< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

42/05/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الطلاق، تفسير مفردات رواية " خمس يطلقن على كل حال " بيان سن اليأس.

    1. الدليل الثاني على قاعدة الإمكان: " ما أمكن أن يكون حيضا فهو حيض "، أصالة الحيضيّة.

    2. نحن مع هذا الدليل إذا كانت الأصالة بمعنى الخلقة الطبيعيّة والاقتضاء، لا ما إذا كانت بمعنى الغالب.

    3. الدليل الثالث: الأخبار الواردة في جعل المتقدّم حيضا. ونقول: إن لحن الخطاب لا يبعد أن يدل على ذلك.

الدليل الثاني على قاعدة الامكان: أصالة الحيضيّة؟

    1. أصالة الحيض في دم النساء بمعنى الغالب، إذ هو الدم الطبيعي المخلوق فيهنّ عند انفجار البويضة [1] ، أما دم الاستحاضة فهو آفة.

وفيه: أن كلمة أصالة تارة يكون معناها مقتضى الخلقة الطبيعيّة، وتارة بمعنى الغالب، مرة اقول ان هناك مقتضي وهناك مانع. ومرة اقول ان طبيعة الدم الذي يخرج هذا دم حيض، فإن كانت الأصالة بالمعنى الثاني أي الغالب فلا يوجد عندي دليل على ان الغالبيّة تكون دليلا يرجع اليه. أما إذا كانت بالمعنى الأصل، أي أن الاصل بمعنى الخلقة الطبيعيّة أي ترجع إلى أصالة الصّحة والعافية والسلامة في الانسان، الأصل عدم العيب، والاستحاضة آفة. فإذا كانت المرأة في جسم سليم وصحّة وعافية وسلامة لا يكون الدم الخارج منها إلا دما طبيعيّا عاديا صحيحا ويكون الدم حيضا. هذا الكلام معقول وبيني عليه الشارع [2] .

هنا الاصل في الدم ان يكون حيضا إذا كان بمعنى طبيعة الدم، وان الأصل في المرأة ان تكون صحية سليمة غير مريضة ولا معيبة [3] . وهذا المعنى للأصالة يمكن أن يكون أمارة على القاعدة، وقد ورد ذلك في عدّة موارد في كلمات الفقهاء واستدلالهم، أما أن الأصل بمعنى الغالب كما فسروه، لا دليل على ان الغالب يكون دليلا وحجّة ومعتمدا.

لكن هذا لا ينفعنا في مقام إثبات كون الستين هو سن اليأس، هذا ينفعنا في مقام إثبات قاعدة الإمكان، أما في مقام إثبات سن اليأس شرعا فلا ينفعنا، لان المسألة تكون هكذا: " بعد إثبات سن اليأس شرعا، وبعد إمكان كون الدم حيضا لأنه على طبيعة المرأة، فهل ذلك يثبت كون سن اليأس إلى الستين؟ ".

وقد درسنا أن القضيّة الشرطيّة لا تثبت مقدّمها. نعم لو تمّ أن صاحبة الجسم السليم تحيض إلى الستين، ثم شككنا في دم أنه دم حيض أو لا، أمكن جريان القاعدة والحكم بأنه دم حيض.

إذ العام هو: " كل دم تراه المرأة دون الستين فهو دم حيض " بحسب القاعدة بانه هو الطبيعي أو بمعنى الغالب عندهم إلا ما خرج بدليل.

والخاص هو: " عدا دم الاستحاضة أو غيرها ".

فإذا شككت في كون الدم دم استحاضة، فهو شبهة مصداقيّة. ونحن نقول بجواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة. وإذا قلنا لا يجوز التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة فلا أستطيع ان أطبّق القاعدة. وهنا نستطيع ان نقول ان القدماء من باب الاستنباط يجيزون التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.

الدليل الثالث على قاعدة الإمكان الأخبار:

ج - الأخبار الدالة على جعل الدم المتقدّم على العادة حيضا معللّة ذلك بأنه ربما تعجّل بها الوقت.

نذكر منها في الوسائل: ح 1 - محمد بن يعقوب، عن الحسين بن محمد (الظاهر انه احد الثقات)، عن عبد الله بن عامر (ثقة)، عن علي بن مهزيار (ثقة)، عن الحسين ( الحسن ) بن سعيد (ثقة)، عن زرعة (ثقة وافقي)، عن سماعة (ثقة واقفي) قال: سألته عن المرأة ترى الدم قبل وقت حيضها، فقال: إذا رأت الدم قبل وقت حيضها فلتدع الصلاة، فإنه ربما تعجل بها الوقت، فإن كان أكثر من أيامها التي كانت تحيض فيهن فلتربص ثلاثة أيام بعد ما تمضي أيامها، فإذا تربصت ثلاثة أيام ولم ينقطع الدم عنها فلتصنع كما تصنع المستحاضة. [4]

من جهة السند: اولا هي مضمرة، وأن الحسين بن محمد أحد الثقات. ثم إن الظاهر أن في الرواية تصحيفا، لأن الشيخ الطوسي (ره) قال في الفهرست في ترجمة الحسن بن سعيد: " روى جميع ما صنّفه أخوه (أي الحسين) عن جميع شيوخه وزاد عليه بروايته عن زرعة عن سماعة، فانه يختص به الحسن، والحسين انما يرويه عن أخيه عن زرعة، والباقي هما متساويان فيه، وسنذكر كتب أخيه إذا ذكرناه، والطريق إلى روايتهما واحد. [5]

وعلى أية حال في الرواية لا تخلو من اعتبار.

أما من جهّة الدلالة: فقد استدل بقوله (ع): " فانه ربما تعجل بها الوقت " فانه استفيد منه قاعدة " أنه ما أمكن أن يكون حيضا فهو حيض ".

يقول الفقير إلى رحمة ربه: ربما يكون لحن الخطاب يدل على قاعدة الإمكان، لكنه خاص بما ثبت عنده قابليّة الحيض شرعا، فلا يمكن الاستدلال بها على ثبوت التحيض للمرأة إلى الستين، إذ العرش ثم النقش.

الدليل الرابع على قاعدة الإمكان:

د- ومما استدلوا به الأخبار الدالة على ترتب أحكام الحائض بمجرّد الدم.

 


[1] فائدة علميّة: الحيض: كل انثى عندما تولد يكون عندها حوالي اربعمئة بويضة، وعندما تبلغ الفتاة تتجهّز البويضة لاستقبال الحيوان المنوي، تنزل البويضة من المبيض عبر قناة فيلقحها الحيوان المنوي في هذه القناة، ثم تنزل إلى جدار الرحم لأن الرحم يكون مهيئا لاستقبال البويضة الملقّحة، فيصبح جدار الرحم عبارة عن اوعية دمويّة حاضنة ومغذية للبويضة، فعند التلقيح تنزل البويضة إلى الجدار وتتغرز فيه وتنمو حتى تصبح جنينا ثم طفلا. إذا لم تتلقّح تنزل البويضة وتنفجر ومعها ينزل كل الجدار الذي صنع داخل الرحم لأجل تغذية الجنين، هذا الدم هو دم الحيض، فهو ليس جرحا وليس مرضا، بل هو حالة طبيعيّة. وبعد نزول هذا الجدار بعدّة ايام يبدأ الرحم من جديد يهيء نفسه للبويضة الأخرى التي ستأتي غالبا بعد شهر، وهذا الدورة تبقى إلى سن اليأس.
[2] ولذلك قلنا ان أصالة اللزوم في العقود ليست بدليل الآية: " اوفوا بالعقود " فإنها لا تدل على اللزوم ابدا، ولا بالاستصحاب، نعم الآية تدل على الصحّة باللازم، نعم انا استدل على أصالة اللزوم في العقود بان طبيعة العقد اللزوم، فأساس العقد هو الارتباط إرادتين المستمر بين المتعاقدين، عدم الاستمرار يحتاج إلى دليل، ولذا قلنا بأن الأصل اللزوم في العقود.
[3] الامام (ع) عرف العيب: " كل ما زاد أو نقص فهو عيب ".

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo