< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

37/03/25

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: البحث في روايات الكافي.
-روايات الكافي أو الكتب الاربعة، هل هي بأكملها صحيحة أو لا؟ ذكرنا أن هناك دعويين.
نعود لكلام السيد الخوئي (ره): " وثالثا: أنه يوجد في الكافي روايات شاذة لو لم ندع القطع بعدم صدورها من المعصوم عليه السلام فلا شك في الاطمئنان به. ومع ذلك كيف تصح دعوى القطع بصحة جميع روايات الكافي، وأنها صدرت من المعصومين عليهم السلام.
ومما يؤكد ما ذكرناه من أن جميع روايات الكافي ليست بصحيحة: أن الشيخ الصدوق (قدس سره) لم يكن يعتقد صحة جميع ما في الكافي " حيث قال في الصفحة 26من المعجم: " ويزيد ذلك وضوحا: أن الشيخ الصدوق قال في باب الوصي يمنع الوارث: ( ما وجدت هذا الحديث إلا في كتاب محمد بن يعقوب، ولا رويته إلا من طريقه ) فلو كانت روايات الكافي كلها قطعية الصدور، فكيف يصح ذلك القول من الشيخ الصدوق (قدس سره) ".
هذا التعبير منه (ره) يشكك بالقول بصحة كل ما ورد في الكافي.
نكمل كلام السيد (ره): وكذلك شيخه محمد بن الحسن بن الوليد على ما تقدم من أن الصدوق يتبع شيخه في التصحيح والتضعيف.
والمتحصل أنه لم تثبت صحة جميع روايات الكافي، بل لا شك في أن بعضها ضعيفة، بل إن بعضها يطمأن بعدم صدورها من المعصوم عليه السلام . والله أعلم ببواطن الأمور. [1]
النتيجة: ان هناك دعويين: الاولى: ان الكليني يقول بان رواياته جميعا صادرة وثابتة عن المعصوم.
والثانية: ان هناك قرائن على صحة رواية الكليني.
وتم رد الدعويين: أما الاولى: فالصحة لها معنيان في زمن الكليني: الاول: الصدور وهو الاظهر. والثاني: وهو الحجيّة.
فإن كان الثاني فهو اجتهاد منه مع العلم أنه لم يذكر ميزانا للحجيّة، واجتهاده حجة عليه لا علينا.
وإن كان الاول أي بمعنى الصدور فلا بد ان يدعى وجود قرائن ادّت به للقطع بالصدور، وأنا له اثبات ذلك لنا. وقد فندنا جميع القرائن التي ذكرها الشيخ البهائي في مشرق الشموس.
ثم إننا أشكلنا على دعوى الصحة بمعنى الصدور بعدّة إشكالات ذكرها السيد الخوئي (ره) وزدنا عليها، وأهمها وجود الأخبار المتعارضة وأخبار المرجحات، بحيث إن بعضها يدل عللا عدم صدور أحد المتعارضين من قبيل الترجيح بموافقة الكتاب أو الأخذ بالأوثق، بل بعض الروايات نقطع بانها فيها طلب ينافي الرحمة، فتنافي قوله تعالى: ) وما ارسلناك إلا رحمة للعالمين ( وهو عام آبٍ عن التخصيص. [2]
والقرائن التي ذكروها حاكمناها ايضا كالتي ذكرها في مشرق الشمسين والتي يمكن ان يكون الكليني قد اتكل عليها.
النتيجة ملخصا: ان الكافي لا نأخذ بجميع رواياته، بل نأخذ بالروايات التالية:
1- التي ثبتت عن كتاب معتمد عليه بانه صادر مشهور ومعتمد.
2- نأخذ بالروايات التي عليها قرائن خاصة.
3- بالتي تندرج ضمن قواعد خاصة إذا ثبتت، من قبيل روايات اصحاب الاجماع حيث ورد ان تصحيح ما يصح عنهم، أو الروايات التي رواها صفوان أو ابن ابي عمير أو البزنطي وامثاله، هذه القاعدة العامة، والتوثيقات العامّة مثلا: إذا ثبت جميع ما ورد في كتاب الزيارات لابن قولويه، وإذا ثبت ان على بن ابراهيم في تفسير الفرات، وإذا ثبت احمد بن محمد بن عيسى كما قيل بانه لا يروي إلا عن ثقة.
نأخذ بالروايات التي تندرج تحت القواعد التي تثبت، وغيرها لا نأخذ به كدليل، نعم لا نغمض النظر عنه كليا ولا نهمشه، بل يبقى له اهمّية، بان يكون مرجحا في حال التعارض، كما لو جاءت رواية في الكافي يعارضها رواية في كتاب آخر كعلل الشرائع للشيخ الصدوق (ره) وكلاهما بسند معتبر، ارجح رواية الكافي على رواية العلل. نقول ذلك لان الكافي يكون نفسيا اقرب للواقع، لان من المرجحات كما قالوا: مخالفة ابنا العامة، موافقه الكتاب، خذ بأوثقهما. الذي نفهم من هذه المرجحات هو ما كان اقرب للواقع، وسنؤيد كلام الشيخ الانصاري (ره) من هذه الناحية وإن رفضه اكثر الاصوليين والفقهاء.
فتكون الرواية الموجودة في الكافي قرينة على اقوائيتها وليس على صدورها وحجيتها.
بعد هذا الكلام الذي مرّ معنا نصل إلى نتيجة: ان وجود الرواية في الكافي تجعل لها شأنية لكن لا تجعلها دليلا بذاتها،، نعم لا يمكن تهميشها كليا، بل علينا ان ننظر اليها نظرة مرجح.
وهناك بعض الفوائد الاخرى بأن تكون هذه الروايات الواردة في الكافي وسندها ضعيف تكون مفسّرة معيّنة لروايات صحيحة معتبرة مجملة أو مردة بين مفاهيم أو غير ذلك.


[2] من الاخبار التي نقطع بعدم صدورها أو لزوم تأميلها : " حديث ذكره السيد الداماد (ره) عن ابي ذر (رض) ما مضمونه: كان ابي ذر نائما في المسجد فيأتي رسول الله (ص) فيركله برجله ويأمره بالقيام، وسأله: ماذا تفعل لو ارادوا اخراجك من المسجد غدا، - الكلام عن بني اميّة مستقبلا – قال: اقاتلهم بسيفي، قال: لا يا ابا ذر، بل تنساق لهم حيث ساقوك، وتطيعهم حيث امروك " .
هذه الرواية انا اعتقد انها من صنع بني اميّة، هذا القول ليس للنبي (ص) فلا يأمره بأن ينساق حيث ساقوه، ما انزل الله بها من سلطان. ذلك من قبل " اطع الامير ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع " هذه الرواية موجودة بالعشرات عن أهل العامّة، وهي غير صحيحة وتطبق بشكل واسع. فهناك فرق بين الإنسياق الذي يسلب الإرادة وبين الإجبار الذي يمكن أن يكون تقيّة للحفاظ على النفس. لا بد من تأويل هذه الرواية لأنه محال أن تسلب ارادتك وتكون مع الظالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo