< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

34/05/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 العنوان: استحباب توكيل الأخ مع فقد الأب
  عن المختصر: قيل باستحباب توكيل الأخ مع فقد الأب نظرا لبعض الروايات التي فسَّرت قوله تعالى:" من بيده عقدة النكاح " حيث قال الامام (ع): هو الأب والأخ والرجل يوصى إليه والذي يجوز أمره في مال المرأة فيبتاع لها ويشتري .. ".
  وقد حمل الحر العاملي (ره) الرواية على كونه الأخ وكيلا، أو تقيّة. وليس هناك دليل على هذا الجمع التبرعي.
  ولكن: ذكرنا أن تفسير الرواية موجود في رواية أخرى في أبواب المهور من الوسائل ج 15 ب 52 ص 63 ح 5/ عن إسحاق بن عمار: قال: سألت جعفر بن محمد عن قول الله عز وجل: " إلا أن يعفون ... " قال: المرأة تعفو عن نصف الصداق، قلت: " أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح" ؟ قال: أبوها إذا عفا جاز له وأخوها إذا كان يقيم بها وهو القائم عليها، فهو بمنزلة الأب يجوز له، وإذا كان الأخ لا يهتم بها ولا يقوم عليها لم يجوز عليها أمره ".
  أقول: هذه الرواية توضح كيفية ولاية الاولياء المذكورين في الروايات السابقة وغيرهم، وهذا ليس حملا تبرعيا بل هي نص من الامام (ع) تبين الرواية الاولى، وحينئذ جمع الرويتين ينفي التعارض [1] ، فالروايات تجعل الاولياء على قسمين:
  قسم على نحو اللزوم والتعيين وهم: الأب، والجد، والوصي، والحاكم مع عدم وجود الثلاثة.
  وقسم على نحو الأولوية والاحقية وهو: الأخ بشرط قيامه بأمر البنت.
  وبهذا الجمع بين الروايتين، فلا دليل على المحامل التي حمل الحر العاملي (ره) الرواية عليه. وأصالة الجهة تنفي الصدور تقية، والتوكيل من دون أحقية. لا دليل عليه.
  وقد أشكل بعض المعصرين: بأن الروايات السابقة مطلقة تشمل حالة فقد الأب وحالة وجوده.
  ولكن يمكن أن يجاب: بأنه مع وجود الولي اللزومي لا تصل النوبة إلى غيره، الولي من باب الاحقية.
  ثم إن الرواية تقول: فهو بمنزلة الأب، ومع حضولا الأصيل لا تصل النوبة إلى البديل، إذ ظهور
  تزويج الوكيل موكلته من نفسه.
 ومن فروع أولياء العقد: تزويج الوكيل موكلته من نفسه.
  يقول العلامة (ره) في المختصر النافع: وليس للوكيل أن يزوجها من نفسه بغير إذنها.
  نقول: من باب تقسم المطلب أن تزويج وكيل المرأة من نفسه على ثلاثة أنحاء:
  - تارة نعلم بعدم شمول الوكالة للزواج منه، فيكون تزويجا لها بغير إذنها، وهذا باطل إجماعا.
  - تارة نعلم بشمول الوكالة للزواج منه كأن تصرح بذلك كأن تقول: زوّجني من رجل ولو كان هذا الرجل أنت. فهل يصح أن يزوجها من نفسه؟ وهو محل خلاف.
 - تارة أخرى لا نعلم بشمول الوكالة ولا بعدمه، كأن تقول: زوجني من رجل.
  أما النحو الاول: فقد قلنا بعدم صحة العقد وعدم تأثيره إجماعا، وقد أصبح نكاحا فضوليا يتوفق تأثيره على إذن المرأة.
  وأما النحو الثاني: ففيه قولان:
  الاول: الجواز، بمعنى صحة العقد، كما عن الاسكافي، والمحقق في الشرائع، والعلامة في القواعد والمختلف والتذكرة، والشهيدين في اللمعة والروضة والمسالك، وفي الرياض، وجواهر الكلام، والمحقق النراقي وقد نسب في الرياض المسألة إلى الأشهر.
  الثاني: المنع وعدم الصحة، وقد يستظهر من كلام كشف اللثام أن الأكثر أو المشهور على ذلك لأنه نسب الجواب إلى اثنين فقط.
  نبدأ بالقول الثاني دليل المنع. وذكر له دليلين: رواية عمار, ولزوم اتحاد الموجب والقابل.
  الدليل الاول: رواية عمار، في الوسائل ج 14 ب 10 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ح 4/ محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب، عن أحمد بن الحسن عن عمرو بن سعيد عن مصدَّق بن صدقة عن عمار السباطي قال: سألت أبا الحسن (ع) [2] عن امرأة تكون في أهل بيت فتكره أن يعلم بها أهل بيتها، أيحل لها أن توكل رجلا يريد أن يتزوجها، تقول له: قد وكلتك فاشهد على تزويجي؟ قال: لا، قلت له: جُعلت فداك وإن كانت أيما؟ قال: وإن كانت أيما، قلت: فإن وكَّلت غيره بتزويجها " فيتزوجها خ ل " منه؟ قال: نعم.
  ووجه الاستدلال هو بجعل النفي " قول الامام (ع) لا "، نفي لحلية، أو لصحة، أو تأثر هكذا زواج.
  والكلام في السند والدلالة.
  أما السند: فقد قال في المسالك: الرواية ضعيفة السند.
  لكن نقول: إن عمرو بن سعيد المدائني وثقه النجاشي، ومصدَّق بن صدقة، الاقرب توثيقه وإن كان عاميا. وعمار السباطي فطحي ثقة.
  وبالنتيجة: الرواية من جهة السند معتبرة موثقة.
  وأما من حيث الدلالة فقد أورد عليها، غدا نكمل إن شاء الله.
 والحمد لله رب العالمين.


[1] تذكير: عند تعارض خبران لدينا خمسة محامل: الحكومة، والورود، والتخصيص، والتقييد، والجمع العرفي. وهذه إذا تم أحدها يرتفع التعارض. فإذا لم تتم حينئذ يستحكم التعارض ونذهب إلى احكام باب التعارض والاحكام العلاجية. لتنزيل هو في كونه بديلا مع فقده.
[2] للتذكير: صاحب الوسائل في احدى فوائده في ج 20 يقول: إذا قيل في كتب الحديث أبا الحسن (ع) مجرد، فهو الكاظم (ع) وكذلك إذا قيل أبو الحسن الاول.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo