< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

36/05/03

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: ثبوت النسب.
طفل الانبوب: من هي الأم؟
الكلام في القول الثاني: صاحبة البويضة هي الأم.
الدليل الثالث الروايات: الرواية الثانية: حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله (ع) فقلت له : " إن الرجل ربما أشبه أخواله، وربما أشبه أباه، وربما أشبه عمومته، فقال: إن نطفة الرجل بيضاء غليظة ونطفة المرأة صفراء رقيقة، فإن غلبت نطفة الرجل نطفة المرأة أشبه الرجل أباه وعمومته، وإن غلبت نطفة المرأة نطفة الرجل أشبه الرجل أخواله. [1]
من حيث السند: الرواية معتبرة سندا، كلهم ثقات، لكن الكلام في علي بن ابي حمزة البطائني الذي ورد فيه تضعيف وقد وصفه علي بن الحسين بن فضال بأنه: " كذاب ملعون " وهو فطحي. وذكرنا في بحث سابق عن الواقفة انني اميل أن الواقفة جماعة أشراف بأكثرهم، وبتعبير هذا العصر " استشهاديون " في سمعتهم ولعلّها كانت حركة امنيّة رسمها الامام الكاظم (ع) بنفسه لأجل حماية الامام الرضا (ع)، كثير من كبار فقهاء الشيعة كعلي بن ابي حمزة وعثمان بن عيسى كانوا ثقات الامام الكاظم (ع)، ادعوا أن الامامة وقفت عند الامام الكاظم (ع)، وعلِّل وقفهم لأجل الاستيلاء على الأموال الكثيرة التي كانت لديهم. الذي أميل اليه أن حركتهم أرادها الإمام (ع) حفظا على حياة الامام الرضا (ع) باعتبار أن الامامة تتوقف عنده فيترك الامام الرضا (ع)، حركات امنية للحفاظ على نفس الامام (ع).
ويدل على ذلك عدّة أمور منها: أن علي بن ابي حمزة نفسه يروي عن الكاظم (ع) أنه قال له: " يا علي أنت واصحابك أشباه الحمير "، نلاحظ أولا أن الرواية عن الكاظم (ع) وليس عن الرضا (ع)، الكاظم (ع) يومن الشيعة بإمامته وكل الفقهاء وقفوا عند امامته وليس عند امامة الرضا (ع)، هذا يعني أنه ينقل عن من يؤمن بعصمته وهو إمامه، ينقل ذمّا له، هذا خلاف ما عند العقلاء. هذه الرواية قد يستدل بها على انه كذاب ملعون، لكن نقول ان هذه الرواية بنفسها مع التأمل وانها صادرة عن الامام الكاظم (ع) وليس من الامام الرضا (ع) تدل على أن هناك عمليّة كان يديرها الامام الكاظم (ع) واحد استشهادييها هو علي بن حمزة، اذهب سمعته لأجل أن يقال أن مجموعة من الفقهاء وقفوا عنده.
إذن علي بن ابي حمزة ثقة، أولا: لم يكن معلوما أنه كذاب ملعون كما ذكر النجاشي وغيره بناء على هذه الرواية.
وثانيا: المناط الذي أخذنا فيه بروايات بني فضال " خذوا ما رووا ودعوا ما رأوا " هذه تنطبق على ايضا على الواقفة، ولذلك المشهور الأخذ بروايات الواقفة الذين كانوا ثقات قبل الوقف. نعم الحسن بن علي البطائني كان كذابا.
اما من حيث الدلالة: واضحة الدلالة كسابقاتها، وتزيد عليها في وصف نطفة الرجل انها " بيضاء غليظة " ونطفة المرأة " صفراء رقيقة " وهي ذات الاوصاف التي تصفها فيه المراجع البيولوجية والطبية في عصرنا الحالي، وهذا يدل على قوّة الرواية قبل ألف وأربعمائة سنة وهذا نوع من العلم بالغيب [2].
ومنها: أخبرني علي بن حاتم رضي الله عنه (ثقة عن النجاشي) فيما كتب إليَّ قال: أخبرني القاسم بن محمد (ثقة)، عن حمدان بن الحسين (ثقة)، عن الحسين بن الوليد، عن ابن بكير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (ع) قال: قلت له: " المولود يشبه أباه وعمه، قال: إذا سبق ماء الرجل ماء المرأة فالولد يشبه أباه وعمَّه، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل يشبه الرجل أمه وخاله ". [3]
والرواية سندا فيها الحسين بن الوليد، وهو مجهول، ولا تنطبق عليه قاعدة من التوثيقات العامة، ليس ممن روى عنه صفوان ولا ابن ابي عمير، ولا ورد في تفسير الفرات ولا غير ذلك، لذلك الرواية ستكون مؤيدة ولا تكون دليلا.
ومن حيث الدلالة والاستدلال فيها كسابقتها، قال في الرواية السابقة " ان كانت نطفة المرأة اكثر " هنا قال " إذا سبق ماء ". أنا اعتقد أنها كلها جميعا تعبير عن مدلول واحد كما في كلمة " اغلب " في بعض الروايات.
ومنها: حدثنا أبو العباس محمد أبن إبراهيم بن اسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يوسف الخلال قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن الخليل المخرمي قال: حدثنا عبد الله بن بكر السهمي قال: حدثنا حميد الطويل، عن أنس بن مالك قال: سمع عبد الله بن سلام بقدوم رسول الله (ص) وهو في أرض يثرب فأتى النبي (ص) فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي ووصي نبي؟ ما أول اشراط الساعة وما أول طعام أهل الجنّة وما ينزع الولد إلى أبيه أو الى أمه؟ قال (ص): " …… وإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد إليه " [4].
من ناحية السند سند عامي.
من حيث الدلالة: هذه الرواية ليست كسابقاتها في وضوح الدلالة.
ومنها: حدثنا علي بن أحمد بن محمد رضي الله عنه قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي، قال: حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد البزاز، قال: حدثنا ابراهيم بن موسى الفراء، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن مرَّة، عن ثوبان: أن يهوديا جاء إلى النبي (ص) فقال له: يا محمد ……قال ـ أي اليهودي ـ : أفلا أسألك عن شيء لا يعلمه إلا نبي قال (ص) وما هو؟ قال: شبه الولد أباه وأمه؟ قال: " ماء الرجل أبيض غليظ وماء المرأة أصفر رقيق، فإذا علا ماء الرجل ماء المرأة كان الولد ذكرا بإذن الله عز وجل، ومن قبل ذلك يكون الشبه، وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل خرج الولد أنثى بإذن الله عز وجل ومن قبل ذلك يكون الشبه …. " [5].
من ناحية السند: السند عامي كسابقه.
اما من حيث الدلالة: " فإذا علا " هنا ذكرت أيضا الذكورة والانوثة وليس فقط الأوصاف، ونحن قلنا – ان نطفة الرجل تحمل 23 كروموزوما، 22 فيها تحمل الصفات وواحدة تحمل y الذكورة، وبالنسبة للمرأة ايضا كذلك وتحمل جينا واحدا هو x علامة الانوثة.
ومنها: ح6 - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد عن ابن خالد البرقي، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري، عن أبي جعفر الثاني (ع) قال: أقبل أمير المؤمنين (ع) ومعه الحسن بن علي (ع) وهو متكئ على يد سلمان، فدخل المسجد الحرام فجلس إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس فسلم على أمير المؤمنين فرد عليه السلام فجلس ثم قال: يا أمير المؤمنين أسألك عن ثلاث مسائل إن أخبرتني بهن علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما أقضى عليهم انهم ليسوا بمأمونين في دنياهم ولا في آخرتهم، وان تكن الأخرى علمت إنك وهم شرع سواء، فقال له أمير المؤمنين (ع) سلني عما بذلك، قال: أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه وعن الرجل كيف يذكر وينسى وعن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال ؟ فالتفت أمير المؤمنين (ع) إلى الحسن بن علي عليه السلام فقال يا أبا محمد أجبه فقال الحسن عليه السلام أما ما سألت عنه من أمر الرجل إذا نام أين تذهب روحه فان روحه معلقة بالريح والريح معلقة بالهواء إلى وقت ما يتحرك صاحبها لليقظة فإذا أذن الله عز وجل برد تلك الروح على صاحبها جذبت الروح الريح وجذبت الريح الهواء فأسكنت الروح في بدن صاحبها وإذا لم يأذن الله برد تلك الروح على صاحبها جذب الهواء الريح وجذبت الريح الروح فلم ترد على صاحبها إلى وقت ما يبعث. وأما ما سألت عنه من أمر الذكر والنسيان فإن قلب الرجل في حق وعلى الحق طبق فإن هو صلى على النبي صلاة تامة انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحق فذكر الرجل ما كان نسي. وأما ما ذكرت من أمر الرجل يشبه ولده أعمامه وأخواله فإن الرجل إذا أتى أهله بقلب ساكن وعروق هادئة وبدن غير مضطرب استكنت تلك النطفة في تلك الرحم فخرج الولد يشبه أباه وأمه وإن هو أتاها بقلب غير ساكن وعروق غير هادئة وبدن مضطرب اضطربت تلك النطفة في جوف تلك الرحم فوقعت على عرق من العروق فإن وقعت على عرق من عروق الأعمام أشبه الولد أعمامه وإن وقعت على عرق من عروق الأخوال أشبه الولد أخواله فقال الرجل أشهد أن لا إله إلا الله ولم أزل أشهد بذلك وأشهد ان محمدا رسول الله ولم أزل أشهد بذلك وأشهد إنك وصي رسول الله والقائم بحجته بعده وأشار إلى أمير المؤمنين عليه السلام ولم أزل أشهد بذلك وأشهد إنك وصيه والقائم بحجته وأشار إلى الحسن وأشهد أن الحسين وصي أبيه والقائم بحجته بعدك وأشهد على علي بن الحسين انه القائم بأمر الحسين بعده وأشهد على محمد بن علي انه القائم بأمر علي بن الحسين وأشهد على جعفر بن محمد أنه القائم بأمر محمد بن علي وأشهد على موسى بن جعفر انه القائم بأمر جعفر بن محمد وأشهد على علي بن موسى أنه القائم بأمر موسى بن جعفر وأشهد على محمد ابن علي انه القائم بأمر علي بن موسى وأشهد على علي بن محمد انه القائم بأمر محمد ابن علي وأشهد على الحسن بن علي انه القائم بأمر علي بن محمد وأشهد على رجل من ولد الحسين لا يكنى ولا يسمى حتى يظهر أمره فيملأها عدلا كما ملئت جورا والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته . ثم قام فمضى فقال أمير المؤمنين للحسن (ع) يا أبا محمد اتبعه فانظر أين يقصد فخرج الحسن بن علي (ع) فقال ما كان إلا أن وضع رجله خارج المسجد فما دريت أين أخذ من أرض الله عز وجل فرجعت إلى أمير المؤمنين (ع) فأعلمته فقال يا أبا محمد أتعرفه ؟ قلت الله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم فقال هو الخضر عليه السلام . [6]
من ناحية السند: احمد بن محمد عن ابن خالد البرقي. قد بكون احمد بن محمد بن خالد البرقي لكن تصحيفا ابدلت كلمة " بن " بـ " عن "، لا اشكال في احمد بن محمد بن خالد لأنه ثقة ويكون الحديث معتبرا. اما إذا كان احمد بن محمد عن ابن خالد، تكون الرواية عن ابيه – محمد بن خالد – هل هو ثقة أم لا؟
أما من ناحية الدلالة: الروايات السابقة تقول: " تعتلج النطفتان " " أسبق " و "اكثر ". هنا في هذه الرواية يشير إلى مرحلتين: إذا أتى امرأته ساكنا " الاستكانة من الأب، وإذا لم يكن مستكينا اضطربت العروق.
فأول دلالة أن حالة الجماع له أثر في صفات الولد، وهذا ابتكار حديث جدا يُدرس حاليا في مراكز الابحاث، كما ان هناك دراسة حول بعض الاطعمة التي تكون قبل الجماع مباشرة ولها أثر في تكون طباع الولد.
ولهذه الروايات أثر عقائدي أيضا بأن الائمة (ع) معصومون ليسوا فقط صحابة، ولهم الكرامة وعلمهم غير علم الصحابة. الروايات تنفعنا في مقام الاستدلال على هذه الامور.
المرحلة الثانية وهي حالت الاضطراب " فتضطرب العروق " وعبر بالعروق تبعا لزمانه لأنه شيء ضمن النسيج، فأعراق البشر هي الاصول العنصر الاساسي للشخص، حتى تعبيرات عصرنا بالصبغيات أو الغالبة أو الكامنة، قد تكون قاصرة لتوصيف ودقة الواقع.
ومنها: ما في كتاب زيد الزرّاد عن جابر الجعفي قال: سمعت أبا جعفر (ع) أنظر الآن يا مفضل كيف جعلت آلات الجماع في الذكر والأنثى جميعا على ما يشاكل ذلك عليه، فجعل للذكر آلة ناشره تمتد حتى تصل النطفة إلى الرحم، إذا كان محتاجا إلى أن يقذف ماءه في غيره، وخلق للأنثى وعاء قعرٍ ليشتمل على الماءين جميعا. ويحتمل الولد ويتسع له ويصونه حتى يستحكم، أليس ذلك من تدبير حكيم لطيف سبحانه وتعالى عما يشركون!؟[7]
من ناحية السند: زيد الزرّاد لم يوثق إلا بناء على قاعدة عامة وهي: ان من روى عنه ابن ابي عمير أو صفوان " هم ثقات، إذ أنهما واضرابهما لا يروون إلا عن ثقة ولا يرسلون إلا عن ثقة ".
زيد الزرّاد: روى عنه ابن أبي عمير بل روى كتابه، ويقول الشيخ الطوسي (ره) له أصل.
قاعدة : كل من روى عنه ابن أبي عمير فهو ثقة " وقد بحثنا هذه المسألة سابقا، إذا تمّت هذه القاعدة يعنى وثقنا عشرات الراوين والروايات، يعني اصبحت الروايات معتبرة، وإذا لم تتم سقطت العشرات من الروايات عن الاعتبار. هذه القاعدة لها الاثر الكبير في الاستنباط لذلك اخذت الكثير من الكلام.
غدا إن شاء الله نبحث هذه القاعدة لأهميّتها التي اشتهر عند القدماء تماميتها، وشكك الحديثون بها.


[2] هناك حديث سمعته عن عبد الله بن عباس: " لا تفسِّوا القرآن الزمن يفسره " نقله الشيخ محمد جواد مغنية في تفسير الكشاف ج6 ص 478. وورد بلفظ مختلف في تفسير الأمثل ج1 ص6، عن ابن عباس: " القرآن يفسره الزمان ". يعني أنتم أيها الناس كلما ازددتم علما وإدراكا ونموا وتطورا كلما عرفتم قيمة ومعلومات القرآن أكثر فأكثر. وهذا ينطبق على الروايات ايضا لان هناك امورا لم تكن معروفة في ذلك الزمان واصبحت الان من المسلمات، كفعالية المعدّة والكبد، الإمام الصادق (ع) في كتاب التوحيد للمفضل تحدث عنهما.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo