< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

36/03/15

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: محرمات النكاح.
نعود للمراد من " الفراش والحجر " ان الفراش هو كناية عن العلقة الشرعية الصحيحة بين الزوجين: دائم أو موقت أو ملك يمين أو تحليل، والفرق بين الكناية والتصريح والمجاز، أن الكناية يراد منها معنى مجازي مع إمكان وقوع المعنى الحقيقي بخلاف المجاز. نعم ذكر بعض الاخوة الطلبة أن نسبة الولد لصاحب الفراش مجازٌ عقلي، أي مجاز في الاسناد.
الرواية الثانية في الوسائل، ح 3: وبإسناده عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته فقلت له: جعلت فداك كم دية ولد الزنا؟ قال: يعطى الذي أنفق عليه ما أنفق عليه قلت: فإنه مات وله مال من يرثه؟ قال: الإمام.[1]ورواه الصدوق بإسناده عن يونس. أقول: لعله عليه السلام ذكر حكم النفقة وترك الجواب عن حكم الدية لاقتضاء المصلحة ذلك.
ح 4 - وعنه عن علي بن سالم، عن يحيى، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل وقع على وليدة حراما ثم اشتراها فادعى ابنها قال: فقال: لا يورث منه فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: الولد للفراش، وللعاهر الحجر، ولا يورث ولد الزنا إلا رجل يدعى ابن وليدته. ورواه الكليني عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس مثله.
نعم في الرواية السادسة سيرد أن ولد الزنى يرث من قبل أمه فقط لذلك ذهب الصدوق وابي الصلاح (ره) إلى ذلك
ح6: وبإسناده عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، قال: ميراث ولد الزنا لقرابته من قبل أمه على ميراث ابن الملاعنة. قال الشيخ: هذه الرواية موقوفة لم يسندها يونس إلى أحد من الأئمة عليهم السلام، ويجوز أن يكون اختاره لنفسه لا من جهة الرواية بل لضرب من الاعتبار فلا يعترض به الاخبار. [2]
النتيجة: ان هناك روايات مطلقة لا يرث، وروايات أنه يرث على ميراث ولد الملاعنة، أي ترث الأم وعصبتها وجهتها دون الأب.
إذن من ادلة نفى ولد الزنى على ما ادعي: الاجماع، والضرورة، وروايات نفي الارث، وروايات قالت أنه لغُيّة.
لكن نحن أولنا الاجماع انه في عالم الاثبات وليس في عالم الثبوت.
أما كلمة لُغية الواردة في بعض الروايات: نذكر ما في الوسائل: باب 8، ح2: وعنه عن محمد بن الحسن الأشعري قال: كتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام (الجواد) معي يسأله عن رجل فجر بامرأة ثم إنه تزوجها بعد الحمل فجائت بولد هو أشبه خلق الله به، فكتب بخطه وخاتمه: " الولد لغية لا يورث ".
وبإسناده عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن علي بن مهزيار، عن محمد ابن الحسن القمي مثله. ورواه الكليني عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد عن علي بن سيف، عن محمد بن الحسن الأشعري. وعن عدة من أصحابنا، عن سهل ابن زياد، عن علي بن مهزيار، عن محمد بن الحسن الأشعري. ورواه الصدوق بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الحسن بن أبي خالد الأشعري مثله .[3]
من حيث السند الرواية معتبرة، وتعدد كتب الروايات يؤدي إلى انها رواية مشهورة في كتب الروايات، ومع تعدد الاسناد تسمى الرواية مستفيضة، والاستفاضة هي: ان يرويه اكثر من سند بما لا يبلغ حد التواتر، نعم بعضهم لم يكتف بالسندين لكي تسمى مستفيضة. نقول: ان المسألة اصطلاحية ولم ترد في نص والامر سهل.
الذي يؤيد أن الرواية في مقام اسقاط الولدية عن ابن الزنى أي كما فصل مع ابن التبني، نفس مفهوم الولدية لا ينطبق عليه فلا تنطبق احكام الولدية. أمران: الاول: أنه لُغيّة من كونه لا شيء فلا يورث. الثاني: أن الرواية ليست في مقام السؤال عن الارث.
ويمكن التخلص من ذلك أن الروايات الأخرى لم تذكر كلمة " لُغيّة " فالظاهر أنها مجرد توطئة لإسقاط حكم الإرث وبيان سبب الإسقاط، كما هو ديدن الأئمة (ع) كما وجدناه في كثير من الروايات حيث يقدّم الإمام مقدمة لبيان الحكم وهذا تعليم لنا اننا عندما نذكر حكما شرعيا وكان يخالف الذهنية العامة للناس فلنقدم له توطئة كي لا يكون صدمة للسامع، ولعلّ أكثر الروايات كذلك والمشكلة في الروايات ان ظروف الرواية والمقدمات وقسم منها لم تذكر، وخصوصا الروايات التي تصدم الذهن العام أو تكون على خلافه. هذه الفائدة التربوية تنفعنا وتنفع المبلغين في كيفية بيان الاحكام الشرعية.
وهنا يقول إن منشأ الولد ليس شرعيا وليس كما هو عند العرف، فكان سببا لإسقاط الإرث، وهذا المعنى قد يؤدي إلى زعزعة ظهور كلمة " لغيّة " في اسقاط الولدية، وخصوصا ان الروايات الكثيرة هي المعتمدة والمعتبره في عدم إسقاط مفهوم الولدية عنه شرعا ولم تذكر فيه هذه الكلمة.
ثم إن روايات إسقاط الإرث تشمل الأم والأب.
الأمر الثاني ما ذكره بعضهم في إسقاط خصوص إرث الأب، حتى نقل عن الصدوق وابي علي وابي الصلاح واسحاق الحاق ولد الزنى بأمه. ويمكن أن يستدل له بخبر اسحاق ابن عمار في الوسائل ج17 ب 8 من ابواب ميراث ولد الملاعنة وما اشبهه 9: وبإسناده عن محمد بن الحسن الصفار، عن الحسن بن موسى الخشاب عن غياث بن كلوب، عن إسحاق بن عمار، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام أن عليا عليه السلام كان يقول: ولد الزنا وابن الملاعنة ترثه أمه وأخواله وإخوته لامه أو عصبتها. أقول: ذكر الشيخ أنه خبر شاذ لا يترك لأجله الأحاديث انتهى. ويمكن حمله
على ما لو كان الوطي بالنسبة إلى المرأة وطئ الشبهة وبالنسبة إلى الرجل زنا. [4]
من حيث السند ففيه اسحاق بن عمار فطحي ثقة، وغياث بن كلوب ضعّف لم يوثق، فالرواية ضعيفة السند، وبهذا اللحاظ لا تقاوم الروايات العديدة الصحيحة الظاهرة في إطلاق عدم الإرث.
أما الدلالة فهي واضحة في أن ابن الزنى يورث من خلال أمه دون أبيه. والحر العاملي خرج الرواية بأمرين: أنه خبر شاذ فلا تترك الاحاديث المطلقة الكثيرة لأجل هذا الخبر. ثانيا: بأنه بالنسبة للمرأة وطء شبهة وللرجل زنا. وهذا الحمل حمل تبرعي الجأه اليه كثرة الروايات الواردة في العمومات والاطلاقات، والذي يهون الخطب عندنا ان الخبر ضعيف فلا نعتمد عليه فنبقى على العمومات والاطلاقات.
فائدة: قد يقال إذا كانت الرواية ضعيفة فلماذا يذكرها الحر (ره) في كتاب الوسائل خصوصا أنه كان يفتي بما يروي، وأن عناوين الأبواب هي فتاواه؟ الحر العاملي كان لا يعتمد على توثيقات الافراد بل كان يعتمد على الكتب، مثل الصدوق الذي يقول: ان الروايات جاء بها من كتب عليها المعوّل وعليها المعتمد. أي ان الصدوق شهد بان هذا الكتب صحيحة. فطريقة الحر في الاخذ بالروايات كانت كذلك لذلك كان يذكر بعض الاخبار ذات السند الضعيف يذكرها في الوسائل لأجل ان هذا هو مبناه في العمل بالروايات لذلك اضطر إلى تخريج بعض الروايات بجمع تبرعي كما خرّج هذه الرواية باحتمال انها من جهة الاب زنا ومن جهة الام وطء شبهة فترث.
أما من يذكر أن الاسناد لها اثر في الاعتبار وليست مسألة كتب وغياث بن كلوب ضعيف، سقطت الرواية عنده عن الاعتبار حتى لو وردت في الكتب التي عليها المعتمد والمعوّل كما عليه السيد الخوئي (ره) من اعتبار السند، حينئذ تسقط الرواية عن الاعتبار ولا مقيّد لتلك العمومات ونعمل بها.
وفي ح 6: وبإسناده عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، قال: ميراث ولد الزنا لقرابته من قبل أمه على ميراث ابن الملاعنة. قال الشيخ: هذه الرواية موقوفة لم يسندها يونس إلى أحد من الأئمة عليهم السلام، ويجوز أن يكون اختاره لنفسه لا من جهة الرواية بل لضرب من الاعتبار فلا يعترض به الاخبار. [5]
رذا على سؤال بعض الطلبة في توصيته بأخذ معالم الدين من يونس بن عبد الرحمن: الوسائل: ح 33: وعنه عن محمد بن نصير، عن محمد بن عيسى، عن عبد العزيز بن المهتدي والحسن بن علي بن يقطين جميعا، عن الرضا عليه السلام قال: قلت: لا أكاد أصل إليك أسألك عن كل ما أحتاج إليه من معالم ديني، أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه ما أحتاج إليه من معالم ديني؟ فقال: نعم. [6]
فالجواب: نعم الروايات التي تقول " عليك بيونس بن عبد الرحمان " نقول ان هذه الرواية ( أيونس بن عبد الرحمن ثقة) في مقام توثيق الراوي وليست في مقام إعتبار الآراء، مع ملاحظة التعبير بكلمة " عنه " ولم يستعمل كلمة " منه ". لذا نعمل بروايات اطلاق العمومات بأن ولد الزنى لا يورث لسقوط هاتين الروايتين اعتبارا وسندا، نعم من ثبتت عنده الروايتان كالشيخ الصدوق (ره) وغيره قال أن ولد الزنى يرث من جهة امه كولد الملاعنة ولا يرث من جهة الأب.
نعم لو تم هذا الكلام بالروايتين وانهما يورثان ولم يتم تخريج الحر العاملي ولم نأخذ باطلاقات وعموم الادلة، وذهبنا إلى تقييد العمومات بهما فانهما تؤديان إلى شيء وهو أن ولد الزنى ولد تكويني تثبت له كل احكام الولد شرعا إلا ما خرج بدليل.
الثاني مما يمكن أن يستدل به على عدم تحقق النسب بالزنى هو أصالة عدم الحادث لأنه شك في تحقق العنوان عند الشك في اشتراط شيء، فاذا لم يثبت العنوان لفظا فالأصل العملي هو عدمه من باب أصالة عدم الحادث التي ترجع إلى استصحاب عدم الحادث، وذكرنا سابقا أنه ليس هنا أصالة عدم الحادث بل كلها ترجع إلى استصحاب العدم، أي هي أصل عملي، ولذلك هذا الدليل بالأصل العملي ننفيه لوجود الادلة اللفظية وروايات التي ذكرناها.
غدا نعود إلى تنقيح معنى كلمة " لُغيّة "، وإلى بيان ادلة أنه حتى من قال بإسقاط الولدية قال بعدم جواز النكاح.


[1] أي انه لا يورث سواء كان من جهة الام أو من جهة الأب، الرواية مطلقة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo