< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

37/04/07

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: وسائل اثبات النسب.
-اشتراط البلوغ في البيّنة للشاهد.
الرواية الثانية: التفصل بين الحقير والخطير وهي: موثقة عبيد بن زرارة: ح 5 - محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن شهادة الصبي والمملوك، فقال: على قدرها يوم أشهد تجوز في الأمر الدون، ولا تجوز في الأمر الكبير، الحديث. [1]
وهذه الرواية أخص من المطلقات الدالة على اعتبار البلوغ، فتقدم عليها – من باب إذا تعارض عام وخاص يقدم الخاص على العام -، ويصبح المراد الجدي للمطلقات هكذا: لا تصح شهادة الصبي المميز إلا في الأمر الحقير.
مناقشة الرواية:
من حيث السند فهو معتبر.
ومن حيث الدلالة: ففيها خدش من جهات:
اولا: لم يعمل بمضمونها أحد منا، من ناحية الشهادة اما في البيع عمل بشهادة الصبي، فهي رواية مهجورة شاذة.
تذكير: لكن ذكرنا في بعض البحوث أن إعراض المشهور القريبين من عصر الائمة (ع) لا يسقط الرواية ذات السند الصحيح عن الحجية مطلقا، هناك كلام ان عمل المشهور بالشهرة الفتوائية من الاصحاب القريبين من عصر الائمة يجبر ضعف الرواية، اما عمل المتأخرين فقليل من يقول فيه. ونوقش بالصغرى والكبرى، وقلنا أن أهم دليل هو مخالفة الجو العام لفتوى فقهية معيّنة بفترة قليلة، عادة لا ينقلب الجو العام للفقهاء بهذه الفترة القليلة، ولا بد ان هناك قرائن اتكلوا عليها.
نفس الكلام الذي ورد بان عمل المشهور يجبر ضعف الرواية؟ نفسه ايضا في العكس: هل إعراض المشهور يوهن الرواية المعتبرة السند؟ وذلك لنفس ما ذكر في عدم جبر عمل المشهور لضعف الرواية، فان إعراض المشهور لا بد وان اتكلوا على قرائن خفيت علينا.
ويرد عليه.
اولا: قد تكون الاسباب التي دعت كل فقيه لعدم العمل تختلف عن الآخر. مثل في طفل الانبوب الفتوى الواحدة كان لها عدّة ادلة. فالأم كان هي الحامل، فبعضهم استدل بالآية، وبعضهم استدل بالدليل العرفي، إلى آخره.
ثانيا: قد تكون هذه القرائن التي تسقط الرواية عن الاعتبار والتي اطلعوا هم عليها وخفيت علينا، غير كافية عندنا للإسقاط، بمعنى اننا لو اطلعنا عليها قد لا نقتنع بها.
لكن في النفس شيء فإننا إذا بنينا على حجية خبر الثقة كان هذا الردّ متينا. اما لو بنينا على حجية الخبر الموثوق، فان اعراض الاصحاب القريبين من عصر الائمة (ع) قد يهدم هذا الوثوق، ولذا نذهب إلى ما يلي: إن رواية الثقة إنما كانت حجة بسبب الوثوق بها فإذا انهدم هذا الوثوق سقطت عن الحجية ولذا تؤخذ كل رواية على حدة، وبذلك لا نستطيع ان نأخذ ميزانا عاما للتوثيق.
اما في مسالتنا: إذا كان في الراية ما يؤدي إلى توهين سند أو دلالة فإنها تسقط عن الحجية.
الخدش الثاني: اشتملت على عدم اعتبار شهادة المملوك، حيث رفض فقهاء العامة شهادته لكونه لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، وتبعاً لِعُمر. ولذلك هناك شطران بنفس الرواية الموثقة: شهادة الصبي وشهادة المملوك، قالوا ان شهادة المملوك ساقطة أي نصف الرواية ساقط، فيمكن حمل شطرها على التقيّة لموافقته للعامة، مما يوهنها إجمالا. أما الاماميّة فشهادة المملوك عندهم مقبولة إذا تمت الشروط الاخرى. وبعبارة اخرى الحرية ليست شرطا في حجيّة الشهادة.
تذكير: أذا كانت الرواية معتبرة ولو كان قسم من متنها باطل وقسم صحيح؟ هناك خلاف بين الاصوليين، بعضهم يقول بان الرواية تبقى بأكملها تبقى على الحجية ويؤخذ فقط بالقسم الصحيح، وبعضه اسقط الرواية كليا عن الحجية، من قبيل الضوء الذي ينير بشكل كامل منطقة معيّنة ووضعنا حاجزا بينه وبين المضاء فانه يضيء نصف المنطقة المضاءة، والخبر عبارة عن كاشف مبيّن موضح، يكشف عن واقع، وكما ذكرنا سابقا بان علم الأصول يلخص بعبارتين: البحث عن كواشف فان لم نجد فالبحث عن وظائف.
فالرواية بالاضافة إلى الاعراض وبالاضافة إلى ان متنها مخدوش بعدم قبول شهادة المملوك الموافق للعامة، المخالف للروايات المعتبرة عندنا حيث تقبل شهادته. فإذا جمعنا ذلك هل يبقى وثوق بالرواية، لذلك قلنا بان كل رواية تأخذ على حدة.
وثالثا: يقول السيد الخوئي (ره) في تقريرات السيد محمد رضا الخلخالي في بحث كتاب القضاء (ص 273): أن التفصيل بين الدون والكبير مما لا محصّل ولا واقع له، فإنهما أمران متضائفان، فربّ شيء واحد يتّصف بالكبر والصغر بالنسبة إلى أمرين ولحاظين، مثلا: العشرة بالنسية إلى المائة حقير ودون، وبالنسبة إلى الواحد كبير وهكذا.
وفيه: أن الدون والكبير وإن كانا أمران اضافيان إلا انهما بالنسبة إلى العرف أمر واحد، فالدون في العرف واحد، ولذلك ورد في الحديث: يكره مخالطة الأدنين، أي الادنيين عرفا. [2]
والمحصّلة أن عدّة عوامل توهن الرواية، وهي بمجموعها تخرجها عن الدليلية.
إلى هنا يكون محصل الكلام: أن شهادة الصبي المميز لا تقبل إلا بثلاثة شروط:
احداها: ان يكون في القتل دون غيره.
ثانيها: يؤخذ بأول كلامه، ولا يؤخذ بالثاني.
ثالثها: ان تكون شهادتهم حال اجتماعهم وفيما بينهم وفي نفس المجلس.
غدا ان شاء لله نكمل القول بالتفصيل بين من بلغ عشر سنين، فتقبل شهادته ومن دون ذلك فلا تقبل.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo