< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

36/02/01

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: محرمات النكاح.
ثبوت النسب:
- الوطء غير المستحق واقعا بسبب محرّم؟ بعبارة أخرى: تساوي الصاحي مع السكران في الاحكام؟
- دلالة الروايات؟
- قاعدة ارتكاب المعاصي بسوء الاختيار لا ينافي الاختيار؟
بعد تلخيص ما مرّ في أسباب النسب نعود لدلالة الرواية.
من جهة الدلالة: فلا تدل الرواية على أكثر من أن مدمن الخمر يورث شاربه الجسارة على المعاصي، فحين السكر لا يؤمن أن يثب على حرمه وهو لا يعقل ذلك، وهذا ظاهر في الإرشاد إلى خطورة ما يمكن أن يفعل، وأن التسمية هنا بلحاظ واقعها أي ما كان عليه وليست تسمية بلحاظ فعلية الحال. وأين هذا من أن حكم السكران كحكم الصاحي؟!
رواية أخرى: في الوسائل: محمد بن علي بن الحسين في (العلل) و (عيون الأخبار) عن محمد بن موسى بن المتوكل، عن علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: حرَّم الله الخمر لما فيها من الفساد ومن تغيير عقول شاربها وحملها إياهم على إنكار الله عز وجل والفرية عليه وعلى رسله وساير ما يكون منهم من الفساد والقتل والقذف والزنا وقلّة الاحتجاز من شيء من المحارم، فبذلك قضينا على كل مسكر من الأشربة أنه حرام محرم لأنه يأتي ما عاقبتها ما يأتي من عاقبة الخمر فليجتنب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتولانا وينتحل مودتنا كل شراب مسكر، فإنه لا عصمة بيننا وبين شاربيها.[1]
من حيث السند: محمد بن موسى بن المتوكل وثقه العلامة وابن داوود. وعلي بن الحسين السعد آبادي أخذ الأصحاب برواياته. وأما محمد بن خالد والد أحمد بن محمد فمقبول الرواية، وأذكر هنا كلام الحر العاملي في الخاتمة حيث يقول: 1035 - محمد بن خالد البرقي، ثقة، من أصحاب موسى بن جعفر والرضا والجواد عليهم السلام، قاله الشيخ، وقال العلامة: محمد بن خالد بن عبد الرحمن بن محمد بن علي البرقي أبو عبد الله مولى أبي موسى الأشعري من أصحاب الرضا عليه السلام ثقة، وقال ابن الغضائري: يعرف حديثه وينكر، ويروي عن الضعفاء ويعتمد المراسيل، وقال النجاشي: إنه ضعيف الحديث، والاعتماد عندي (الحر العاملي) على قول الشيخ الطوسي من تعديله انتهى، وتضعيف النجاشي لحديثه بمعنى أنه كثيرا ما يروى عن الضعفاء فلا يلزم ضعفه ولا ضعف حديثه الذي يرويه عن الثقات ولذلك يعد أصحابنا حديثه صحيحا ولا يتوقفون فيه ولا في توثيقه. [2]
ومن حيث الدلالة: ما ذكر في الرواية السابقة، من أن عاقبة شرب الخمر ذلك ولو بعد صحوه.
أما معنى قولهم (عليهم) « إن الخمر رأس كل إثم »[3]، فالظاهر من معناها هو كونها توجد القابلية لكل الآثام، ووزانها وزان: « حب الدنيا رأس كل خطيئة »[4] وأين منها اتحاد السكران والصاحي في الأحكام؟! ويؤيد هذا التفسير قوله (ع) « مفتاح كل شر »[5] كما في ح5 و6 مرسلة ابن مسكان: « إن الله جعل للشر أقفالا وجعل مفاتيح تلك الأفعال الشراب »[6] إن التعبير بالشر يومي إلى ما ذكرناه وهو جعل القابلية للمعاصي في حال الصحو وإيقاعه في الشرور التي هي فعل المعاصي بما هي بغض النظر عن قصدها. وهذا هو الفرق بين التعبير بالشر والتعبير بالمعصية، فإن نفس الفعل القبيح إن كان بلحاظ ذاته وآثاره فهو شر، وإن كان بلحاظ الفاعل وجسارته على الله تبارك وتعالى فهو معصية. والتعبير الوارد في هذه الأخبار بالآثام والفساد والزنى وغير ذلك إنما هو بلحاظ ذاته، نعم هو يحتاج إلى قرينة، والقرينة هي ارتفاع التكليف عن الفاعل، وإلا لو كان بلا قرينة فان اللفظ ينصرف إلى حال الفاعل.
وعلى أية حال فإنها لا تدل على اشتراكها للسكران والصاحي في الأحكام.
وأما الاستدلال بالقاعدة: « ارتكاب المعاصي بسوء الاختيار لا ينافي الاختيار ».
ففيه: إنها قاعدة عقلية حيث يحكم العقل بأن من أوقع نفسه في موقع يعلم أنه سيتورّط بأمور محرّمة وسيكون مجبرا عليها حينئذ ولن يكون مختارا، فإنه آثم وهو مؤاخذ، تماما كمن رمى نفسه من شاهق بقصد الانتحار، ثم بدا له قبل أن يصل إلى الأرض أن لا ينتحر فإن ذلك لا يفيده فهو سيموت قطعا.
إذن هذه القاعدة موضوعها من يوقع نفسه بسوء اختياره في موقع يعلم سلفا أنه سيرتكب المعاصي فيه، أو أن يقصد ذلك.
أما من يوقع نفسه في موقع لا يعلم بارتكاب معصية فيه، ولم يقصد المعصية، فالعقل لا يحكم بهذه القاعدة. [7]
المختار: ولعلّ ذهاب العلامة في التحرير إلى عدم ثبوت الحد على الزاني الذي ارتفع عنه التكليف مطلقا ومنه ما لو كان بسبب محرّم كالسكر يشرب الخمر لعدم ثبوت دليل على ذلك مخالف المشهور، ونحن نؤيده لكننا نحتاط في مقام الفتوى والعمل.
السبب الثالث في ثبوت النسب: انعقاد النطفة من غير وطء.
نكمل غدا إن شاء الله تعالى.


[7] القاعدة عقلائية وليست نصا حتى نأخذ بإطلاقها عند الشك، العقلاء هم الذين حكموا بذلك، والحكم العقلي لبي لا شك فيه لانه إما يحكم أو لا يحكم فإذا كان لم يقصد ارتكاب المحرّم هل تنطبق عليه القاعدة؟.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo