< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

35/01/28

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: حكم النظر إلى المسلمة الأجنبية المتدينة.
بعد ذكر ما مرّ ملخصا وذكر النتيجة وهي: انه إذا احرزنا ان هذه الآية في مقام بيان حكم النظر وعدمه كالحرمة أو الجواز أدت إلى العموم وهو: يحرم النظر إلى كل امرأة الا ما خرج بدليل. وإذا قلنا انها ليس في مقام بيان مسألة النظر ايضا لا تدل على التحريم. وإذا شككنا انها في مقام البيان ام لا، هنا نرجع للأصل، فهل الاصل في الشارع ان يكون في مقام البيان، أو الاصل أن يكون في مقام الاهمال والبيان يحتاج إلى قرائن أخرى، فكلام الشارع كان لبيان اصل المسألة بغض النظر عن التفاصيل؟. المهم ان ننظر إلى لسان الدليل ماذا يفهم السامع من المولى، إذا فهمنا كل التفاصيل حينئذ يجب أن يكون في مقام البيان، بخلاف ما إذا كان في بيان اصل المسألة من الحرمة والحليّة.
نقول: لكن الانصاف أن القرائن التي ذكرناها غير كافية لتعليل نفي الظهور بالأمر بغض البصر الذي يلزمه حرمة النظر إلى المرأة الأجنبية مطلقا، كما أنها غير كافية لاستظهار أن الأمر بغض البصر إرشادي وأن الآية بمجملها ليست في مقام بيان الحرمة المولوية للنظر إلى الأجنبية والنظر إلى الاجنبي، وانها في مقام مجرد النهي عن ما يوصل إلى العلاقة الجنسية المحرمة.
نعم لكني استظهر ذلك عندما أقرا الآية وإن كنت لا استطيع الاتيان بقرائن واضحة جلية على ذلك. وقد ذكرنا أن الظهور لا حصر لعلاماته [1]، بل قد لا استطيع أن افصح عنها.
وعليه، فمن كان عنده ظهور في إطلاق الأمر بغض البصر عمل به، ومن لم يحصل عنده ذلك باعتبار أن الآية في مقام الإهمال من هذه الجهة أخذ بالقدر المتيقن، وإن شككنا في الظهور أو في كونه في مقام البيان أو الإهمال، فالمسالة اصبحت من تطبيقات مسألة ذكرها الأصوليون وهي: أن الأصل في كلام المعصوم هو الإهمال أو البيان. وذكرنا سابقا أن الذي نراه هو البيان.
الآية الثانية: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾ [2].
ذكرنا أن هذه الآية تدور مدار التعليل، وقلنا ان هناك احتمالات: بان المرأة كمرأة تؤذى من قبل الرجل إذا عرفت مفاتنها فيطلب منها الستر، وهناك احتمال نميل اليه انه في ذلك الزمن كان المسلمون قلّة فإذا عرفت نساؤهم قد تؤذى من قبل المنافقين والكفار، فطلب منها ان تدني عليها جلبابها حتى لا تعرف. إذا وضعنا الآية في ذلك الزمان والمكان يمكن ان نستظهر المعنى.
ومع عدم وضوح التعليل لا يمكن استنباط أصل بوجوب الإدناء الذي يلزمه عرفا عدم جواز النظر.
الآية الثالثة: استثناء القواعد من النساء من التحريم، الذي يدل على عموم المستثنى منه. وهذا يعني ان غير القواعد بعمومهن يحرم النظر اليهنّ.
الدليل الثالث: الروايات:
ولا يبعد استفادة عموم لفظي يشمل كل افراد المرأة المسلمة الأجنبية، وذلك بقرينة الاستثناء، فإن الاستثناء يدل على عموم المستثنى منه. فإن استثناء النظر إلى المرأة التي يريد تزوجها من الحرمة تدل على عموم الحرمة لكل النساء عدا المستثنى، كذلك استثناء النظر إلى نساء أهل الذمة، وأهل البوادي والأعراب،خصوصا مع التعليل: «فإنهن إذا نهين لا ينتهين »[3]، تدل على عموم التحريم لكل افرد المرأة المسلمة إذا انتفت العلَّة المذكورة، مع انه في الرواية ذكر « انهم إذا نهوا لا ينتهون»[4] واو الجماعة للذكور، وقال بعض الفقهاء ان المقصود بان الرجال هم لا ينهون نساءهم عن ذلك. وبعبارة أخرى، لم يعطوا كرامة ولا قيمة للنساء التي اعطاها الاسلام بعدم جواز ضربها ولا اهانتها وعدم جواز اختراقها بالبصر. فإذا هي اسقطت هذه الحرمة فلا دليل على انه يحرم النظر إليها، وسنصل إلى ان المرأة التي يحرم النظر اليها هي المرأة المسلمة المتدينة التي تحافظ على هذه الموقعية التي هي بمنزلة الحكم لها التي لا يجوز لها التخلي عنه. واستثناء النظر إلى عورة الكافر التي تعني ان الكافر لا يقيم وزنا لهذه القيم.
أما روايات جواز النظر إلى نساء أهل الذمة لأنهن بمنزلة الإماء، فهي تدل على عموم حرمة النظر. الظهور في استثنائهن من موقعية الحرمة التي اعطاها الله عز وجل لبقية النساء، حيث ورد في رواية السكوني « لاحرمة لنساء أهل الذمة أن ينظر إلى شعورهن »[5]وهذا يمكن أن يكون ظاهرا في منع موقعية الحرمة عنهن، بعد أن كان ثابت للنساء. وهذا استظهار وإن لم نقل بمفهوم اللقب.
هذه الروايات ستنفعنا في تفسير الروايات الأخرى ويجعلنا نستظهر منها تفسير البعض الاخر، ولها اثر فكري. فإذا كانت حرمة النظر لأجل الشهوة وغير ذلك من اثارة، فالنظر إلى الإماء ونساء اهل الذمة والكفار ايضا النظر اليهنّ يؤدي إلى شهوة.
أما الروايات التي وردت في وسائل الشيعة الباب 105 باب تحريم التزام الرجل الاجنبية ولمسها ومصافحتها حرة أو [6] أمة ج 14: فلنستعرضها رواية رواية ومدى دلالتها على التحريم المولوي ومدى عمومها.















[1] الشيخ الانصاري (ره) في تقسيم الشبهة، قسم الشبهة إلى الحكمية والموضوعية، وقلنا اننا لا نرتضي بهذا التقسيم وقسمنا الشبهة إلى ثلاثة: الحكمية والمفهومية والمصداقية. الشيخ الانصاري (ره) في الشبهة الحكمية ذكر الاسباب منها اجمال الدليل وفقدانه وتعارض الدليلين وفي الشبهة الموضوعية لم يذكر الاسباب لان سببها الامور الخارجية وهي لا حصر لها. والظهور كذلك من أسبابه أمور خارجية وهي لا حصر لها، لذلك لم يتعرضوا لذكر أسباب الظهور وعلاماته بينما نراهم يتعرضون لذكر علامات الحقيقة وكيفية الوضع وأقسامه. .
[2] سورة الاحزاب.، آية59.
[6] كان من المفترض بعد همزة التسوية المحذوفة ان تستعمل أم. .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo