< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

39/03/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : الرضاع.

     بيان عدم دخالة الشروط المذكورة في مفهوم الرضاع.

     الرضاع مفهوم عرفي لا شرعي. ولذا تجري أصالة الاطلاق لطرد الشروط في مرحلة الاصل اللفظي.

قبل ان نكمل لا باس بالجواب على سؤال لاحد الاخوة وان ذكرنا السؤال والجواب سابقا في دروس سابقة، لكن لا بأس بالتذكير لأهمية المطلب.

والسؤال هو التالي: هل يعتبر الرضاع المستوفي للشروط والذي ينشر الحرمة رضاعا شرعيا؟

ما هو المراد من هذا التعبير " رضاعا شرعيا "؟ هذه المسألة مذكرة كثيرا في كتب الفقه وكثير من الاخوة سألوا عنها، هل هناك شيء اسمه مثلا نكاح شرعي، زواج شرعي، طلاق شرعي، شهر رمضان شرعي، هذه التعابير صحيحة او لا؟

والجواب: إن الشروط المأخوذة في الاحكام على قسمين: شروط مأخوذة في المفهوم وشروط مأخوذة في الحكم.

والمراد من القسم الاول هي الشروط التي لا يتم صدق العنوان بدونها، لكونها دخيلة في المفهوم، وبذلك تكون الشروط دخيلة في الموضوع له اللفظ شرعا، أي يكون للشارع اصطلاح خاص في اللفظ ويكون اللفظ منقولا شرعيا. وتطبيقا لذلك يكون الرضاع منقولا شرعيا، نقل من المفهوم اللغوي العرفي للرضاع إلى مفهوم خاص شرعي وهو المشتمل على الشروط. بعبارة اخرى يصبح للرضاع حقيقة شرعية.

والمراد من القسم الثاني هو الشروط الدخيلة في متعلّق الحكم أي الشروط المأخوذة لثبوت الحكم من دون دخالة في المفهوم، وبذلك يبقى اللفظ على ما هو عليه عرفا، ولا يوجد أي نقل، ولا حقيقة شرعية، بل يبقى اللفظ على الحقيقة العرفية. وتطبيقا لذلك على مسألتنا يكون لفظ الرضاع موضوعا للمعنى العرفي، والشروط أخذها الشارع بثبوت حكم نشر الحرمة، فيكون الرضاع صادقا شرعا على قسمين: قسم مستوف للشروط فينشر الحرمة، وقسم غير مستوف فلا ينشرها وإن كان يسمى رضاعا.

والثمرة تكون عند الشك في اشتراط شيء كالمص من الثدي، او كونه عن وطء شرعي إلى آخره.

فان قلنا بالحقيقة الشرعية للرضاع أي أن الشرط دخيل في المفهوم، فلا يصدق عنوان الرضاع إلا مع تحقق الشرط، وحينئذ لا نحكم بنشر الحرمة إلا بعد تحقق الشرط.

وأما إن قلنا بالحقيقة العرفية للرضاع، فان الرضاع عرفا يصدق بلا تحقق الشرط، فإذا شككنا في اشتراط الشرط اجرينا اصالة الاطلاق وذلك في مرحلة الاصل اللفظي، وطردنا الاشتراط بها، وهو اصل لفظي مقدم على الاصل العملي. ذكرنا هذا الكلام في مسألة ولد الزنى عندما قال في الجواهر انه ليس بولد شرعي، هذا التعبير غير سليم، وكذلك في التعبير لشهر رمضان انه شهر رمضان الشرعي، وقلنا في حينها إنه ليس هناك نقل شرعي، ولا حقيقة شرعية للشهر، لا يزال المفهوم الموضوع له الشهر هو الشهر العرفي اللغوي القديم، نعم ورد في الحديث بعض طرق الاثبات من رؤية أو تطويق أو عدد. فليس لشهر رمضان حقيقة شرعية، ولا هو منقول شرعي، فلا يصح التعبير عنه بالشهر الشرعي والمراد حينئذ انه الذي يبدأ بالرؤية وينتهي بالرؤية، بل شهر رمضان هو نفس الشهر العرفي الذي كان متداولا عند العرب، نعم ورد بعض الروايات في إثباته، ولا يعني دخالتها في مفهوم الشهر عرفا. إذن يجب ان نحقق مسألة وهي " ما هو الشهر العرفي "، أما إذا قلنا انه شرعي اصبحت كل الشروط دخيلة في المفهوم، وعندما يكون امرا له دخالة في المفهوم يجب ان اطبق العنوان.

وحينئذ إذا كان اللفظ شرعيا اطبق اللفظ الشرعي، ومع الشك في دخالة الشك لا استطيع إجراء أصالة الاطلاق لعدم صدق العنوان حينئذ، فلا استطيع طرد الشرط. أما إذا كان المعنى عرفيا ينطبق العنوان، فاستطيع إجراء أصالة الاطلاق بعد تمامية مقدمات الحكمة وهي ثلاثة: أن يكون في مقام بيان، وأمكن أن يبيّن، ولم بيّن.

الثمرة تكون هنا وهذا الامر احببت ان اكرره لما له الاثر الكبير في الفقه، وفي الاستنباط، واصالة الاطلاق، وفي التعبيرات، وقد ذكرنا ذلك في مسألة ولد الزنى وغيره. وهذا الخلل في التعبير موجود كثيرا.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo