< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

36/05/04

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: ثبوت النسب.
طفل الانبوب: من هي الأم؟
-الكلام في القاعدة الرجالية: صفوان وابن عمير والبزنطي وامثالهم لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة.
قاعدة: " كل من روى عنه ابن أبي عمير فهو ثقة " وقد بحثنا هذه المسألة سابقا، ونذكرها اليوم لحاجتنا إليها، والذي جرّنا اليوم لهذا البحث هو رواية زيد الزراد الذي روى عنه ابن ابي عمير.
كلامنا سيكون في رواية صفوان واضرابه، كـمحمد بن ابي عمير، وأحمد بن محمد بن نصر البزنطي، وزرارة وغيرهم،
انه بحث مطلوب كثيرا، لكن نحتاج إلى بيانه لأخذ الموقف من هذه القاعدة التي ذكرت في التوثيقات العامة.
زيد الزراد لم يوثق ولكن روى ابن عمير له كتابا، فإذا طبقنا القاعدة: " كل من روى عنه ابن أبي عمير فهو ثقة " يصبح زيد الزراد ثقة.
في هذه المسألة سنستعرض كلاما للسيد الخوئي (ره) الذي بيّن أصل هذه القاعدة ثم بيّن الاشكالات عليها، ثم أسقطها.
سنناقش كلام السيد (ره) الذي اورده على هذه القاعدة، وهو الخرِّيت في علم الرجال. اولا: بيان اصل هذه القاعدة. ثانيا: حجيتها عند القدماء. ثالثا: بيان كلام السيد الخوئي (ره) في نقض هذه القاعدة. رابعا: في مناقشة نقض السيد للقاعدة، هل هذه النقوض تامة أو غير تامة؟. خامسا ما نذهب اليه في هذه القاعدة.
اما في تحرير هذه المسألة: ان التوثيقات التي وردت على قسمين: توثيقات خاصة، وتوثيقات عامّة.
من التوثيقات العامة: مثلا: كل ما ورد في اسانيد تفسير الفرات لعلي بن إبراهيم القمّي فهو ثقة، وما ورد في اسانيد كامل الزيارات لابن قولويه، إلى آخره ومنها مسألتنا: " كل من روى عنه ابن أبي عمير أو صفوان أو البزنطي أو اضرابهم فهو ثقة "، فإذا قلنا بالقاعدة فهناك المئات والعشرات من الروايات تكون قد تمّت ويمكن الاخذ بها، وإذا اسقطنا هذه القاعدة تسقط كل هذه الروايات عن الاعتبار.
يقول السيد الخوئي (ره) في معجم رجال الحديث،ج1، ص 63: 3 - رواية صفوان وأضرابه:
ومما قيل (هذا يشعر بتضعيف وتمريض هذا القول) أيضا بثبوته في التوثيقات العامة أو الحسن: هو رواية صفوان، أو ابن أبي عمير، أو أحمد بن محمد بن أبي نصر وأضرابهم عن شخص، فقد قيل إنهم لا يروون إلا عن ثقة، وعليه فيؤخذ بمراسيلهم ومسانيدهم، وإن كانت الواسطة مجهولا أو مهملا.
أقول (أي السيد الخوئي): الأصل في هذه الدعوى هو الشيخ (قدس سره)، فقد قال في أواخر بحثه عن خبر الواحد في كتاب العدة [1]: ( وإذا كان أحد الراويين مسندا والآخر مرسلا، نظر في حال المرسل. فإن كان ممن يُعلم (يُعلم مبني للمجهول) [2] أنه لا يرسل إلا عن ثقة موثوق به، فلا ترجيح لخبر غيره على خبره (فيتعارضان حينئذ، المرسل يعارض المسند)، ولأجل ذلك سوت الطائفة بين ما يرويه محمد بن أبي عمير، وصفوان بن يحيى، وأحمد بن محمد بن أبي نصر، وغيرهم من الثقات الذين عُرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون إلا عمن يوثق به، وبين ما أسنده غيرهم . . ).
هنا كلمات لا بد من الوقوف عندها: " يُعلم " نتج عنها " سوّت الطائفة " ولم يعبّر " بأجمعت الطائفة " ثم كلمة " عرفوا بأنهم لا يرون " عُرفوا مبني للمجهول. إذن أصل هذه الدعوى عند السيد الخوئي (ره) الشيخ الطوسي (ره) الذي هو ايضا من علماء الرجال بالاضافة إلى كونه من علماء الحديث والفقه.
ثالثا: نقاش السيد الخوئي (ره) لهذه الدعوى: ولكن هذه الدعوى باطلة، فإنها اجتهاد من الشيخ قد استنبطه من اعتقاده تسوية الأصحاب بين مراسيل هؤلاء ومسانيد غيرهم. وهذا لا يتم.( ركز السيد (ره) على أن هذه القاعدة اجتهاد من الشيخ (ره) وليس نقلا بل هو حدس منه وليس حسا من استقرائه لفقهاء الطائفة. وللتذكير في مسألة ولاية الأب على البنت لم نأخذ بكلام الشيخ الطوسي (ره) فاجتهاده له وحجّة عليه وعلى من يقلّده وليس علينا.
نعم نقله عن حسّ حجة علينا.
يكمل السيد الخوئي: أولا: بأن التسوية المزبورة لم تثبت، وإن ذكرها النجاشي أيضا في ترجمة محمد بن أبي عمير، وذكر أن سببها ضياع كتبه وهلاكَها، إذ لو كانت هذه التسوية صحيحة (من ذاكرة ابن ابي عمير لانه سجن وتلفت كتبه)، وأمرا معروفا متسالما عليه بين الأصحاب، لذكرت في كلام أحد من القدماء لا محالة، وليس منها في كلماتهم عين ولا أثر. (المقصود من القدماء من كان قبل النجاشي والشيخ الطوسي عن علماء الرجال، وعشرات الكتب التي كتبت في علم الرجال. لكن كم وصل لنا من هذه الكتب؟!).
فمن المطمأن به ( السيد الخوئي هنا يحاول أن يستنبش التاريخ) أن منشأ هذا الدعوى هو دعوى الكشي الاجماع على تصحيح ما يصح عن هؤلاء. (ستة من اصحاب الباقر (ع) وستة من اصحاب الباقر والصادق (عليهم) وستة من اصحاب الرضا (ع)، وبنى على ذلك ان أصل كلام النجاشي نشأ من الكشي، ولذلك صارت عن حدس وليس عن حس، فتبطل القاعدة) وقد زعم الشيخ أن منشأ الاجماع هو أن هؤلاء لا يروون إلا عن ثقة، وقد مر قريبا بطلان ذلك. ويؤكد ما ذكرناه أن الشيخ لم يخص ما ذكره بالثلاثة المذكورين ( أي قال الشيخ: سوت الطائفة بين ما يرويه محمد بن أبي عمير، وصفوان بن يحيى، وأحمد بن محمد بن أبي نصر، وغيرهم من الثقات، وهم أصحاب اجماع التصحيح) بل عممه لغيرهم من الثقات الذين عُرفوا بأنهم لا يروون إلا عمن يوثق به. ومن الظاهر أنه لم يعرف أحد بذلك من غير جهة دعوى الكشي الاجماع على التصحيح، والشيخ بنفسه أيضا لم يدع ذلك في حق أحد غير الثلاثة المذكورين في كلامه.
ومما يكشف عما ذكرناه - من أن نسبة الشيخ التسوية المذكورة إلى الأصحاب مبتنية على اجتهاده، وهي غير ثابتة في نفسها - إن الشيخ بنفسه ذكر رواية محمد بن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام. ثم قال في كلا الكتابين (التهذيب والاستبصار، وهذا تأكيد لما يقول): ( فأول ما فيه أنه مرسل، وما هذا سبيله لا يعارض به الاخبار المسندة ).
وأيضا ذكر رواية محمد بن علي بن محبوب، عن العباس عن عبد الله بن المغيرة عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام. ( وعبد الله بن المغيرة من أجلاء الرواة وهو من أصحاب الاجماع الذي ذكره الكشي).
وقال في التهذيب: ( وهذا خبر مرسل )، وقال في الاستبصار: ( فأول ما في هذا الخبر أنه مرسل ) وغير ذلك من الموارد التي ناقش الشيخ فيها بالإرسال، وإن كان المرسل ابن أبي عمير أو غيره من أصحاب الاجماع.[3]
إذن ملخص الكلام: أن مسالتنا هل كل من يروي عنه ابن ابي عمير ثقة أو لا؟ أساس الكلام كما يقول السيد الخوئي (ره) هو الشيخ الطوسي (ره) في العدّة والنجاشي وافقه عليها. ورد السيد الخوئي الاساسي هو ان كلام السيخ الطوسي عن اجتهاد وحدس وليس عن حس، بدليل انه هو يناقض نفسه احيانا، هذا المؤيد الاول والثاني انه يروي عن الضعفاء ايضا.
غدا ان شاء الله نكمل المطلب .


[2] فائدة: عندما يحذف الفاعل ويسند الفعل إلى مفعول، يعني ذلك أن هناك سببا ما لاجاها حذف ذكره، من جملة هذه الاسباب والدواعي بيان شهرة هذا العمل حيث لا داعي لذكر الفاعل. هذه النقطة مفيدة في مطلبنا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo