< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

35/12/26

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: هل يشترط في الولي الإسلام.
-احتمالات دلالة الآية.
-المختار من دلالة الآية.
نعود لقول الجبائي المعتزلي، ذكرنا كلامه لنطّلع على نمط من التفسير والتفكير لمتكلمي المعتزلة: " ولو حملناه على الغلبة لكان ذلك صحيحا، لأن غلبة الكفار للمؤمنين ليس مما فعله الله، فإنه لا يفعل القبيح، وليس كذلك غلبة المؤمنين للكفار، فإنه يجوز أن ينسب إليه سبحانه.
ملخص البحث في دلالة الآية ﴿ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً [1]. نذكره لما للآية من كثرة استدلال في جملة من الفروع لأجل إثبات حكم.
احتمالات الدلالة: 1- لن يجعل غلبة وظهورا في الدنيا للكافر على المؤمن.
2- لن يجعل سلطة تشريعية للكافر على المؤمن.
3- لن يجعل الله حجة وبرهانا للكافر على المؤمن في الآخرة.
أما الأول: فينفيه واقع الأمور في حياتنا الدنيا فقد وجدنا دول الباطل كدولة بني أميّة وبني العباس وجل دول الغرب والشرق وفي رعاياهم مسلمين، بل لقد قتل الأنبياء والأوصياء والأولياء بيد كفار. وحرف " لن " يفيد استقبالا، ويفيد تأبيدا على المشهور بين اللغويين، فغننا نجد الحسين (ع) استشهد بعد نزول الآية والإمام السابع الكاظم (ع) توفي في سجن الرشيد.
وأما الثاني: فهو أمر لا شك فيه، ومن القبيح أن يجعل الله للكافر على المؤمن سبيلا بمعنى سلطة تشريعية، فتكون الآية إرشادا إلى حكم العقل. وهي لا تشمل ما نحن فيه، فإن الولاية التي نحن في صدد إثباتها شيء والسبيل شيء آخر، لأن الولاية مسؤولية وعبء وإدارة أمور المولى عليه لما فيه مصلحة، أما السبيل فهي اليد والظهور والسلطة والغلبة.
ويتفرع على هذا المفهوم أن بعض الفقهاء استدل بهذه الآية على أن الله سبحانه لم يشرع حكما يستدعي أيّة سلطة وولاية لغير المسلم على المسلم، وفرعوا على ذلك كثيرا من الأحكام منها:
-إذا كان أبو الطفل مسلما وأمه غير مسلمة فلا حق لها في حضانة الطفل، لأن الولد يتبع أشرف الأبوين دينا، ويكون حكمه حكم المسلم. مع أن هناك إجماع في الحضانة إلى السنتين للأم.
تعليقنا على هذا القول: أن حضانة الأم مسؤولية عليها، لأنها بمعنى الاهتمام به وتنظيفه وغسل ثيابه وغير ذلك، وأين هذه الأمور من السلطة والسبيل. هل غسل الثياب هو غلبة وظهور وسبيل؟!.
ومنها: أن المسلم لا يجوز أن يوصي بأولاده الصغار لغير المسلم، وإن فعل بطلت الوصية.
وفيه: ما مرّ فإن العمل بالوصية مسؤولية يجب فيها مراعاة مصلحة الولد، وليس سبيلا بمعنى السلطة واليد والتصرف الكيفي. هناك اختلاف في المفهوم بين معنى الولاية التي نحن بصددها والسبيل، ونحن نميّز بين المفهومين. بأن هناك عموم وخصوص أو ان هناك تباين.
ومنها: أن الأب إنما تكون له الولاية على أولاده إذا اتحد معهم في الدين، أما إذا كانوا مسلمين والأب غير مسلم فلا ولاية له عليهم.
وفيه: أما الشق الأول: وهو الاتحاد في الدين فهو تابع للمشهور من ولاية الكفار بعضهم على بعض.
وأما الشق الثاني: فولاية الأب على أبنائه هي بمعنى المسؤولية والاهتمام والعبء والتكليف باختيار مصلحتهم، فهو أمر متعب له، وليست مسألة سلطة، وهو ظاهر معنى السبيل كما أسلفنا.
ومنها: أن حكم الحاكم غير المسلم لا ينفذ بحق المسلم وإن كان حقا، ولو كان معيّنا من قبل الحاكم الشرعي.
والجواب: الجواب.
إذن مسألة دلالة كلمة " سبيل " لها أثر في ظهور معنى الآية.
وهنا نسأل: هل يجوز الاستعانة بموظفين غير مسلمين في مجتمع إسلامي وإرادة إسلامية، أو دولة إسلامية؟
والجواب: إن مجرد الوظيفة هي مسؤولية وليست سلطة. ونحن فسرّنا السبيل بمعنى السلطة.[2]
وأما المعنى الثالث غدا ان شاء الله .


[2] سؤال من أحد الطلبة: السبيل هو الطريق إلى الشيء، فهو يشمل مطلق ما يكون للمرء طريقا إليه، فيشمل تدبير الأمور وتنظيف الطفل، ويشمل الغلبة، وذلك لإطلاق الآية.
والجواب: إن كلمة : " سبيلا " مستعملة هنا في معناها المجازي، وظهور المعنى المجازي هنا في خصوص الغلبة والسلطة، فتختلف عن معنى الولاية والحضانة التي هي موضوع حق المرأة أو الأب

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo