< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

33/05/05

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول/ مباحث الألفاظ /منهجية البحث/ منهجية المشهور
 بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين
 كان الكلام في الاعتراض الثاني على منهجية القدماء وهو الذي يرتبط بمباحث الألفاظ، وقلنا أن هذا الارتباط بأنه توسع في مباحث الألفاظ بما لا يرتبط بالألفاظ، مثل أقسام الحكم.
 حاول بعض الأساطين تبرير هذا التقسيم بعدة مبررات
 الأول: لا ريب في دلالة الألفاظ على هذه المعاني ومع وجود دلالة الألفاظ عليها فالمصحح لإدراجها في مباحث الألفاظ واضح هو دلالة اللفظ عليها.
 وفيه: أننا لا نسلم دلالة الألفاظ على المعاني المذكورة، يعني تقسيم الحكم إلى تعبدي وتوصلي لا دخل للفظ فيه، اللفظ قد يدل على أن هذا الحكم تعبدي أو توصلي ولكن ليس معناه أن انقسام الحكم إلى تعبدي وتوصلي ونفسي وغيري أصبح من مباحث الألفاظ.
 وبعبارة أخرى هناك فرق بين الدلالة على الانقسام والأدلة على القسم. ولذلك نحن لا نسلم بدلالة هذه الألفاظ على تقسيمات الحكم.
 فانقسام الحكم إلى تكليفي ووضعي لا علاقة له بالدليل عليه، هو ينقسم إلى تكليفي ووضعي لان الحكم إما دفع وزجر، فيكون حكما تكليفيا كالوجوب والحرمة. وإما الحكم عبارة عن هيئة وضع له أحكام فهو وضعي كالزوجية والبيع، وهذا لا علاقة له بالألفاظ سواء كان الدليل عليه لفظيا أو لبيا.
 الثاني: إن الاعتبارات الأدبية والقانونية لها نوع من الخلاقية والفعلية في النفوس والمشاعر ولا ريب أن مجرد الاعتبار بما هو لا يحقق هذه الخلاقية المطلوبة، ( مثلا أقول لك لا تترك الصلاة، تارة أقول لك إن تركت الصلاة فات كافر. المراد النهي وليس الكفر. ما الفرق بينهما، ماذا يجعل في النفس. هناك سحر للألفاظ سحر في النفس " إن من الشعر لحكمة ومن البيان لسحرا "، الاعتبار الجعل بما هو لا يجعل سحرا في النفس إلا ضمن قالب لفظي، فان حققها ضمن قالب مناسب اثر أثره في النفس).
 وفيه: هذا مسلم، لكن لا علاقة له بتقسيمات الأحكام التي ذكرتها، فاصل الإشكال عند المحقق الأصفهاني ان هذه التقسيمات لا علاقة لها بالألفاظ، أنت تقول إن هذه التقسيمات إن جعلت في قالب لفظي ما يختلف على قالب آخر، فدراسة الألفاظ لها في فهم الاعتبار. نقول: نسلم بذلك، لكن لا علاقة له بالانقسام والتقسيمات نفسها بما بحث في مباحث الألفاظ.
 الثالث: إن هناك مسلكين في علاقة اللفظ بالمعنى
 مسلك المشهور: إن علاقة اللفظ بالمعنى الإنشاء علاقة إيجاد فاللفظ في الإنشاء لا في الخبر، موجد للمعنى لا حاكيا عنه ونحن أيدنا هذا المسلك.
 مسلك السيد الخوئي: مسلك الحكاية والإبراز، أي أن اللفظ حاك عن المعنى الإنشائي ومبرزا له
 وبما أن هذه العلاقة الوثيقة موجودة بين الإنشاء واللفظ كان التعرف على هذه الاعتبارات من خلال ألفاظها الموجودة لها تعرفا دقيقا، فإن للألفاظ اثر في فهم المنشأ لأنه يعكس المعنى من ثنايا اللفظ الذي وجد به بخلاف ما لو بحث عنه مجردا عن كل خطاب ولفظ .
 وفيه: أيضا هذا أمر مسلم بل هو مهم جدا في مقام استنباط الأحكام. ونسلم بهذه الاعتبارات والثنايا ومطاوي الكلمات، فان البواعث والدواعي للإنشاء تختلف من إنشاء إلى آخر:
  فتارة تكون بداعي التشريع والقوننة، كالأدلة التي بينت الأحكام الخمسة، وهذا يفهم منه الاعتبار التشريعي القانوني، كالحج والصلاة والصوم وترك القتل.
 وتارة تأتي بداعي الاستنهاض كقوله (ع) " من بات ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم ونحن من الرواية والحديث نفهم أن الداعي هو الاستنهاض في التفكير بأمور المسلمين. وإلا لو أن رجلا يشهد الشهادتين ويصوم ويصلي ويتبع أهل البت (ع) وهو لا يفكر بأمور المسلمين، هل أصبح كافرا ليس مسلما خرج عن الإسلام. بحسب النص لو كان الداعي هو التشريع فقد خرج عن الإسلام.
  نقول: إن الداعي هو الاستنهاض وليس الداعي التشريع، إذ لو كان تشريعا لأدى إلى أحكام، ولو كان تشريعا لكان معارضا مع الأدلة الأخرى التي تقول " من تشهد الشهادتين فهو مسلم " ويجب إجراء أحكام التعارض بداية هناك حكومة أو ورود أو تخصيص أو تقيّد أو جمع عرفي، فإذا لم يكن هذه الخمسة استحكم التعارض بينهما واجري أحكام باب التعارض حسب المختار من تخيير أو ترجيح وغير ذلك.
 إن قلت: لا نفهم الاستنهاض من نفس الكلام بل من منظومة كاملة فقهية وروائية وكأنها قرائن عليها.
 قلت: إن المدعى غير ذلك، المدعى أنه من نفس الرواية إذا امتزجت بالنصوص العربية العالية جدا افهم من مطاوي الكلمات الاستنهاض، وهذا أمر مهم جدا في الاستنباط، وليس بحاجة إلى تخصيص أو تقيد، لذلك كانت الرواية الأخرى ليست مقيدة ولا مخصصة ولا معارضة، فهذه الرواية ليست في مقام تشريع.
  وتارة تكون بداعي التحقير مثلا: في الوسائل عن محمد بن علي بن الحسين، في العلل عن محمد بن الحسن عن سعيد بن عبد الله عن احمد بن الحسن بن علي بن فضال عن الحسن بن علي عن عبد الله بن بكير عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) في حديث قال: ( وإياك أن تغتسل من غسالة الحمام ففيها تجتمع غسالة اليهودي والنصراني والمجوسي والناصبي، والناصب لنا أهل البيت فهو شرهم فان الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقا أنجس من الكلب وان الناصب لنا أهل البيت لأنجس منه ) [1] .
 و يمكن لنا من مطاوي الكلمات أن نفهم أنها في مقام التحقير وليس في مقام التنجيس،لأنها تعني أن باطنه أسوء، فهي في مقام تحقيرهم وبيان الظلمة النفسية الداخلية وليس بيان النجاسة الخبثية
 
 والحمد لله رب العالمين.


[1] - الوسائل باب 11 من أبواب الماء المضاف ح 5

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo