< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

39/01/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الرضاع.

     شروط تحريم الرضاع.

     الاصل اللفظي هو الاطلاق المقيّد بخصوص الوالدة.

     ما خرج من هذا الاصل.

     حكم اللبن من دون وطء.

     حكم اللبن من دون ولادة.

     حكم اللبن المستند إلى وطء شبهة.

وسيلة المتفقهين ص 292: أولاً: أن يكون اللبن ناشئا عن نكاح صحيح أو وطء شبهة، ذلك أن أدلَّة تحريم الرضاع تشمل بإطلاقها كل أنواع اللبن سواء كان ناشئا عن حرام أم حلال، والخروج عن الإطلاق يحتاج إلى دليل والقدر المتيقن من اللبن المحرِّم هو ما كان عن وطء صحيح.

إذن نحتاج قبل الادلة الخاصة تأسيس الاصل، عندنا أصل لفظي وأصل عملي. الاصل اللفظي مقدم على الاصل العملي هو: " كل لبن الاصل فيه ان يكون محرِّما " كما قال صاحب الجواهر إلا ما خرج بدليل. إذن القدر المتيقن من اللبن المحرم ما كان عن وطء صحيح. اما المشكوكات فتندرج تحت الاصل اللفظي: " مثلا: لو كان الرضاع من حليب عن زنى، نقول: وكل ما حرم بالنسب حرم بالرضاع، وهذا رضاع فصار محرما.

ذكر صاحب الجواهر (ره) ان الاصل اللفظي هو اطلاق فيشمل الكل. في الكتاب: " الوالدات يرضعن اولادهّن " وفي الروايات: " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " هذا اطلاق. فصار: "كل لبن يحرّم إلا ما خرج بدليل " . القدر المتيقن هو الوطء الصحيح.

وقد ذكرنا سابقا قاعدة متصيده اسسناها وبنينا عليها ولها ثمار كثيرة وهي: " أن كل لفظ ورد في نص، فهذا اللفظ معتبر بكامل شراشيره وأجزائه وشرائطه حتى العرفية منها، وما كان معتبرا عرفا اعتبر شرعا إلا ما خرج بدليل ". والمعنى العرفي يتم بكامل اجزائه وشرائطه بأكملها. وهنا " الوالدات يرضعن اولادهّن " " يرضعن " كلمة عرفية ليس في الرضاع أيّ معنى شرعي ليس هناك حقيقة شرعية، فإذن نبقى على الرضاع بالمعنى العرفي الذي يشمل كل اصناف الرضاع سواء كان عن ولادة وعن زنى وعن عدم دخول، الرضاع هو امتصاص اللبن من ثدي المرأة.

ولذلك قالوا ان الرضاع مأخوذ من النصوص فكل رضاع صار محرما إلا ما خرج بدليل.

لنا هنا تعليق: ان الاصل اللفظي هنا هو الاطلاق وهذا صحيح ولكن هو ما كان عن والدة وليس عن عقد او وطء صحيح فقط يقول في القرآن الكريم: " والوالدات يرضعن اولادهن حولين كاملين " كلمة " اولادهن " يعني أن الرضاع من ولد، فالمرأة العزباء ليس من المعلوم أن الرضاع منها يحرّم. فقيد عن " ولادة " يمكن ان يكون واردا وليس عن مطلق الرضاع.

أما قوله (ع): " يحرم الرضاع ما يحرم من النسب " فليس في مقام الاطلاق أو بيان شمول الافراد وعدمه، بل في مقام بيان الحكم. وقد ذكروا في علم الاصول أن من مقدّمات الحكمة أن يكون المتكلم في مقام بيان.

أما الباقي:

- قيل بخروج اللبن الناشيء عن عقد صحيح ولكن من غير وطءٍ، كما لو أراق ماءه على باب رَحِم زوجته من دون دخول، ووجهه إنصراف [1] دليل الرضاع إلى خصوص الفرد الغالب وهو ما كان عن دخول.

وفيه منع الانصراف هنا، ولأنه لو تمَّ فهو بسبب كثرة الوجود وهو يزول بعد التأمل.

- خروج اللبن من دون ولادة للنصوص الوسائل ج 14 ب 9 من أبواب ما يحرم بالرضاع.

1 - محمد بن يعقوب، عن حميد بن زياد (ثقة كثير التصانيف)، عن الحسن بن محمد (بن سماعة)، عن أحمد بن الحسن الميثمي (ثقة واقفي)، عن يونس بن يعقوب (ثقة)، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن امرأة در لبنها من غير ولادة فأرضعت جارية وغلاما من ذلك اللبن هل يحرم بذلك اللبن ما يحرم من الرضاع؟ قال: لا. ورواه الصدوق بإسناده عن محمد بن أبي عمير، عن يونس بن يعقوب مثله.

من حيث السند: موثقة. وصريحة في عدم التحريم.

2 - محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن عبد الله بن جعفر عن موسى بن عمر البصري، عن صفوان بن يحيى، عن يعقوب بن شعيب، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: امرأة در لبنها من غير ولادة فأرضعت ذكرانا وإناثا أيحرم من ذلك ما يحرم من الرضاع ؟ فقال لي: لا. [2]

من حيث السند: صحيح، وصريح في عدم التحريم.

- قيل بخروج ما كان عن وطء شبهة كذلك للإنصراف إلى الوطء العام، ولا وجه له بعد ثبوت موضوع التحريم وهو الرضاع.

- قيل بخروج اللبن الناشيء عن حرام، بناء على رواية نقلها في المستدرك عن دعائم الأسلام " لبن الحرام لا يحرِّم الحلال " مستدرك الوسائل عن جعفر بن محمد ( عليهما السلام )، أنه قال: " لبن الحرام لا يحرم الحلال، ومثل ذلك امرأة أرضعت بلبن زوجها ثم أرضعت بلبن فجور، قال: ومن أرضع من فجور بلبن صبية ، لم يحرم من نكاحها ، لان اللبن الحرام لا يحرم الحلال " [3] . وفي الدعائم: " ( 916 ) وعنه ( ع ) أنه قال: لبن الحرام لا يحرم الحلال، ومثل ذلك امرأة أرضعت بلبن زوجها رجلا، ثم أرضعت بلبن فجور. قال: من أرضع من لبن فجور صبية لم يحرم نكاحها، لان لبن الحرام لا يحرم الحلال ". [4]

وفيه: أن الرواية مرسلة. فإن تمَّ إجماع كما نقل عن الجواهر فهو الدليل، وإلا رجعنا إلى أطلاق الرضاع خصوصا أن ولد الزنى ولدها انتسابا.

غدا ان شاء الله نكمل الرواية.

 


[1] قلنا ان الانصراف هو انسباق. وقلنا ان الانسباق تارة تبادر وتارة انصراف. الانصراف هو انسباق اللفظ لبعض افراده لكثرة الاستعمال او لكثرة الوجود، لكن قلنا ان الانصراف هو التصاق الفرد التصاقا وثيقا بالمفهوم بحيث انه إذا ذكرنا المفهوم يحضر المعنى. فمع التأمل احيانا لا يحصل انصراف بل يزول.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo