< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

36/04/06

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: محرمات النكاح.
-ادلة تحريم طفل الانبوب.
-العناوين الثانوية لتحريم مسألة طفل الانبوب. اختلاط الأنساب وقتل البويضة الملقّحة ولزوم النظر واللمس، والجواب عليه.
اولا: اختلاط الأنساب. نحن نعلم بالضرورة الفقهية ومن مقاصد الشريعة حفظ وعدم اختلاط الأنساب، وهو أمر انتزع من روايات كثيرة، من قبيل الحديث الشريف " إنما العدّة من الماء " [1] وكذلك في " أمر الفرج شديد ومنه يكون الولد " [2]، كل هذا إشارة إلى أن من مقاصد الشريعة حفظ الأنساب.
والجواب: نسلم بالكبر ولا نسلم بالصغرى. نعم نسلم بالكبرى وهي أن حفظ الأنساب مقصد من مقاصد الشريعة، لكن الصغرى غير تامة لأنه في مسألة طفل الأنبوب النسب معلوم ولا يوجد اختلاط، صاحب الحيمن وهو الأب معروف وصاحبة البويضة وهي الأم معروفة، ثم يجتمع الحيمن مع البويضة في أنبوب خارج الرحم، فالنسب معلوم تماما أبا وأما، فلا يرد إشكال حفظ النسب على مسألة طفل الأنبوب ولا في مسألة الاستنساخ.
ثانيا: قتل البويضات الملقّحة: ومن الادلة التي استدلوا بها على التحريم أيضا أنه يلزمه قتل البويضات الملقّحة، فيؤتى بأكثر من بويضة وتلقّح فتؤخذ واحدة وتزرع في الرحم والباقي يموت في الأنبوب، وقتل البويضة الملقّحة لا يجوز، هذا الدليل الخامس على التحريم.
الجواب: أولا: هذا تحريم بالعنوان الثانوي أي إذا لزم منه قتل بويضة ملقّحة، وليس تحرما بالعنوان الاولي. إلى الآن كل التقنيات الموجود لا يمكن أخذ بويضة واحدة، فإذا أمكن في المستَقْبَل أخذ بويضة واحدة ينتفي الدليل.
وثانيا: أول الكلام أن البويضة الملقّحة لا يجوز قتلها. في التلقيح الطبيعي يتم التلقيح في قناة قريبة من المبيض " قناة فالوب " ثم تنزل البويضة الملقّحة إلى جدار الرحم فتتغرز وتبدأ بالتكاثر حتى تصل إلى تكوين الجنين، هناك عدّة مراحل: ما قبل التلقيح، وما بين التلقيح والتغريز، وما بعد التغريز.
ما بعد التغريز بلا شك يحرم قتله ويسمى " الإجهاض "، وما قبل التلقيح بويضة وحيوان منوي يجوز قتلهما، الذي لا يجوز قتله هو النفس المحترمة إنسانا كانت أو غير إنسان. ما قبل التلقيح البويضة والحيوان المنوي لم يثبت كونه نفسا محترمة، فبذاتهما لا يحرم قتلهما ما قبل التلقيح.
أما كلام الفقهاء في حرمة القتل ما بين التلقيح الأول في قناة " فالوب " والتغريز بالرحم. وهو ينطبق على طريقة لمنع الحمل وهي ما أطلق عليه اسم " اللولب " وهو في بعض اشكاله عبارة عن آلة تمنع النطفة الملقّحة من التغريز في جدار الرحم، فمحل الكلام بين الفقهاء ما بين التلقيح والتغريز. السيد الخوئي (ره) جوز ذلك لأنه لا يصدق عليها في الروايات المحرّمة أنها " القت ما في بطنها " [3]. بعضهم قال ان بمجرد التلقيح وقبل التغريز لا يجوز القتل.
نقول: عند التلقيح لم تصبح إنسانا، ومبدأ الإنسان لا دليل عندنا على عدم جواز إتلافه ) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ( [4] التراب مبدأ إنسان ومع ذلك يجوز إتلاف التراب، الذي لا يجوز إتلافه أمران: النفس المحترمة، والإنسان، فلا بد من صدق أحد العناوين لإثبات تحريم الإتلاف. النطفة الملقّحة ليست إنسانا قطعا، نعم بعد التغريز هناك روايتان صحيحتان معتبرتان وردتا عن الإمام الصادق (ع) أنه بعد استقرارها في الرحم لا يجوز قتلها، وإلا للوهلة الاولى قد يقال بجواز قتلها كما عند عدد كبير من أبناء العامة الذي يقول بجواز الإجهاض قبل ولوج الروح قبل أي الأربعة أشهر، لأنه عبارة عن جماد ولا دليل على عدم جواز قتله، فالأصل البراءة.
النطفة الملقّحة هل هي نفس محترمة؟ فالذي لا يجوز قتله هو النفس المحترمة وهو عنوان وجودي يحتاج إلى دليل، وألا فالأصل عدمه.
قلنا أنه ما بعد التغريز أنه هناك روايات صحيحة في عدم جواز الإجهاض، وقسم من أبناء العامة يجوز الإجهاض ما قبل ولوج الروح.
وبين التغريز والتلقيح، بعضهم يقول بجواز الإتلاف، ودليل من يقول بعدم الجواز أنها نطفة ملقّحة وبدأت بتكوين أنسان، وأن عنوان " ألقت ما في بطنها " يشمله فالإسقاط حرام، كما لو أخذت دواء وألقت ما في بطنها، فيشمله وأنا أميل إلى ذلك. قد يقال: أخذ الإستقرار في كلمة " ألقت ما في بطنها " أي ألقت المستقر في بطنها. فانه يقال: غير تام، نعم الإستقرار يكون بعد التغريز. هذا أولا. وثانيا: من قال بأن الإستقرا مأخوذ في موضوع الإلقاء؟. نعم هناك إشعار به لا يصل إلى مرحلة الظهور!
وبعد التغريز لا يجوز الإتلاف.
كلامنا في طفل الأنبوب إذا تم التلقيح خارج الرحم هل يجوز قتله أو لا ؟ البعض في بعض الرسائل العمليّة استشكل في ذلك.
الجواب: الدليل على عدم جواز الإتلاف بعد التلقيح لو تمّ، فهو في الرحم وهو صدق عنوان " ألقت ما في بطنها " وهنا الإتلاف خارج الرحم، وهو ليس بنفس محترمة لأن روايات الإمام الصادق (ع) لا تشملها، ولا يصدق عنوان " ألقت ما في بطنها "، فلا دليل على عدم جواز الإتلاف خارج الرحم.
وبعبارة أخرى: مراحل النطفة: اولا التلقيح، ثم التغريز، ثم ما بعد التغريز.
ما بعد التغريز روايات الإمام الصادق (ع) تدل على أنه أصبح نفسا محترمة فلا يجوز قتلها. وهو القدر المتيقن منها.
وما قبل التلقيح ليس نفسا محترمة فيجوز الإتلاف.
وما بين التلقيح والتغريز: دليل من قال بجواز القتل أن موضوع حرمة القتل أمران: النفس المحترمة، وأنه إنسان. وكلاهما غير ثابت.
ومن قال بجواز القتل فهو بدليل آخر وهو صدق أنها " ألقت ما في بطنها " المحرّم في الرواية.
والذي ينفعنا هنا أن التلقيح له حالتان: تارة يكون في الرحم، وتارة يكون خارج الرحم.
إذا كان التلقيح في الرحم فلو أخذت دواء واتلفته يحتمل ان يصدق عليه أنه " ألقت ما في بطنها "، أما إذا كان خارج الرحم لا يصدق عليه أنه " ألقت ما في بطنها " وموضوع التحريم أنه نفس محترمه غير تام والأصل عدمه. وعليه جميع الدلة الدالة على عدم جواز الإتلاف غير تامة، إذن النطفة الملقّحة خارج الرحم الأصل جواز إتلافها.
إذن الدليل الخامس على التحريم وهو أنه يلزمه بالعنوان الثانوي قتل نطفة محرّمة غير تام.
والدليل السادس على تحريم طفل الأنبوب لزوم اللمس والنظر:
اولا هذا تحريم بالعنوان الثانوي، بعنوانه ليس حراما، فلو فرض أن زوجها طبيب وقام بالعمليّة فلا اشكال.
ثانيا: اللمس والنظر حرام فإذا عرض عنوان ثانوي كالضرر والحرج والعسر أصبحت بعنوانه الثانوي، كالطبيب الذي يكشف على المريضة.
أما إذا كان اللمس والنظر لحاجة عقلائية دون أن يصدق عليه الضرر أو أي عنوان ثانوي آخر، وذلك كطلب الولد، فهل يجوز في هذه الحالة؟ طبعا ومن دون صدق التزيّن والتبرج! هذه المسألة تحتاج إلى بحث.
إلى هنا ننتهي من مسألة حرمة طفل الأنبوب، والجواب أنه لا يحرم، ما دل على التحريم غير تام والأصل الحلّية، فمسألة طفل الأنبوب بعنوانها الأولي جائز والله العالم، أما العناوين الثانوية يرجع إلى ذمته.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo