< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

41/06/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الطلاق. شروط المطلّق.

     الشرط الثالث في المطلّق الاختيار.

     الفرق بين المضطر والمكره والمجبر.

     المضطر كالذي يشرب الخمر لسد عطشه مع عدم وجود ما يسدّه، فهو قاصد مختار. المجبر: كمن اوجر في فمه لا قاصدا ولا مختارا.

     فعل المكره يحتاج إلى الرضا لتصحيحه بمعنى ليكون له أثر.

     العقود والايقاعات من الامور الاعتبارية العرفية، ويشترط في تحققها إنشاءا مجرد القصد اليها، وهكذا شرعا، ولذا فليس عقد النائم بعقد، اما عقد المكره فهو عقد لكن تأثيره يحتاج إلى الرضا.

الشرط الثالث في المطلق الاختيار:

وهنا نقاط:

الاولى: في الفرق بين المضطر والمكره والمجبر.

أما المضطر: فهو قاصد بل ومختار، لكن عنوانا آخر وملاك آخر زاحم الملاك الاصلي، ولذا صحح الفقهاء فعله ان كان من المعاملات، واسقطوا عنه الاثم إن كان فيه إثم من العبادات أو المعاملات، والمعاملات بالمعنى الاعم، أي الشاملة للعقود والايقاعات وغيرها كشرب الخمر، وذلك لمكان القصد والاختيار. فان قوله (ع) في حديث الرفع " وما اضطروا اليه " قد ورد مورد المنّة على المكلّفين، ومن المنّة رفع العقوبة وليس من المنّة ابطال العمل، فلو باع رجل أرضا له بسعر رخيص اضطرارا لحاجته لبعض المال، فان البيع صحيح لحصول القصد والاختيار، ولكون ابطال عقد البيع خلاف المنة، ولا إثم عليه إن كان فيه إثم.

وهذه النكتة لها ثمرة مهمة في الاستنباطات، مثلا: " رفع عن امتي ما لا يعلمون " لا تشمل المستحبات، بل تشمل فقط الالزاميات والسبب في ذلك انه ليس في رفع المستحب منّة، بالعكس ففي المستحب تكون المنّة في عدم رفعه.

ولو اضطر إلى شرب الخمر دفعا للعطش لعدم وجود ما يروي ظمأه، ارتفع عنه التكليف فعليا، وبقي انشائيا، ومعه ارتفعت العقوبة، مع حصول شرب الخمر وبقاء حرمته إنشاءا.

قد يقال كيف يقال بالصحة والحديث المشهور" رفع عن امتي تسعة امور: وما اضطروا اليه وما استكرهوا عليه "، إذا كان مضطر ورفع القلم عنه يعني ان العمل باطل.

فانه يقال: صحة العمل تابعة لثبوت الملاك، وثبوت الحكم إنشاءا. ولذا فالعمل المضطر اليه صحيح، اما الإثم والعقوبة فانها تابعة لوصول الحكم إلى مرحلتي الفعلية والتنجيز، والفعلية لا تتحقق مع وجود ملاك آخر مزاحم، والعقوبة مترتبة على التنجيز، ولذا تحكم بصحة عمل المضطر من دون حصول إثم وعقوبة.

واما المكره: فهو القاصد الفعل، لوجود ملاك آخر غير الاصلي يلجئه إلى الفعل، كالخوف على الحياة أو على المال، وهذا كالمضطّر في ارتفاع التكليف الفعلي في حقة، كمن اكره على الافطار في شهر رمصان وهدّد بالقتل ان لم يفطر، حصل للصادق (ع) في بعض الروايات. الذي يفطر في شهر رمضان له ثلاث حالات: تارة مضطر قاصد مختار، تارة يكره على الافطار وهو القاصد غير المختار، وتارة يوجر في فمه الطعام وهو المجبر، وان استعمل الاجبار والاكراه في معنى واحد كثيرا. في الحالة الاولى والثانية يفطر لانه هناك نوع من الاختيار، اما الثالثة مسلوب الارادة والاختيار لذلك لا يفطر.

وكذلك يكون فعله باطلا فعليا، كمن أكره على بيع ارضه مهددا بالقتل، لكن يمكن تصحيح عمله بالرضا بعد ذلك لان العمل تمّ في مرحلة الانشاء.

فعل المكره من حيث الصحة والبطلان؟

فالمكره قاصد لفعله فهو مسلوب الاختيار وليس مسلوب القصد، ولذا فعقد البيع قد تمّ إنشاءا لحصول القصد، فهو ليس كالنائم الذي لا قصد له وان وقع منه التلفظ بالعقد، فعقد النائم باطل اساسا اي في مرحلة الانشاء، وعقد المكره صحيح في مرحلة الانشاء، لان القصد قد تمّ منه لكن أثره يتوقف على الرضا من البائع والمشتري، أي على فعلية العقد.

الفرق بين مرحلة تاسيس العقد ومرحلة الأثر:

العقد من الامور العرفية، فكما لا يصح العقد عرفا من النائم، كذلك لا يصح شرعا. نعم الأثر لا يتم إلا بعد الرضا، ولذا، ذكرنا سابقا أن الرضا من المتعاقدين شرط في التأثير لا شرط في الانشاء والصحة. ومن هنا الفرق بين احكام المكره واحكام المجبر (على تفسير الجبر وهو مسلوب القصد والارادة كليا ).

واما المجبر: فهو غير القاصد للفعل، ولا يريده، اي مسلوب القصد والاختيار،كمن اوجر في حلقه ليفطر، فهذا غير آثم وعمله غير صحيح لاإنشاء ولا فعليا. وذلك لان شرط صحة الفعل في مقام الانشاء قصده، ولذا كانت جميع افعال النائم لا قيمة لها، لا إنشاءا ولا فعليا. وهذا القسم لا يمكن تصحيحه، بينما المكره لو عقد ثم رضي صح، لان الانشاء يحتاج في صحته إلى قصد ولا يحتاج إلى اختيار، ولذلك امكن تصحيحه، بينما النائم لا يوجد قصد اساسا أي لا يوجد عقد بل لقلقة لسان فكيف نصححه. التفريق بين عالم الانشاء وعالم الفعلية والآثار، في الاكراه يمكن تصحيحه بالرضى، لذلك عقد الفضولي صحيح لان العرف لا يرى في بيع النائم انه بيع اصلا، بينما بيع المكره بيع إذا رضي صح.

ملاحظة: قد يستعمل الاجبار بمعنى الاكراه، وهو كثير، وقد يدّعى الترادف بينهما لكن إذا لاحظنا اللفظ في بعض اللغات الاخرى غير العربية القريبة منها في المنشأ مثل: جبرائيل – الذي يعني في السريانية عبد الله – حيث إن الجبر يعني العبودية الحقيقية التكوينية، أي سلب الارادة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo