< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

38/06/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : نفقة الزوجة.

     هل تجب النفقة بالتمكين؟

     دليل من قال بوجوب النفقة بالعقد: إطلاق أدلة النفقة.

     أدلة من قال بوجوب النفقة بالتمكين: ثمانية وجوه.

نكمل الكلام في سقوط النفقة بالنشوز.

الدليل الرابع: ان النفقة تجب بالتمكين، لا بمجرد العقد، ولذا فمع عدمه تسقط النفقة. وهو كلام وجيه لو كانت النفقة تجب بالتمكين ولكنه محل كلام بل منع. ولننقل الكلام إلى هذه المسألة: هل تجب النفقة بالعقد أو بالتمكين؟

ولهذا الكلام ثمار متعددة.

دليل من قال بوجوبها بالعقد إطلاق ادلة وجوب النفقة، كقوله تعالى: ( وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) [1] فلم يقيّد بعدم النشوز ولا بغيره. وفي الحديث: " من يلزمني نفقته؟ قال: الزوجة والولد " [2] فلم يقيّد الزوجة بقيد.

وهذا الاطلاق أصل لفظي مقدّم على الاصول العملية [3] ، فهو مقدّم على أصل البراءة من النفقة عند الشك كما سيأتي.

أما دليل من قال بوجوبها بالتمكين:

بداية اطلاقات الادلّة تدل على وجوب النفقة بالعقد ولا تصل النوبة إلى الأصل العملي وهو أصالة عدم وجوب النفقة بمجرد العقد، أي أصل البراءة منها، ذلك ان الأصل يأتي في آخر سلمّ الاستنباط، ومع وجود الأصل اللفظي لا مجال لجريان الأصل العملي كما بيّنا ذلك في المنهجية في معالجة الشبهة الحكمية، إذن الاطلاق يمكن ان يقيّد، والعام يمكن ان يخصص.

اتجاه البحث سيكون في البحث عن مقيدات لهذا الاطلاق.

جمع الادلة صاحب مباني منهاج الصالحين واختصارها في الجزء العاشر ص 295، وسنبينها ونعلّق عليها وهي ثمانية وجوه وكلها لا تؤول إلى محصّل، وسنبيّن الاجوبة عليها.

الوجه الاول: انه امر في الكتاب بالمعاشرة بالمعروف والامساك كذلك والمعاشرة بالمعروف لا تقتضي النفقة مع عدم التمكين بل تقتضيها مع التمكين.

وفيه: ان الدليل لا ينحصر في الآيات المشار اليها فان مقتضي قوله تعالى: وعلى المولود له رزقهن " وايضا مقتضى حديث فضيل وجوب الانفاق على الاطلاق.

وفيه: أن هذا الدليل لو تمّ لقيد الاطلاقات والجواب الصحيح ان العشرة بالمعروف لا تقتضي ان النفقة مقابل التمكين، او ان التمكين موضوع للنفقة.

الوجه الثاني: انه لا إطلاق في أدلة وجوب الانفاق فلا تشمل صورة عدم التمكين.

وفيه: انا لا نرى مانعا من الاطلاق لاحظ حديث فضيل.

لا وجه لعدم الاطلاق إلا الانصراف، ولا نرى الانصراف هنا مستحكما، بل هو يزول بعد التأمل.

الوجه الثالث: ما عن النبي (ص) بتقريب: ان النبي (ص) لم ينفق قبل دخوله سنين.

وفيه: ان السند ضعيف فلا تصل النوبة إلى ملاحظة الدلالة مضافا إلى انه لا دليل على عدم التمكين.

وإذا لاحظنا الدلالة فهي لا تدل على أكثر من عدم حصول الانفاق من دون بيان الحيثية، فلا ظهور لها في موضوعية التمكين للنفقة, وللتأمل في الدلالة مجال.

الوجه الرابع: ما عن النبين (ص) ايضا بتقريب: ان وجوب الانفاق مشروط بكون الزوجة في اختيار الزوج كالعارية في يد المستعير.

وهو قوله (ص): " فنهن عواري عندكم " [4] والعارية معناها وجودها عند المستعير وحريّة التصرف بها، بما هو من شانها مع تقييد الاستعارة بتصرف معيّن. وهذا هو الفرق بينهما وبين الامانة، فالأمانة أيضا بيد المستأمن، ولكنها ليست بتصرفه، ومعه يحق للزوج التصرف بالزوجة بما يليق بالزوجية مما يقتضي تمكينها له.

وفيه: ان السند ضعيف فلا مجال لملاحظة الدلالة. [5]

ولو لاحظنا الدلالة، فان الرواية ليست في مقام بيان أحكام وتشريعات، بل هي في مقام إرشاد إلى حسن العشرة بالمعروف وبيان الدواعي إلى هذه العشرة.

غدا ان شاء الله نكمل الادلة الباقية.

 


[3] اصالة العدم اصل عملي وليست اصلا لفظيا، والاصل العدم يعني استصحاب العدم. الممكن ما تساوى فيه الوجود والعدم، لا يوجد اصالة العدم في الممكنات. وقد بيّنا ذلك سابقا.
[5] مباني منهاج الصالحين، ج10، ص295.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo