< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

38/05/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: نفقة الزوجة.

     مقدار نفقة الزوجة.

     تلخيص الاحتمالات الثلاثة السابقة.

     أهمية وجود بيت مال المسلمين.

     الأحكام الشرعية منظومة متكاملة.

قلنا في نفقة الزوجة ان الاحتمال الاول خصوص الاكل والشرب بما يقيم اودها، وقلنا بان الادلة بالفاظها تذهب إلى ذلك، وتبقى بقية المصاريف كالسكن والغطاء والدواء والطبابة والفراش وآلات التنظيف على بيت مال المسلمين.

والاحتمال الثاني هو ما يشمل الحاجات الضرورية مثل الادوية والطبابة والسكنى والغطاء والفراش دون غيره، فالحياة الكريمة في ادنى حالاتها التي هي القدر المتيقن من المطلوب هي المطلوبة، وليس الحياة الزائدة على ذلك، وما زاد من بيت مال المسلمين الذي يكفل الحاجات للزوجة الفقيرة اما إذا كانت غنيّة فلا يجب على بيت مال المسلمين سد هذه الحاجات[1] . وهذا هو الفرق بين الاحتمالات الأربع، فإن بيت مال المسلمين يتحمل عبء الفقراء دون الأغنياء.

وفي الاحتمال الثالث: الحاجات الاساسية حتى الطبابة والسكنى وغير ذلك والامور الاخرى ان كانت محتاجة إليها في الحياة الكريمة. وهو ما يعبّر عنه عند بعض الفقهاء بالشأنية، مثل الحج والزيارة للمرة الأولى.

وقد ذكرنا انه بناء على عدم وجوب أي شيء عدا الاطعام والكسوة كما هو مقتض الوقوف على الألفاظ، معنى ذلك ان المرأة في زمننا هذا وقعت عقدا بالتنازل عن حريتها وكرامتها، خصوصا في زمننا هذا حيث لا يوجد بيت مال للمسلمين ينفق عليها، وكأن الاسلام استغل اضطرارها للزواج ليجعلها كالأمة عند الرجل وهذا يخالف كونها كالرجل في كونها خليفة الله في الارض، ويخالف التكريم الوارد في القرآن الكريم : ) وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ( [2] . ولذلك فقد نأوّل او نضرب بعرض الحائط ما ورد من الروايات على خلاف ذلك مثل: " من زوّج ابنته فقد استرقها فليعرف ..." وغيرها من الروايات في نفس المضمون. انا اعتقد ان كلمة " استرقها " انما هي ناظرة للحالة العرفية في ذلك الزمن، وإلا فالزوج يبقيها على حريتها وكرامتها، نعم في مسألة الاذن قلنا انها عبارة عن حالة ان يكون الرجل كيان، وليست القوامية حالة سلطة وتسلط ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء ﴾ [3]

القيمومة ليست تسلط بل هو ادارة البيت ورعاية الشؤون بما يلاحظ تدينها وايمانه وحقوقها، لذلك يمكن ان تكون القيمومة أحد اسباب وجوب الخلع عليه، وسنرى ذلك في يوم المباحثة ان شاء الله.

الاحتمال الرابع: التقادير الخاصة الواردة في بعض الروايات كرواية شهاب بن عبد الله في الوسائل ج 15 ب 2 من ابواب النفقات.

ح 1 - محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عيسى، عمن حدثه، عن شهاب بن عبد ربه قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما حق المرأة على زوجها؟ قال: يسد جوعتها ويستر عورتها ولا يقبح لها وجها فإذا فعل ذلك فقد والله أدى إليها حقها، قلت: فالدهن قال: غبا يوم ويوم لا، قلت: فاللحم، قال: في كل ثلاثة فيكون في الشهر عشر مرات لا أكثر من ذلك، والصبغ في كل ستة أشهر ويكسوها في كل سنه أربعة أثواب: ثوبين للشتاء وثوبين للصيف، ولا ينبغي أن يقفر بيته من ثلاثة أشياء: دهن الرأس والخل والزيت ويقوتهن بالمد فاني أقوت به نفسي وليقدر لكل انسان منهم قوته فإن شاء أكله وإن شاء وهبه وإن شاء تصدق به، ولا تكون فاكهة عامة إلا أطعم عياله منها ولا يدع أن يكون للعبد عنده فضل في الطعام أن يسني لهم " ينيلهم " في ذلك شيء ما لم يسني " لا ينيلهم " لهم في سائر الأيام. ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن نوح بن شعيب، عن شهاب بن عبد ربه نحوه.[4]

من ناحية السند: السند له طريقان يشتركان في شهاب بن عبد ربه من صلحاء الموالي، قال الكشي ونقله العلاّمة ووثقه النجاشي والعلامة مع اسماعيل بن عبد الخالق. سند الكليني مرسل، لكن سند الشيخ وهو السند الثاني معتبر.

من حيث الدلالة: هنا ملاحظتان: بعض الفقهاء يقول ان هذه التقديرات بحسب ذلك الزمن. نقول هذا صحيح لكن نستطيع ان نحاول ان نعيش ذلك الزمن ونعرف الآن ما هو التقدير، أي نستنبط قواعد كلية منها. مثلا: هناك بعض الروايات غريب الاستدلال فيها مثلا في الشرائع ورد: انه إذا نذر نذرا ان يعتق كل عبد قديم، والقديم يعني من كان من ستة اشهر ذلك ان القرآن الكريم يقول: ﴿ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ﴾ [5] ، والعرجون ستة اشهر. لا اعلم هذا الاستدلال كم هو تام وهناك بعض الروايات في ذلك.

هذه الروايات التي تقول ذلك اما نحملها من باب الاسكات والافحام على قدر الطرف المقابل، او ان نستفيد منها بشيء وهو اننا هل نستطيع ان نستنبط قواعد عامة من هذا المقدار في ذلك الزمن. ذلك أن الامام (ع) طبق الواجب على هذا المقدار، هذا يحتاج إلى دراسة ظروف ذلك الزمن اجتماعيا، مثلا عندما يقول:" ان عنده سرير من ذهب فهل يجوز امساكه "، هذا ماذا يعني؟ فانه يعني ان الحالة الاقتصادية لكثير من اهل بغداد كانت راقية جدا, وبالطبع ان بغداد كانت اعظم مدينة في الدنيا ويجلب لها المال من انحاء الارض وقد ورد في الروايات عن الائمة (ع) ان ولد العباس بعضهم سيبني مدينة في العراق يؤتى اليها بأموال الدنيا. وبعد بغداد اتت القاهرة اقوى وأغنى واهم مدينة في العالم علميا وغير ذلك. وفي المقابل يوجد شعر لأبي العتاهية يصف انتشار الفقر بين الناس. [6]

هذه الامور ثوبان في الشتاء وثوبان في الصيف، نحتاج لدراسة الحالة الاجتماعية التي كانت ذلك الزمن لان لها ثمرة استنباطية. هذه الرواية صحيحة وقد اعرضوا عنها لانها في عصر زمنها، لكن هل نستطيع ان نأخذ من حكم الامام وتقدير الامام في ذلك الزمن هذه التقديرات، نستطيع نحن ان نأخذ قاعدة عامة، وإلا تقدير الثوبين في الشتاء وثوبين في الصيف في هذه الايام بالنسبة لكثير من الناس كثير إذا كان شراء الاثواب الأربعة في كل شتاء وصيف، نعم إذا كان المقصود هو وجود الاثواب الاربعة عندها دائما فهذا هو الأقل، إذ تحتاج إلى ثوب تلبسه وثوب تغسله. فما اخذوه من الفاظ " يكسو جثتها " أقل بكثير مما قدّره الإمام (ع).

 


[1] سؤال احد الطلبة: حتى مع غنى الزوجة. الجواب: مع بيت مال المسلمين من دون غناها، فتكون المسألة مرتبطة بالحالات، ان كانت محتاجة ينفق عليها من بيت مال المسلمين.
[6] من مبلغ عني الامام * نصائحا متواليه      إني أرى الأسعار * أسعار الرعية غاليه ..... ومصيبات الجوع إذ * تمسي وتصبح طاويه      من للبطون الجائعات * وللجسوم العارية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo