< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

36/06/23

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: مناقشة قاعدة التوثيقات العامة: أن صفوان، وابن أبي عمير، والبزنطي، وأضرابهم لا يروون إلا عن ثقة.
-قول ان الرواية عن واحد أو اثنين لا تخدش بالعموم.
-عبد الله بن القاسم الحضرمي.
تذكير بما يوجب نقض القاعدة، وان الرواية عن ضعيف واحد بلا مبرر ينقضها، والاتيان بمثال النجاشي.
ذكر بعض الاساطين بل الكثير منهم أن الرواية عن واحد أو اثنين لا تخدش بالعموم وهذا هو معنى الظاهر. وأن الفرق بين الظاهر والنص، أن الظاهر فيه احتمال الخلاف. وقد قلنا أن كل عام لا يمكن الاخذ بعمومه إلا بتمامية مقدمات الحكمة، ومقدمات الحكمة هي بعد ثبوت العنوان ثلاثة: أن يكون في مقام البيان وأمكن أن يبيّن ولم يبيّن. ومعنى أنه في مقام البيان أنه في مقام بيان حتى العموم، بيان الافراد كلها.، فلو أن فردا واحدا لا يريد اكرامه ولم يستثنه لم يكن حكيما بل كان سفيها واوقعني في السفاهة اوقعني في الجهالة، ولذلك عليه أن يبيّن ويستثني، قد يتكل المتكلم أما أن يستثني هو شخصيا أو يتكل على غيره في الاستثناء، ومع عدم الاستثناء يكون هناك عموم. ولذلك القطع بالخلاف يسقط العموم، نعم احتمال الخلاف لا يسقطه.
ومثال على أن اختراق العموم مع المبرر لا مانع منه، حيث قلنا أن الرواية عن الضعيف هي إشكال بشرطين: إما أن يأتي معارض نقلي مثله، أو يجتمع عدم احتمال وثاقته وعدم احتمال المبرر. أما مع القطع بأن كليهما غير موجود فانه يسقط عن الحجيّة. هنا اذكر كلاما للسيد الخوئي (ره) الذي اشكل على القاعدة بانه روى عن الضعاف، ومنهم وهب بن وهب الذي عرف بالكذب.
معجم رجال الحديث، ج1، ص 96: ثم إن النجاشي : قد التزم - في أول كتابه - أن يذكر فيه أرباب الكتب من أصحابنا رضوان الله تعالى عليهم، فكل من ترجمه في كتابه يحكم عليه بأنه إمامي، إلا أن يصرح بخلافه، فإنه وإن ذكر جملة من غير أصحابنا أيضا، وترجمهم استطرادا، إلا أنه صرح بانحرافهم وانتحالهم المذاهب الفاسدة. [1]
إذن ليس هناك مشكلة أن يكون هناك عام ثم ابيّن في الاثناء أن هناك خلاف العام، لذلك قول الشيخ الطوسي (ره) لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة، ثم يروي عن بعض الضعفاء اتكالا على معلوميّة كذبهم أو لمبرر كما ذكرنا في يونس بن ظبيان وغيره وحتى في وهب بن وهب، لا اشكال في ذلك. كما أن النجاشي استثنى استثناء منفصلا واعترف له السيد الخوئي (ره) بذلك، فلنعترف للشيخ الطوسي (ره) بنفس الموضوع. وهذا شأن العمومات.
اكرر اني اذكر هذه المسألة لكثرة وقوع بعض الكبار في هذه المسألة بان ذكر الواحد أو الاثنين لا يخدش بالقاعدة. نقول بل ذكر واحد فقط ضعيف بدون مبرر ولا احتمال المبرر يسقط القاعدة، لأنه مع العموم أكون ناظرا لكل الافراد. وذكرنا سابقا أن القضية تكون إما محصورة أو مهملة. في المحصورة المراد كل الافراد، اما في المهملة فلا نظر لجميع الافراد. وقلنا انهم " لا يروون إلا عن ثقة " هذه محصورة بقرينة الاستثناء وفيها عموم.
نعود للضعاف الذين يرون عنهم:
عبد الله بن القاسم الحضرمي: يقول الشيخ السبحاني في كتابه كليات في علم الرجال:
قال النجاشي: عبد الله بن القاسم الحضرمي المعروف بالبطل، كذاب غال يروي عن الغلاة لا خير فيه ولا يعتد بروايته، له كتاب يرويه عنه جماعة.
وذكره الشيخ في " الفهرس " وقال: له كتاب، وذكر سنده إليه، وعنونه في رجاله في أصحاب الكاظم عليه السلام قائلا: عبد الله بن القاسم الحضرمي واقفي.
وقال ابن الغضائري: عبد الله بن القاسم الحضرمي كوفي ضعيف أيضا غال متهافت ولا يرتفع به.
روى محمد بن أبي عمير عنه عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام، عن أبيه، عن جده، عن علي عليه السلام قال: " كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فإن موسى بن عمران عليه السلام خرج يقتبس لأهله نارا فكلمه الله عز وجل فرجع نبيا، وخرجت ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان عليه السلام وخرج سحرة فرعون يطلبون العزة لفرعون فرجعوا مؤمنين ".
يلاحظ عليه: أولا: من المحتمل، اعتماد النجاشي في تضعيفه إلى تضعيف ابن الغضائري، يعرف عنه تقارب العبارتين، وقد عرفت قيمة تضعيفاته. ( هذا الاحتمال من الشيخ السبحاني ليس دليلا، بل هو من المؤيدات).
وثانيا: إن ابن أبي عمير لم يرو عنه إلا رواية واحدة ولا صلة لمضمونها بالأحكام، ولعله كان ملتزما بأن لا يروي إلا عن ثقة فيما يمت بالحكم الشرعي بصلة، لا في الموضوعات الأخلاقية أو التربوية كما هو مورد الحديث [2].
ثالثا: إنه لم يرد في الفقيه توصيفه بالحضرمي فيحتمل كونه " عبد الله بن القاسم الحارثي وهو وإن كان ضعيفا حيث يصفه النجاشي بالضعف والغلو ويقول: ضعيف غال لكنه أين هو من قوله في الحضرمي " كذاب "، عندئذ يقوى أن يكون ضعفه لأجل غلوه في العقيدة لا لضعفه في لسانه، وقد عرفت أن التضعيف بين القدماء لأجل العقيدة لا يوجب سلب الوثوق عن الراوي .... [3]
إذن عبد الله بن قاسم الحضرمي، احتمال ان يكون الحارثي ولم يروي إلا رواية واحدة، وهذا لا مانع منه في امر وجداني، وعليه لا تكون الرواية عن عبد الله بن قاسم خدشا في القاعدة ولا يخدش بالعموم.
عبد الله بن خداش: عبد الله بن خداش المهري: ومَهرة محلة بالبصرة. قال النجاشي ضعيف في مذهبه ارتفاع.
قال الكشي: قال محمد بن مسعود، قال ابو محمد عبد الله بن محمد بن خالد: ابو خداش عبد الله بن خداش، ثقة. لكن عبد الله بن محمد هذا الذي وثق بن خداش يدور أمره بين الطيالسي الثقة وبين غيره.
العلامة في الخلاصة ص 199: والأقرب عندي التوثيق فيما يروي، لأن عبد الله بن محمد بن خالد الذي زكاه الظاهر أنه ليس هو الطيالسي، لأن النجاشي نقل أن كنيته ابو العباس، ومحمد بن مسعود نقل عن ابي محمد عبد الله. [4]
السيد الخوئي (ره) في معجمه: يقول: عبد الله بن محمد بن خالد في كلام الكشي المكنى بابي محمد هو الطيالسي الثقة، كما صرّح به الكشي في ترجمة ربعي بن عبد الله ابي نعيم. [5]
نقول مع السيد الخوئي (ره) ماذا نفعل بالكنيتين؟ لان ظهور الكنيتين يعني شخصين وقليل من له كنيتان، واحتمال ان يكون الطيالسي يحتاج إلى قرينة، والقرينة هنا تصريح الكشي بكونه الطيالسي الثقة.
روى في الكافي باب ميراث الولد: ابو علي الاشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان عن عبد الله بن خداش المنقري (المهري) انه سأل ابا الحسن (ع) عن رجل مات وترك ابنته وأخاه؟ قال: المال للإبنة.
نلاحظ أن الرواية توافق المذهب وليست شاذه. [6]
والنتيجة: أن عبد الله بن خداش لم يثبت ضعفه وروايته غير شاذه، بل يمكن الذهاب إلى توثيقه بناء على توثيق الكشي عمن زكّاه، فيكون الضعف في العقيدة، فلا مانع من توثيقه وعدم المانع من التوثيق لا يكون اشكالا على القاعدة.
اما محمد بن سنان فهو في ذاته رجل ثقة جليل القدر، ولكن مشكلته في كتبه عندما قال قبيل وفاته :" ما رويته وجادة لا سماعا " هذه العبارة منه (ره) اورثت شكا فيما كتبه وليس شكا في وثاقته.
غدا أن شاء الله نتعرض لعبد الله بن محمد الشامي.


[2] الاحكام الشرعية لا يعرفها إلا الشارع، والراوي يهمه ايصال الواقع في الاحكام الشرعية، اما الامور الوجدانية التي هي من قبيل الحكمة فلا مانع من نقها عن أي كان، كما قيل " خذوا الحكمة ولو من افواه المجانين " وقد يكون كافرا كما في الحكمة الصينية " إذا توقفت العقول تحركت الايدي " هذه علامة على كثرة الخلافات والصراعات عند اعطاء العقل اجازة. هذه الحكمة الوجدانية انقلها عن أهل الصين الذين هم على خلاف الدين ولا يعرفون الائمة (ع)، ولا مانع مثلا ان ينقلها ابن ابي عمير، لان :" لا يروون إلا عن ثقة " تعني الرواية عن الثقة في الاحكام. ولا مانع ان يروي عبد الله بن القاسم الحضرمي رواية تاريخية تربوية عن الامام طالما ان ليس لها اثر في الحكم الشرعي، او انها أمر يشهد له الوجدان
[4] الخلاصة، للعلامة، ص199. .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo