الموضوع : الرضاع.

    • وقت الرضاع.

    • أدلة اشتراط الحولين – أي السنتين – لنشر الرضاع الحرمة.

    • استعراض الروايات.

    • وجود رواية معتبرة معارضة.

نكمل الكلام في اشتراط وقت الرضاع وقلنا ان يجب ان يكون في الحولين، والكلام في دليل هذا الاشتراط اولا، وثانيا في معنى الحولين الذي ذكره بعض الاخوة انه ليس بمعنى السنتين بدليل ان في الزكاة لا يشترط في وجوب إخراجها تمام السنتين بل تجب بتمامية الشهر الحادي عشر، وان الحول ليس معناه السنة او العام، وهناك فرق بين العام والحول، فصار مفهوم الحول يختلف.

وقت الرضاع المحرّم:

اما اشتراط ان يكون عمر الرضيع لا يزيد عن السنتين فذلك لقوله تعالى: ⁾ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ⁽ [1] وقوله تعالى: ⁾ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ⁽ [2] ، قالوا من جمع الآيتين نستنتج بان اقل الحمل ستة اشهر، والاستنتاج كان: لما اراد ان يتم الرضاع يكون بالحولين، أي ان اكثر الرضاع حولين. فيكون اقل الحمل ستة اشهر حتى يمكن جمعها مع ثلاثين شهرا، يعني تمام الرضاع بابن الستة اشهر ثلاثين شهرا، اربع وعشرين شهرا رضاع والفصال لقوله تعالى: " وفصاله في عامين " فيكون المجموع ثلاثين شهرا. بجمع الاثنين نرى انه لا بد من الذهاب إلى ان اقل الحمل ستة اشهر. هذا بالنسبة إلى استنتاج الستة اشهر من الآيتين. والقرآن قال ان الرضاع حولين كاملين. وفي هذا الاستنتاج وردّ روايات عديدة عند الخاصة والعامة.

اما الروايات فعديدة يجمعها ان الذي ينشر الحرمة هو ما كان قبل سن الفطام، ما معنى فطام؟ هو ما بعد الحولين وليس المراد الفطام اللغوي أو ما يتداول عند الناس الذي هو الانتقال في تغذية الطفل من حليب الام إلى شيء آخر.

ذكرنا الرواية الاولى انه لا رضاع بعد فطام والسند صحيح.

وفي ح 4 - وعن محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن الفضل بن عبد الملك، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الرضاع قبل الحولين قبل أن يفطم. [3]

من حيث الدلالة: هذه تعيننا في تفسير معنى الفطام. الرضاع قبل الفطام ينشر الحرمة وما بعد الفطام لا ينشر الحرمة. وما معنى الفطام، هذه الرواية وكذا الرواية الثالثة والخامسة تعيننا على ذلك.

ح 5 - وعنهم (محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عدة من أصحابنا)، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا رضاع بعد فطام قلت: وما الفطام قال: الحولين الذي قال الله عز وجل. محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن يعقوب مثله وكذا الذي قبله.

من حيث السند: صاحب الوسائل اراد ان يبين ان الرواية ذكرت من أكثر من طريق، فقد رواها الطوسي كما رواها الكليني، وهذه تقوية للرواية. نعم في سندها سهل بن زياد.

فإذن في الحديث الرابع والخامس ذكر الحولين فما معنى الحولين، السنتين او احدى عشر شهرا كما قال بعض الاخوة، قلنا ان معنى الحولين السنتان بدليل الآية القرآنية " ثلاثون شهرا "، وقد صرّح بذلك بعض الروايات منها:

ح 6 وهي موثقة علي بن اسباط توضح ذلك حين يصرّح بالسنتين : وبإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن أبي عبد الله (البرقي ثقة)، عن علي بن أسباط (ثقة فطحي) قال: سأل ابن فضال ابن بكير في المسجد فقال: ما تقولون في امرأة أرضعت غلاما سنتين ثم أرضعت صبية لها أقل من سنتين حتى تمت السنتان أيفسد ذلك بينهما؟ قال: لا يفسد ذلك بينهما لأنه رضاع بعد فطام وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا رضاع بعد فطام أي انه إذا تم للغلام سنتان أو الجارية فقد خرج من حد اللبن ولا يفسد بينه وبين من شرب " يشرب منه خ ل " لبنه قال: وأصحابنا يقولون إنه لا يفسد إلا أن يكون الصبي والصبية يشربان شربة شربه. أقول: استدلال ابن بكير ضعيف مخالف للاحتياط والعمومات تدفعه.

ومن جهتي اقول: إن الظاهر من كلام ابن بكير هو ان اللبن المحرّم هو ما ارتضعا من ثدي واد معا في نفس الزمان، وهو الظاهر من قوله: " شربة شربة " فلا يتم اعتراض صاحب الوسائل (ره).

من حيث السند:

من حيث الدلالة: فهي صريحة في كون الرضاع سنتين، ولازمه أن الحولين بمعنى السنين. [4]

ح 8 - وبإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن الحسن بن حذيفة بن منصور عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرضاع فقال: لا يحرم من الرضاع إلا ما ارتضعا من ثدي واحد حولين كاملين. ورواه الصدوق بإسناده عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام. أقول: حمله الشيخ على أن قوله حولين ظرف للرضاع يعني في أثناء حولين كاملين لما تقدم.

ح9 - محمد بن علي بن الحسين قال: قال النبي صلى الله عليه وآله لا رضاع بعد فطام ومعناه انه إذا رضع حولين كاملين ثم شرب من لبن امرأة أخرى ما شرب لم يحرم الرضاع لأنه رضاع بعد فطام.

ح10 - وبإسناده عن عبيد بن زرارة، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يحرم من الرضاع إلا ما كان حولين كاملين. أقول: قد تقدم الوجه في مثله.

ح 11 - وبإسناده عن حماد بن عمرو وأنس بن محمد، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام قال: يا علي لا رضاع بعد فطام ولا يتم بعد احتلام.

ح12 - محمد بن محمد المفيد في (المقنعة) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا رضاع بعد فطام ولا يتم بعد احتلام. [5]

وفي الباب رواية مخالفة ومعارضة وهو ح 7 – وعنه ( عن علي بن ابراهيم، عن ابيه) عن محمد بن الحسين، عن العباس بن عامر، عن داود بن الحصين عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الرضاع بعد الحولين قبل ان يفطم محرم. [6] ورواه الصدوق بإسناده، عن داوود بن الحصين مثله إلا أنه قال: يحرم. أقول: حمله الشيخ على التقية لأنه مذهب لبعض العامة ويحتمل الحمل على الانكار.

من حيث السند: رواية معتبرة. داوود بن حصين ذكر الشيخ الطوسي (ره) انه واقفي، وقلنا كونه من الواقفة لا يخدش في وثاقته.

من حيث الدلالة: هذه الرواية معارضة لتلك الروايات. وعبارة: " ويحتمل الحمل على الانكار " أي حمله على الاستفهام الاستنكاري [7]

غدا ان شاء الله نبين هذه المعارضة.