< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

37/03/17

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: فائدة رجالية:
-البحث في روايات الكافي، هل كلها صحيحة ولا داعي لبحث أسنادها؟
-مناقشة القرينة الاولى التي ذكرها الشيخ البهائي (ره) على قطعية صدور الكتب الاربعة.
نكمل مناقشة القرائن التي ذكرها البهائي (ره) والاشكال عليها.
القرينة الاولى وهي: وجوده في كثير من الأصول الأربعمائة التي نقلوها عن مشايخهم بطرقهم المتصلة بأصحاب العصمة، وكانت متداولة في تلك الاعصار مشتهرة بينهم اشتهار الشمس في رابعة النهار.
ذكرنا أمس أن العرف يعمل بالمطمأن به وكان عملهم بالشهرة من باب انها سبب للإطمئنان والوثوق لا بعنوان الشهرة واختلط السبب بالمسبب، من هنا لما كانت الشهرة بذاتها لا تعني شيئا. فاشتهار هذه الكتب كاشتهار الشمس في رابعة النهار، هذا الاشتهار لا ينفعني شيئا إذا لم يؤد إلى وثوق، والمسلم هو ان هذه الكتب منسوبة إلى اصحابها، اما من اصحابها إلى الامام (ع) يجب البحث عنه لان الحسين بن سعيد ذكر سند الروايات، ولهذا دلالة.
ونقول ايضا ان اصحاب الكتب الاربعة في ذلك الزمن كانوا لا يعولون على هذه الاصول ولا يعملون بها إلا بشروط، وهذا يشير إلى ان الكتاب وحده لا يكفي للوثاقة وتصحيح الرواية .
نذكر النقوض على القرينة الاولى التي ذكرها الشيخ البهائي(ره):
منها: يقول الشيخ الطوسي (ره) في العدّة عند بحثه حجية خبر الواحد: " والذي يدل على ذلك إجماع الفرقة المحقة على العمل بهذه الأخبار التي رووها في تصانيفهم، ودونوها في أصولهم لا يتناكرون ذلك، ولا يتدافعونه، حتى أن واحدا منهم إذا افتى بشيء لا يعرفونه سألوه من أين قلت هذا؟ فإذا احالهم إلى كتاب معروف أو أصل مشهور، وكان راويه ثقة لا يُنكر حديثه سكتوا، وسلّموا الأمر في ذلك وقبلوا قوله ". [1]
لاحظ عبارة " وكان راويه ثقة لا ينكر حديثه " هذه العبارة قيد لاعتبار الرواية أو الراوي، فإن مجرد وجود الرواية في كتاب معروف أو أصل مشهور لا يعني حجيتها عندهم، بل لا بد من كون الراوي ثقة أيضا، إذن: هذه الكتب والأصول ليست قطعيّة الصدور وشهرتها وحدها لا تكفي.
ومنها: ذكر الكليني (ره) عند ترجيح أحد الخبرين المتعارضين بالأخذ بما وافق الكتاب، أو بالمشهور، ومن المعلوم أن الترجيح بالمشهور أو الوثاقة أو موافقة الكتاب هو لتمييز الصادر عن غيره، لا أنه ترجيح لاحدهما مع الجزم بالصدور.
عند وجود الخبرين المتعارضين، والتعارض كثير في الكافي وغير الكافي، وللتعارض مناشئ: اما تقيّة، او ان الامام (ع) كان يرمي الخلاف عمدا في بعض الروايات، أو ان احدهما كاذب، أو لمشكلة في السند، أو لخفاء الظروف أو غير ذلك مما يذكرونه في باب التعارض.
فإذا كان التعارض لأجل التقيّة، نقول ان كليهما صادر، وخذ ما خالف القوم. أما إذا كان التعارض لأجل مخالفة الكتاب، فلا معنى لقولهم (ع) " لم نقله " بان نجزم بالصدورين. وسيأتي في بحث الاصول ان موافقة الكتاب ليس لتمييز الحجة عن اللاحجة، بل لتمييز الصادر عن غيره، أي إحدى الروايتين غير صادرة لم يقلها الامام (ع): " زخرف باطل لم نقله اضرب به عرض الجدار "، وكذلك في الشهرة والوثاقة فهي لتمييز الصادر عن غيره.
نعم الترجيح بمخالفة العامة، أو بالتأخر يمكن أن يكون مع الجزم بصدورهما.
وهذا واضح من ان الشيخ الكليني (ره) نفسه لم يكن يعتقد بصدور جميع روايات كتابه.
ومنها: إن الشيخ الصدوق (ره) والشيخ الطوسي (ره) ذكر في آخر كتابه أنه يذكر طريقه إلى أرباب الكتب الذين روى عنهم في كتابه، لتخرج الروايات بذلك من الإرسال إلى الإسناد. وهذا يعني عدم قطعيّة انتساب الكتب والاصول إلى اصحابها بين الناس.
وهذا الكلام واضح في كون الروايات المذكورة في كتابه ليست قطعيّة الصدور، وأن ذكر السند ليس للتبرك والتيمّن، بل للخروج من الارسال إلى الاسناد، أي الخروج من الضعف إلى الحجيّة. ومعلوم أن الروايات الموجودة في التهذيب مأخوذة بغالبيتها من الكتب والأصول التي كانت معتمدة وشائعة ومشهورة بين الشيعة آن ذاك.
ومنها: إن الصحيح كما يحتمل كون المراد منه الثابت عن الامام (ع) كذلك يحتمل كون المراد منه الحجة بينه وبين الله، [2] إذ أن الشيخ الصدوق (ره) صرّح أنه يتبع في التصحيح وعدمه شيخه ابن الوليد.
وهذا واضح في كون معنى التصحيح هو الحجة، إذ لا معنى لكون الصدوق يتّبع في القطع وعدمه شيخه ابن الوليد، إذ الاطمئنان والوثوق والقطع حالة نفسية وجدانية.
ومنها أن الشيخ الطوسي (ره) ذكر روايات موجودة في الكافي وذكر أن سبب تركها أنها ضعيفة السند، فلو كانت روايات الكافي مقطوعة الصدور لما جاز تركها.
نذكر: ما ذكره في الاستبصار ح 1 و2 باب ذكر جمل من الاخبار يتعلّق بها اصحاب العَدد ح 230 و 231. بسنده: ح 1 - محمد بن يعقوب عن علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن محمد بن عيسى بن عبيد عن إبراهيم بن محمد المدني عن عمران الزعفراني قال قلت: لأبي عبد الله عليه السلام إن السماء تطبق علينا بالعراق اليومين والثلاثة فأي يوم نصوم؟ قال: انظر اليوم الذي صمت فيه من السنة الماضية وصم يوم الخامس.
ح 2 - عنه عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن منصور بن العباس عن إبراهيم الأحول عن عمران الزعفراني قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام إنا نمكث في الشتاء اليوم واليومين لا نرى شمسا ولا نجما فأي يوم نصوم؟ قال: انظر اليوم الذي صمت من السنة الماضية وعد خمسة أيام وصم اليوم الخامس. [3]
فالشيخ الطوسي (ره) قال بعد روايتهما: " انهما لا يوجبان علما ولا عملا، ولأن راويهما عمران الزعفراني، وهو مجهول، وفي إسناد الحديثين قوم ضعفاء لا نعمل بما يختصونه بالحديث ".
الشيخ ترك الحديثين وهما موجودان في الكافي، فلو كان الكافي مقطوع الصدور لما قال الشيخ هذا الكلام، لاحظ أيضا التعبير " لا يوجبان علما ولا عملا ".
غدا ان شاء الله نكمل.
والحمد لله رب العالمين.




[2] رد على اشكال احد الطلبة: بانه لا يوجد تلازم بين ان يكون الخبر حجة وانه صادر عن الامام (ع) ولذلك احتجنا إلى أصالة السند ليكون الخبر حجّة علينا ولو لم يكن قطعا صادر عن الامام. فقطعية الصدور شيء والحجية شيء آخر. ومنشأ القرب إلى الواقع هو ان يرى العرف ان الخبر صادر، هذا شيء والحجية شيء آخر. بعبارة اخرى: وجوب العمل بالخبر شيء وصدور الخبر شيء آخر. لذلك بعضهم قال انه هل المطلوب تبرئة الذمة امام الله، او انه الوصول إلى الحكم الواقعي. وتبرئة الذمة لا تعني الوصول للحكم الواقعي لذلك الاصل العملي " كل شيء لك حلال " أي العمل على الحليّة وهذا لا يعني انه واقعا اصبح حلالا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo