< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

36/01/26

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: محرمات النكاح.
ثبوت النسب:
وطء الشبهة: صدور الوطء مع ارتفاع التكليف بسبب غير محرّم كالنوم وغيرها من الاسباب، وهذا اجماعا وطء شبهة، والولد ولد شبهة، فلو زنى فلا يكون آثما ولا يقام عليه الحد.
أما مع ارتفاع التكليف بسبب محرّم كما لو شرب الخمر حتى سكر ووطء امرأة اجنبية عنه، هل هذا الوطء يعتبر زنى ويقام عليه الحد، ويحكم على الولد بأنه ولد زنى، أو هو ولد شبهة باعتبار أن التكليف قد ارتفع عنه؟ قولان المشهور جدا هو أن الوطء وطء زنى والولد يلحق بأبناء الزنى فتلحق به احكام ولد الزنى.
يقول صاحب الجواهر: والثالث (أي الزنى): وطء من ارتفع عنه التكليف بسبب محرّم كالسكر، فإن المشهور أن وطء السكران بشرب خمر ونحوه زنى يثبت به الحد وينتفي به النسب كما عن الشيخين وغيرهما التصريح به، بل قيل: لم نقف على مخالف في ثبوت الحد سوى العلامة (ره) في التحرير، فنفاه عنه، ولكنه في غيره وافق المشهور. ولا ينافي ذلك عدم علمه بالتحريم حال سكره وإن اشترطناه في أصل ثبوت الحدّ، لكن من المعلوم أن ذلك لا يزيد على اشتراط التكليف المتحقق في الغرض، باعتبار أن العصيان بسوء الاختيار لا ينافي الاختيار، وليس هو شرطا زائدا على اشتراط التكليف كي يتجه ارتفاع الحدّ بارتفاعه. ولا يخفى على من أحاط بالنصوص الواردة في تحريم الخمر وكل مسكر أنها ظاهرة أو صريحة في أن السكران في أفعاله بمنزلة الصاحي في أفعاله، فيترتب ما يترتب عليه من قود وحدّ ونفي ولد وغير ذلك، وهو معنى قولهم (عليهم) " إن الخمر رأس كل إثم " وعدم توجيه الخطاب إليه باعتبار قابليته لذلك لا ينافي ترتب الأحكام ولو للخطاب السابق على حال السكر، كما هو واضح لا يحتاج إلى إطناب. [1] انتهى كلامه رفع مقامه.
ملخص كلامة أن الدليل على اعتباره زنى أمران: الأول: قاعدة سوء الاختيار لا ينافي الاختيار، والثاني: الروايات، ثم ردّ على إشكال بأن التكليف غير متوجه اليه، بولو كان بلحاظ الخطاب السابق على السكر.
وفيه: أن الروايات الواردة في ذلك ليست ظاهرة في كون الأحكام واحدة بين السكران والصاحي، بل قد يفهم منها أن شرب الخمر يؤدي بصاحبه إلى المحرمات، أي يصبح للشارب قابلية أكبر لارتكاب المحارم.
ولعلّ مراده من الروايات هي ما ورد في الوسائل: وفي العلل عن محمد بن علي ماجيلويه (ثقة)، عن عمه محمد بن أبي القاسم (ثقة)، عن محمد بن علي الكوفي، عن عبد الرحمن بن سالم، عن المفضل بن عمر قال: قلت أبي عبد الله (ع) لِمَ حرَّم الله الخمر؟ قال: حرّم الله الخمر لفعلها وفسادها، لأن مدمن الخمر تورثه الارتعاش، وتذهب بنوره، وتهدم مروّته، وتحمله أن يجُسر على ارتكاب المحارم وسفك الدماء وركوب الزنى، ولا يؤمن إذا سكر أن يثب على حرمه وهو لا يعقل ذلك ولا يزيد شاربها إلا كل شر " [2].
من جهة السند: الرواية ضعيفة بمحمد بن علي الكوفي الصيرفي والظاهر انه أبو سمينة لان ماجيلويه يروي كتابه، وليس كل صاحب كتاب ثقة، وهو مضعف عند المشهور. وعبد الرحمان بن سالم هو أيضا مضعف عند المشهور. أما المفضل بن عمر الجعفي هو من الكبار الاجلاء صاحب كتاب التوحيد، ولكن وردت فيه روايات ذم، والظاهر ان الذم الذي ورد فيه من قبيل الذم الذي ورد في زرارة حفاظا عليه كما ورد بما مضمونه: " إن القوم إذا عرفوا ان هناك من هو مقرّب منا آذوه، فنذمه للحفاظ على حياته، ولكن اباك كزرارة أربعة من النجباء إلى الله .. " هناك مدح لزرارة.
اما من جهة الدلالة: نقول أخيرا أن جعل الرواية في زمانها ومكانها يجعلنا أقدر على فهمها وفهم النص، لأن الامام (ع) أو الراوي يتكلم بحسب ما في عصره والبيئة التي حوله.
أما من ناحية الدلالة غدا نكمل إن شاء الله.




BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo