصداق. سنذكر كلام الشيخ المشكيني الأول صاحب شرح الكفاية، وانصح بشرحه.
 هل ان الأصل يثبت لوازمه العرفية والعادية والعقلية كما يثبت اللوازم الشرعية؟. المشهور ان الأصل لا يثبت لوازمه غير الشرعية.
 المشكيني في حاشيته يقول: القائلين بعدم حجية الأصل المثبت، قالوا: بعدم ثبوت الآثار الشرعية للأصل مراده ان الآثار الشرعية تثبت، لكن الآثار الشرعية الثابتة لأثر عقلي الثابت للأصل، الآثار الشرعية الثابتة للأصل بواسطة عقلية أو بواسطة عرفية أو عادية لا تثبت -. نعم استثنى بعضهم حالة واحدة وهي ما لو كانت الواسطة خفيّة، فان العرف يرى ان الأثر الشرعي قد ثبت للأصل مباشرة بلا واسطة.
 وردَّ هذا القول بان العرف ليس مرجعا في تحديد المصاديق، ولذا إذا اخطأ العرف وحكم بان الأثر الشرعي اثر مباشر للأصل وذلك لخفاء الواسطة به لا نأخذ بحكمه، لأنه ليس المرجع في ذلك.
 ذكرنا ان المرجع في كل الأمور لمن بيده الوضع، الواضع هو المرجع، المفاهيم وضعها العرف سواء كانت تعيينا أو تعينا.
 العرف مرجع في المفهوم ولذلك في مثال الماء المطلق: الماء المطلق ما يصدق عليه اسم الماء عرفا بلا قيد. هنا " عرفا " نعربها تمييز للنسبة، نسبة اطلاق اللفظ الماء إلى المعنى من حيث العرف. حينئذ حتى افهم مفهوم الماء ما معناه، عند الشك ارجع للعرف. أما إذا شككت ان هذا الماء الخارجي مطلق أو لا، لا ارجع للعرف ارجع لنفسي لأنه اصبح موضوعا، مصداق خارجي ارجع فيه إلى من يحدده وهو المكلف. ولذلك لو فرضنا انك اقتنعت ان هذا الماء مطلق، هذا السائل، والعرف كله قال ان هذا ماء مضاف، لك الحق بالوضوء بهذا الماء، أو بالعكس ان هذا الماء مطلق وأنت مقتنع بالإضافة، فتعمل طبق قناعتك فلا تتوضأ به.
  نعم العرف قد يعينني على تشخيص الموضوع الخارجي فيحصل الاطمئنان، وحينئذ اطمئناني هو المرجع في المصداق والعرف وسيلة لتحصيل الاطمئنان. العرف يكون هو المرجع في المفهوم وعند تعين المصداق وتميزه ليس للعرف دخالة.
 نعم قد يشتبه العرف في التطبيق أحيانا، وهذا هو كلام المشكيني ان العرف قد يتوهم ثبوت الأثر الشرعي للأصل بلا واسطة، فيخطئ.
  المشكيني رد هذا وقال ان العرف قد توهم واخطأ في التطبيق، لذلك كلمة " عرفا " عندما أعربناها تمييز، إذا حملت على الموضوع المصداق، العرف لا علاقة له، هذا خلل في التعبير. واذا حملت على المفهوم يكون التعبير صحيحا.
 إن قلت: ما الفرق بين العادة والعرف والسيرة والبناء والعقلاء والعقل.
 قلت: أما حكم العقلاء:
 إنما يطلق عند اجتماعهم مع بعضهم البعض، وهو ما يسمى بحكم العقل العملي، مثلا: العدل حسن حكم العقلاء، لأنه من دون البشر ليس هناك شيء اسمه عدل. الكذب قبيح أيضا حكم عقلاء. لذلك سميت بالآراء المحمودة وسماها ابن سينا التأديبيات الصلاحية. أما حكم العقل ليس كذلك بل حتى لو لم يكن احد موجود في الدنيا، مثلا: المتناقضان لا يجتمعان، وجد بشر أم لم يوجد، العقل هنا يحكم.
 وأما سيرة العقلاء:
 السيرة هي عبارة عن مسلك، فالعقلاء تارة يحكمون وتارة يسلكون، هناك أشياء يحتاجونها، من قبيل العمل بخبر الواحد، هذا ليس عرفي بالمعنى الأخص فهو عرف عام يتطابق مع العقلاء، ومثله العمل بالمشهور. فليس هناك حكم عقلائي بانه لا بد ان اعمل بهذا الأمر. ولو كان هناك حكم عقلائي انه لا بد من العمل بالخبر لا يستطيع احد ان يرفع الحكم. العدل حسن حكم والعمل بالخبر سيرة ومسلك.
 العرف قسمان تارة عرف عام وتارة عرف خاص.
 العرف العام البشرية التي تتطابق مع سيرة العقلاء.
 العرف الخاص مثل عرف أهل مكة أو أهل لبنان والعراق وكل بلد، أو عرف زمن خاص.
 العرف قد يستعمل في حكم العقلاء، وهذا نادر.
 وأما العادات:
 هي من العرف الخاص، من الظواهر الخاصة التي يكون منشؤها الحاجة، إذا ارتفعت الحاجة ترتفع العادة، ولذا لو بقيت العادات مع ارتفاع الحاجات تصبح سببا لتخلف المجتمع، وتسمى العادات القبيحة، أساس العادات ليس قبيح بالأصل، البدايات تكون بسبب منشأ ثم مع الأيام أصبحت مسلكا عند الناس وقد ينسوا الحاجة والبداية. مثلا: عادة التدخين قد تكون بداية لدوافع ثم صارت ضررا، أصبحت أمرا قبيحا اعتاد عليه الناس. العشائريات أساسها شريف وحاجة للحماية، لكن هذه الحاجة إذا انتفت أصبحت وبالا.
  الظواهر الاجتماعية وقد تكون العادات تشمل كل البشر فتكون سيرة عقلائية. والعادات عبارة عن مسلك وليس حكما.
 وأما لفظ بناء العقلاء: فقد يستعمل في السيرة وقد يستعمل في الحكم.
 ومن المهم جدا التفريق بين العادات والدين.

فالدين امر ثابت إلى يوم القيامة " حلال محمد حلال إلى يوم القيامة " والدين دائما لمصلحة الناس حتى لو لم ندرك كنهه " ان دين الله لا يصاب بالعقول " . بينما العادات منشؤها حاجات الناس، كما ذكرنا في مسألة تقديم الطعام في مناسبات الأحزان، شرعا هو ان الناس تأتي بالطعام لصاحب المصيبة ثلاثة أيام، وفي هذه الأيام بالعكس أصبحت مصيبة فوق المصيبة. والمصيبة الأكبر مسالة تقديم الدخان لزيادة أذية الناس.
 والحمد لله رب العالمين.
 
 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo