< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

38/04/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: احكام الاولاد

     نفقة الوالدين.

قرأنا امس رواية زكريا بن ابراهيم وهو من اصحاب الصادق (ع) كيف اسلمت أمه [1] وقلنا انه في الرواية فوائد فقهية وتربوية وتبليغية ولا بأس من الإضاءة عليها:

منها: مسألة طهارة أهل الكتاب. قال: " فأكون معهم وآكل في آنيتهم؟ فقال يأكلون لحم الخنزير؟ فقلت: لا ولا يمسونه، فقال: لا بأس " إذن المشكلة في لحم الخنزير وليس في طهارة نفس أهل الكتاب، إلا ان يقال: " فأكون معهم " نفس الجلوس معهم غير جائز في حال انهم يأكلون لحم الخنزير، كأنا القيد لـ " اكون معهم " وليس قيد لنفس الاكل. إلا أن يقال: إن السؤال هو عن الأكل في الآنية أيضا. وهنا يأتي السؤال وهو: يجوز أكل من الانية إذا كان فيها لحم غير الخنزير من الميته؟

الذي يهون الأمر أن هذا تأييد لأن الرواية ضعيفة سندا، لكن في مضمونها ما يطمئن به السامع فزكريا بن ابراهيم يتكلم عن أمه كلاما فيه الكثير من الوجدان والفطرة خصوصا في سبب إسلامهت. والرواية دلالتها معها وهو يتكلم عن امه. ومن " آكل في آنيتهم " يظهر انه يشير إلى الآنية ايضا وليس مجرد الكون معهم.

ومنها: الأمر ببر الأم وإن كانت نصرانية.

وفيه: أن بر الوالدين يشمل حالي الحياة والموت، بل في الروايات برّهما بعد الوفاة افضل من برهما حال الحياة.

الوجه الثاني: الاهتمام بالأم أكثر من الاهتمام بالأب، كان هو الشائع في ذلك الزمن وفي اكثر الكرة الارضية إلى يومنا هذا، فاراد الامام (ع) أن ينبهه على العنصر الأضعف في الاسرة.

الوجه الثالث: تركيز الشارع المقدس على الاهتمام بالأم، كقول رسول الله (ص):

حدثني زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي (ع) قال: أتى رسول الله (ص) رجل فقال يا رسول الله من أحق الناس مني بحسن الصحبة وبالبر؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أبوك، قال ثم من؟ قال أقاربك أدناك أدناك. [2] [3]

الوجه الرابع: علم الامام (ع) بإسلام أمه من خلال الاهتمام بها.

انا لا استدل بالرواية على دلالات معينة، ولكن الفت النظر إلى ان الرواية فيها الكثير من النقاط التي نستفيد منها وخصوصا في الوضع التبليغي، وفي الفهم الديني، والتربية الشخصية.

ومنها: استحباب الاحسان إلى الآخرين بالخلق الحسن ولو كان على دين آخر [4] ، فانه يدعو الناس إلى الاسلام، ويشدهم إلى الخير، لا كما نرى في بعض من ينتحل الاسلام دينا كيف يصبح فظا جلفا وكانه من العلوج، فان ذلك ينفر القلوب ويبعد الناس عن دين الحق، وفي الحديث: 6 تفسير الإمام عليه السلام: " قال علي بن الحسين عليهما السلام: أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام: حببني إلى خلقي وحبب خلقي إلي، قال: يا رب، كيف افعل؟ قال: ذكرهم آلائي ونعمائي ليحبوني، فلئن ترد آبقا عن بابي أو ضالا عن فنائي، أفضل لك من عبادة [مائة] سنة بصيام نهارها وقيام ليلها، قال موسى عليه السلام: ومن هذا العبد الآبق منك؟ قال: العاصي المتمرد، قال: فمن الضال عن فنائك؟ قال: الجاهل بإمام زمانه تعرفه، والغائب عنه بعد ما عرفه، الجاهل بشريعة دينه تعرفه شريعته، وما يعبد به ربه، ويتوصل به إلى مرضاته ". [5]

ومنها: الامر بالتحلي بالقيم واعلاها الرحمة حيث يقول تعالى: ) وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ( [6] . لاحظت شيئا في مقام الواقع الخارجي: ما وجد شخصا عنده بر حقيقي لوالديه ويكون في الدنيا في حالة ازمات، ان الله عز وجل يفرجها له، بشرط ان يكون بر حقيقيا يشعر الوالدين منه الرحمة.

هذه الرواية وفيها الكثير من الفوائد قرأناها بأكملها لا لأجل الاستفادات الفقهية فقط وإن كانت موجودة، احببت ان أقراها لما فيها من التربية لنا ونحن بحاجة اليها. فإذا اردنا ان نبلغ لله عز وجل وندخل الجنة ونكسب الدنيا والآخرة فليكن الواحد منا في سلوكه اسلام يمشي. [7]

 


[1] هذه المرأة الصافية، الآية القرآنية التالية تلفت نظري وهي: " بسم الله الرحمن الرحيم الم / ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ". لماذا لم يقل هدى للناس؟ وكانه يشير ان الكتاب يحتاج إلى قابلية، وللمتقي قابلية يهتدي بالكتاب. غير المتقي جعل الله غشاوة وحاجزا فلو اتيت له بالحق كما هو لا يستسيغه، من قبيل الفاكهة الطيبة إذا لم يكن هناك صحة ومعدة تهضمها لا يستطيع المرء المريض أكلها.
[3] قريب منه في مستدرك الوسائل، ميرزا حسين النوري الطبرسي، ج7، ص189.
[4] النبي (ص) زار يهوديا فانه يدعو الناس إلى الاسلام ويشدهم إلى الخير. هناك بعض الناس إذا صار شكله شكل المتدين يفهم بعض النصوص فهما خشنا متحجرا، فيصبح فظا غليظا جلفا، يكاد يكون من العلوج بحيث ينفر الطباع. هذا موجود.
[7] وذكر سماحة السيد الاستاذ في الدرس عدّة قصص وروايات وحوادث من الواقع المعاش لتفسير مفردات الرواية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo