< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

38/08/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : نفقة الزوجة والاقارب.

     هل يجب التكسب للنفقة على الزوجة.

     إذا لم يتكسب هل يجب عليه الاستدانة.

     إذا امتنع الزوج من الانفاق هل للحاكم اجباره.

قلنا أمس أن اسقاط ما لم يجب أمر وجداني، لا يجوز عقلا إسقاط المعدوم، لكن ليس اسقاط ما لم يجب دائما محالا. فأما إذا كان له نوع من الوجود والثبوت وذلك بثبوت مقتضيه أو بثبوت علاقة موجودة ومثلنا أمس لذلك بالعقد الفضولي باشتراط وجود علاقة ما كافية لتصحيح العقد ولانطباق عنوانه على ما تمّ إنشاؤه. وهذا الوجود كاف للإسقاط ولذلك كان كافيا لجعله شرطا من قبيل قولها زوجتك نفسي على ان لا تنفق عليّ وقد اسقط حق النفقة. مع أن النفقة مستقبلية، وهذا الشرط صحيح.

لكن قد يقال: انه لم يخسر شيئا، إذ أنني أسقطت نفقة مستقبلية غير ثابتة.

لكن نقول: انه قد خسر شيئا عند ثبوته وتمامية موضوعه، وهذا كاف للإسقاط، لان الاسقاط مسألة عرفية محضة وليست مسألة عقلية. وهذا النوع من الوجود وهو الوجود بالقوة – لو شئت تسميته – كاف للإسقاط.

وفي مسألتنا لا يقال: إن الزوجة لم تخسر شيئا بالإسقاط إذا لم يكن في الذمة تاما، فهو ابراء الذمة عن شيء معدوم.

فإنه يقال: هو معدوم فعلا، لكنه موجود شأنا وبحكم الموجود، وذلك لوجود مقتضيه فهو موجود بالقوة وإن لم يكن موجودا بالفعل. الا ترى جواز اشتراط إسقاط النفقة في متن العقد، مع العلم أن فعلية حق النفقة لم تتحقق بعد تماما.

المرحلة الثالثة: مرحلة تحقق الموضوع بكامل أجزائه فيكون قد تحقق بالفعل، وحينئذ لا شك في جواز اسقاط النفقة، فإنه من اسقاط ما قد وجب.

مسألة: إذا لم يكن للزوج مال ينفق منه على زوجته، وكان يتمكن من الكسب [1] وجب عليه عقلا من باب المقدمة العقلية لتوقف الامتثال عليه، فالكسب واجب حينئذ عقلا لا شرعا لعدم وجوب المقدمة شرعا. ولذا لو لم يدفع لها النفقة أثم إن كان عاجزا.

وهل يجب عليه الاستدانة؟

فإذا كان يعلم أنه قادر على الوفاء فالظاهر وجوب الاستدانة عليه عقلا، إذ لا يعدّ معها عاجزا عن الانفاق، وكذا لو احتمل عدم التمكن، فلا يسقط وجوب النفقة ولا الاستدانة لها لصدق القدرة وعدم المانع، وإن استشكل بعضهم [2] . نعم لو علم عدم التمكن ففيه إشكال للزوم الحرج الرافع للقدرة شرعا، والظاهر ايضا عدم وجوب النفقة، إذ وجوبها فعلي، وحينئذ يخيّر بين الاستدانة والانفاق وبين الطلاق.

مسألة: نفقة الاقارب تكون في أي مكان يريده المنفق، لأنها سدّ خلّة وحاجة، بشرط عدم المانع وعدم العذر الشرعي، من عسر أو حرج أو حرّ أو برد، أو عدم لياقة أو غير ذلك مما يتصور.

مسألة: إذا امتنع الزوج عن النفقة كان للحاكم إجباره. وإن كان له مال ظاهر جاز أن يأخذ منه ما يصرف في النفقة، وهذا في الزوجة واضح لان النفقة من شؤون العقد أو تمليك على المشهور. اما في نفقة الاقارب فهي مجرد حكم تكليفي يحتاج إلى إذن الحاكم الشرعي لتنفيذه، وهنا يجب ان نلاحظ صلاحيات الحاكم ما هي وما هو شمولها؟ فإذا قلنا انها من صلاحياته وهو الارجح، لان الحاكم من واجبه تنفيذ الحكم الشرعي وهذا حكم، حينئذ يجوز له إجبار الممتنع عن النفقة.

إلى هنا نكون قد انتهينا من نفقات الزوجة والاقارب الانسان بشكل عام، يبقي نفقات الحيوان نتركها للعام الدراسي القادم ان شاء الله. والحمد لله على ما رزقنا في هذا العام من أبحاث ودراسة، وأقول لكم: آفة العلم النسيان فعليكم بمذاكرة ما درستم، وعقوق العلم عدم العمل به.

اعاد الله عليكم كل المواسم الدراسية بالخير واليمن والبركة وأن يجعل ذلك طاعة لله.


[1] الكسب مقدمة لتحصيل النفقة والنفقة واجبة، هل يصبح الكسب واجبا شرعا؟ قلنا ان المقدمة شرعا غير واجبة منحصر او غير منحصرة.ومعنى الوجوب العقلي دون الشرعي للمقدمة هو حصول المعصية والاثم عند عدم الانفاق ولو لم يكن قادرا على ذلك في زمنه.
[2] السيد كاظم اليزدي (ره) في العروة يقول: ولو احتمل عدم التمكن فيه اشكال. وانا لا ارى فيه اشكالا وعليه الاستدانة عقلا. هناك ثلاثة حالات: إما أن أعلم بإمكان الوفاء فيجب الاستدانة عقلا لصدق التمكن وعدم المانع، وإما أن احتمل فكذلك، أما لو اطمأن بعدم إمكان الوفاء فلا تجب الاستدانة للزوم الحرج عليه الرافع للقدرة شرعا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo