< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

38/05/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : نفقة الزوجة.

كان الكلام في هل تسقط نفقة الزوجة بالنشوز أو لا؟ وذكرنا الآية الكريمة: ) وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً ( [1] وما زلنا في معنى كلمة " خوف " وقلنا انه بمعنى العلم والقطع، وبمعنى الظن وتوقع الوقوع، او المعنى الثالث الذي هو اختلاف الموضوع بحسب الاحكام الثلاثة وكلها مع الاشفاق والحذر.

في مسالك الافهام: ومن الأصحاب من جعل الأمور الثلاثة منزلة على الحالتين أعني ظهور أمارات النشوز وتحققه بالفعل. فالمصنف (المحقق صاحب الشرائع) في الكتاب والشيخ في المبسوط والعلامة في القواعد جعلوا الوعظ والهجر معلقين على ظهور أماراته، والضرب مشروطا بحصوله – أي النشوز – بالفعل [2] . .....

وفصل بعض العلماء في الآية تفصيلا آخر، ووافقه العلامة في التحرير [3] ، فجعل الأمور الثلاثة مترتبة على مراتب ثلاث من حالها، فمع ظهور أمارات النشوز يقتصر على الوعظ، ومع تحققه قبل الإصرار ينتقل إلى الهجر، فإن لم ينجع وأصرت انتقل إلى الضرب. وجعلوا المعنى في الآية: واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن، فإن نشزن فاهجروهن في المضاجع، فإن أصررن فاضربوهن.

والأظهر أنه متى احتمل انزجارها بالوعظ لا ينتقل إلى الهجر، وإن لم يجوزه جاز الهجر، ولا يجوز الضرب إلا مع العلم أنها لا تنزجر بهما، ومعه يجوز الضرب ولو في الابتداء كمراتب النهي، وذلك حيث تتحقق المعصية، وبدونه يقتصر على الموعظة. [4]

فمع عدم العلم على الاصرار يقتصر على الموعظة، الوعظ موضوعه ظهور الامارات، والهجر موضوعه النشوز، والضرب موضوعه الاصرار على النشوز.

من ميزات المسالك – الشهيد الثاني – انه يستدل ببعض روايات العامة على الحكم الشرعي، وكالفات نظر إلى مسألة رجالية مهمّة: ان رواية العامي الذي لم يرد فيه قدح من عندنا أو ذمّ ولم يرد فيه توثيق ايضا، لكنه عندهم ثقة مثل يحيى بن سعيد أو ابن سيرين أو غيرهما، هذا القسم من الرواة هل روايته حجة عندنا أو لا؟ قلنا انه ثقة عندهم ولو يوثق عندنا، نعم لم يخدش عندنا كما خدش في الشعبي. ملخص الذي اراه ان ما رووه عن الائمة (ع) أميل للأخذ به، اما ما رووه عن النبي (ص) لا نأخذ به ولا اميل لحجيته.

نعود لبحثنا: ما الدليل على هذا التفريق أي بين موضوع الوعظ وموضوع الهجران وموضوع الضرب؟ نقول ان منشأه الاحكام الشرعية، فإن الأمر بضرب المرأة التي ظهرت منها أمارات النشوز – كما هو ظاهر الآية – مناف للشرع، حيث إنه عقاب لها من دون معصية منها إذ هي لم تنشز بعد، فيكون ذلك من باب العقاب قبل الجناية، وهذا لا يجوز، فيكون اعتداء عليها. ولذا كانت المعصية – وهي النشوز – موضوعا لجواز الضرب، وذلك لان عدم التمكين معصية، فيكون ضربها من باب النهي عن المنكر. وأما الهجر فالموضوع فيه أسهل، وأما الوعظ فلا شك في جوازه، فيكون في المرحلة الاولى وهي ظهور امارة النشوز.

هذا التفصيل لا نعمل به لعدم ظهوره وعدم دليلية ما ذكر، فإن الظاهر من الآية خلافه.

وانا شاء الله غدا نكمل الاضاءة على بعض الالفاظ لكن كلامنا في النفقة. هل تسقط النفقة مع النشوز او لا؟ سنبحث عن دليل السقوط.


[2] لهذا التفصيل ثمراته وهو انه في حال تم النشوز فهل له الحق ان يضربها مباشرة قبل الوعظ والهجر؟ فإذا قلنا ان موضوع الضرب تحقق النشوز، وموضوع الوعظ والهجر تحقق الامارات يكون لهذا التفريق ثمرة وهي جواز تخطي الوعظ والهجر ويصبح الضرب مباشرة. وذكرنا انه في بعض الروايات يكون الضرب بالمسواك، وهذا يعني الفات نظر وإيقاظ، وهناك رواية الضرب بالمنديل، مما يجعلنا نتأمل بمعنى الضرب، هل التأديب والعقوبة أو ان المراد منه الفات النظر واعادتها إلى وعيها؟.
[3] تحرير الاحكام ج2، ص42.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo