< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

33/04/13

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول/ مباحث الألفاظ /مقدمات/ الفرق بين القواعد الفقهية والأصولية
 بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين
 التفريق السادس: هو ما طرحه بعض المتأخرين الأفاضل قال: إن مسائل علم الأصول هي الموجودة في علم الأصول ومسائل علم الفقه هي الموجودة في علم الفقه.
 بعبارة أخرى أن نطرح كل ما ذكروه من تعريفات ونلجأ إلى واقع، فيكون ما دونوه في كتب علم الأصول من مسائل هي مسائل علم الأصول، وما دونوه في كتب الفقه هي مسائل في الفقه. وبعبارة ثانية ما كان أمرا واقعا نجعله من علم الأصول حتى لو لم يكن فيه الميزات التي ذكروها، من قبيل التكرار، والاستنباط، ووقوعها كبرى وغير ذلك.
  والجواب: إن هذا التفريق إنما لجأ إليه من لجأ بعد ما عجز عن جعل ضابطة لمسائل علم الأصول. ولو فرضنا أننا ذهبنا إليه وقلنا إن هذه المسائل هي التي في الكتب، لما كان لمسائل علم الأصول حد. لان كثيرا من الأصوليين يبحثون مسائل استطرادا أو تعميما للمطلب أو توسيعا للمدارك أو غير ذلك من الدوافع، أو العلم للعلم ثم يأتي من بعدهم عالم فيدرسها ويدونها في كتاب أصولي له. فإذا تكرر ذلك صارت من علم الأصول. لأنها صارت أمرا واقعا، وهذا لا حدَّ له ولا ضابطة مثلا: مسألة أصالة عدم التزكية، بحثها بعض الأصوليين في الأصول، وكذا إذا بحثها آخرون هل تصبح مسألة أصولية؟ وهي في الواقع مسألة فقهية ذات موضوع خاص.
  سنلخص التفريقات التي ذكروها قبل أن نذكر المختار.
 التفريق الأول: هو أن الاستفادة من المسألة الأصولية من باب الاستنباط، ومن المسألة الفقهية من باب التطبيق، وذكرنا ان المقصود بالاستنباط هو التوسيط الاثباتي لإثبات حكم كلي، والتطبيق هو الاستخراج من الكلي من باب الطبيعي وأفراده.
 التفريق الثاني: إن المسألة الفقهية تُلقى إلى العامي ليستفيد منها، ولا تلقى إليه المسألة الأصولية لأنها من شأن المجتهد.
 التفريق الثالث: المسألة الأصولية هي التي تقع نتيجتها كبرى لإثبات المسألة الفقهية.
 التفريق الرابع: المسألة الأصولية هي عنصر مشترك بين كل الأبواب أو جلها، بخلاف المسألة
  الفقهية فهي خاصة بباب او بابين، ليس فيها تكرار.
 التفريق الخامس: المسألة الأصولية هي القانون الذي يعد حجة في الفقه.
 التفريق السادس: إن ما في كتب الأصول أصولي، وما في كتب الفقه فقهي.
  هذه إذن عناوين التفريقات التي ذكروها.
  بعد هذا الاستعراض، لأي تفريق نذهب، سنذهب إلى تفريق سابع واراه هو الصحيح.
 التفريق السابع: لما كانت العلوم تختلف وتنشأ بحسب الأغراض، يعني أصل تدوينها وإنشائها لغرض، وتمايزها بين بعضها بالأغراض. وحينئذ نقول: إن ما خدم غرض علم الأصول أولا وبالذات فهو أصولي، ما خدم غرض علم النحو أولا وبالذات فهو نحوي وهكذا وان استفادت منه علوم أخرى.
 لتوضيح الفكرة: نطرح عدة أمثلة
 المثل الأول: لو فرضنا أن أحدا منا لم يدرس أي كتاب أصول، وطرحت مسألة وهو يعلم الغرض الذي لأجله أنشي علم النحو وعلم اللغة وعلم الرجال والحديث وإلى آخره. اسأله مثلا أن معنى المشتق هو خصوص المتلبس؟ أو اعم من المتلبس وغير المتلبس. هو لم يدرس الأصول كليا ، أين يضع المسألة؟ طبعا يضعها في معنى اللفظ. إذن هي لغوية حتى لو أتى بعد ذلك أصولي أو فقيه أو بلاغي استفاد منها، لكن ذلك لا يجعلها أصولية.
 المثل الثاني: تطرح مسألة " الواحد لا يصدر إلا عن واحد " هذه المسألة، هل تخدم القواعد التي تمهد لاستنباط الحكم الشرعي الكلي؟ أو أنها مسألة عقلية فلسفية أو مسألة لغوية.
 تطرح كما هي؟ أولا وبالذات هي مسألة عقلية فلسفية، فإذن حتى لو بحثت هذه المسألة " الواحد لا يصدر إلا عن واحد " في عدة مباحث في كتب الأصول مباحث الأصول لان صاحب الكفاية أعلى الله مقامه اتكل عليها في عدة مواضع. إذا اتكل عليها هل أصبحت أصولية؟. قبل أن اقرأ الكفاية والقوانين والرسائل قبل كل ذلك اطرح هذه المسألة، ما نوع هذه المسألة؟ بمفردك ترى أنها مسألة فلسفية استفاد منها بعض الأصوليين لاحقا، وهذا لا يعني أنها صارت أصولية. حتى لو ابتكرها الأصولي أيضا.
 المثل الثالث: في مسألة الوضوء " إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين " . من استدل على الغسل قال: " وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم " (بالكسر) هذا يعني غسل. فأجاب الذين يقولون بالغسل، إنما كسرت للمجاورة، قاعدة نحوية، " الحمدِ لله رب العالمين" في احد القراآت، مجاورة الدال للام. أو ما ذكر في قطر الندى: هذا حجر ضب خربٍ، والمفروض أن تكون خربٌ، لأنها وصف لحجر، وحجر مرفوعة. خربٍ مجاور لضبٍ مع العلم أنها ليست وصف للضب بل وصف للجحر، هو الذي يخرب.
 فقالوا: " وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم " بالكسر وان كانت " أرجلكم " معطوفة على ما قبلها " الرؤوس " لكنها كسرت مجاورة. هذا يقتضي بحث، وهو أن هذه القاعدة النحوية المجاورة هل تشمل ما كان بين المعطوف
 والمعطوف عليه أولا؟. بعبارة أخرى وردت المجاورة في كل التجاوزات من دون فاصل، وهنا يوجد فاصل وهو " الواو " وهي كلمة مستقلة قائمة بذاتها. الكلمة: اسم وفعل وحرف. وكل ما في الأمر أنها حرف واحد. الفصل بهكذا فصل هل يمنع المجاورة أو لا؟ هل يمنع حكم المجاورة أو لا؟ بان يأخذ المجاور من أحكام المجاورة.
 هذه أصبحت مسألة استنباطية في علم النحو.
  نقول: إن المجاورة خلاف الأصل ثم إنها مفصولة بكلمة قائمة بذاتها، أين المجاورة؟. هذه المسألة لم تبحث في علم النحو وأنا اضطررت لبحثها، هل أصبحت فقهية؟ لو اضطررت أن ابحثها في علم الأصول، هل تصبح أصولية؟ بعبارة أخرى إذا تركناها بما هي مباشرة إن المجاورة تؤدي إلى حكم المجاورة، أنت كفاضل كعالم كطالب، أين تضعها؟. استفيد منها في علم الأصول لا مشكلة.
 
 لذلك المائز هو التالي: أن المسألة القضية إذا طرحت ففي أي علم توضع أولا وبالذات. لذلك مباحث الألفاظ مباحث لغوية لان الهيئة المادة عبارة عن لفظ، ولا تختلف لفظة الصعيد عن غيرها.
  أين الخلاف بين هذه النظرية وبقية النظريات، لماذا هم ذهبوا لتلك المذاهب ولم يذهبوا إلى هذا المذهب. أو ما الفرق بين هذا القول الأخير السابع وبقية الأقوال.
 نقول: عندما انظر إلى واقع الأمور ميدانيا أرى هذا الاختلاف. لأنهم نظروا إلى واقع ما كتب في علم الأصول، فاختلفت الأنظار، أما إذا نظرت لأقصى المسألة كما يقول الإمام علي (ع) " وارمي بطرفك أقصى القوم " انظر إلى أصل المسألة، العلوم دونت لغرض، مع النظر إلى أصل المسألة كل هذه التفصيلات تصبح عبارة عن ميزات تجدها لكن ليست هي الجوهر والأساس، الأساس هو الغرض. كل قضية خدمت غرضا أولا وبالذات فهي منه.
 سؤال: إذا كان هناك مسألة تخدم غرض علم الأصول وغرض علم النحو فأين تكون؟.
 الجواب: نجعلها في العلمين ولا مانع من ذلك. ليس عندنا كل مسألة لا تخدم إلا غرضا واحدا.
  وقد يشكل على التفريق خروج كثير من المسائل المدوَّنه فيه، وهو كما ترى!
 والجواب: لا نرى فيه شيئا، بل ضرورة اضبط الكتب المستقبلية.
 
 
 
 والحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo