< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

34/04/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 العنوان: ولاية الوصي على الصبي في عقد النكاح
  أدلة من قال بالتفصيل بين نصّ الوصي على الولاية فتثبت، وبين عدمه فلا تثبت.
  الدليل الثاني الروايات:
  والإشكال على الاستدلال بهذه الروايات: أنها تدل على الكبرى وهو وجوب تنفيذ الوصية على عمومها ولا تدل على صحة الوصية بكل شيء، ومنه المشكوك، ومنه ما هو محل البحث أي الولاية على نكاح الصغير وذلك لنفس ما ذكرنا في التعليق على الاستدلال بآية:" يسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير". وقد قلنا إن عموم نفوذ الوصية كعموم قوله (ع): " الوقوف على حسب ما يقفها أهلها " وهو موجود، لكن لا يثبت مصاديقه، فإنها لا تدل على صحة وقف كل مشكوك صحته. وذكرنا أمس أمثلة مفصَّلة على ذلك.
  الدليل الثالث: إن الوصية بالمال نافذة بالنسبة إليه (الصغير) فكذلك هي نافذة في النكاح.
  وفيه: عدم الدليل على هذا التلازم. وقياس النكاح على المال قياس مع الفارق، باطل. ولا أولوية في البين.
  الدليل الرابع: ما مرّ معنا من قاعدة أسسناها وهي: كل وضعِ عرفي أمضاه الشارع يجري على ما هو
 عليه عرفا، فكل ما يصح عرفا يصح شرعا. [1]
  والوصية بالولاية على الصغير مما صححه العرف فيصح شرعا.
  والكلام في هذه القاعدة:
  أما في الكبرى: فقد صححنا هذه القاعدة وشيدنا أركانها، وقلنا إن مجرد استعمال الشارع لوضع عرفي فهو دليل على إمضائه، وحينئذ نجري مجرى العرف في الاعتراف به وبجميع أجزائه وشرائطه، إلا أن يدل دليل على خلافه.
  وأما في الصغرى: فإننا نشك في صحة الوصية بنكاح الصغير عرفا، ولذا نجد العرف يستغربون هذا النوع من الزواج فلا يصححونه، وبالنتيجة لا يصححون الوصية به أيضا. ومن هنا فالصغرى غير ثابتة، فلا يتم الدليل الرابع.
 بعبارة أخرى: لا يجوز للأب أن ينصب وصيا. وذكرنا مثلا في بيع أو نكاح الفضولي ان أهم اشكال على الفضولي كان: أن العرف لا يعتبر هكذا بيع أو نكاح أي فضولا لا يعتبره بيعا ولا نكاحا، وهنا أيضا في الوصية قد لا يعترف العرف بصحة الوصاية على الصغير أو الصغيرة في عقد النكاح. فلا يعتبر الوصية، ويكون الإشكال حينئذ في الصغرى.
 والنتيجة: أنه لا دليل على ولاية الوصي على الصبي في عقد النكاح.
 والحمد لله رب العالمين.


[1] توضيح القاعدة: الوصية قد وردت في الآيات والروايات ومعنى استعمال الشارع لها هو الإمضاء، كما في " أحلّ الله البيع " " أوفوا بالعقود " " الطلاق مرتان " مجرد الاستعمال للفظ يدل على الامضاء بما هو عند الناس، خصوصا إذا لاحظنا أن معظم الاوضاع " الزواج، الطلاق، الكفالة، الملكية، الشراء " هذه الاوضاع عقلائية كانت موجودة وليست اختراعا شرعيا، واستعمال الشارع لها اعتراف بها وبكل شراشيرها ومفرداتها، ولكنه تدخل في شرائطها واجزائها وتحريم بعض افرادها، كما ذكرنا في مسألة الملكية التي هي أمر عرفي موجود عند الناس ولم تتغير وليست اختراعا شرعيا وشواهد التاريخ تدل على ذلك، فلا يفهم من التملك غير ما عند العرف من المفهوم للملك، فإذا كان المفهوم لم يتغير واستعمله الشارع، يعني انه اعترف به، فكل ما هو مملوك عرفا هو مملوك شرعا. وقلنا أن الإشكال الاساس في هذه المسألة بانه عندما اقرّ الشارع الملكية هل اقراره كان على نحو الاهمال؟ وقد يسأل سائل: كيف انتقلت من المهملة " أوفوا بالعقود " " الوصية على ما اوصى " لو كانت المهملة إلى المحصورة؟ هل اعترف بأفراد الوصية؟ فالجواب: إنه اشتهر عند الاصوليين: لو شككنا ان الشارع في مقام البيان أو لا؟ هناك حالات ثلاثة: أولا: أن احرز ان الشارع في مقام البيان. فإذا كان في مقام البيان تتم المحصورة، كل ما ثبت عرفا ثبت شرعا. ثانيا: قد احرز انه ليس في مقام البيان، بل هو في مقام بيان اصل المطلب. هنا لا استطيع أن انتقل من المهملة إلى المحصورة. ثالثا: إذا شككت انه في مقام البيان او لا. اشتهر عند الاصوليين ان الاصل ان يكون الشارع في مقام البيان، فتكون هذه قرينة عامة على انه في مقام البيان وعليه ايضا تكون قرينة عامة على تمام مقدمات الحكمة. وحينئذ نستطيع أن نقول: كل ما استعمله الشارع من اوضاع عند الناس نستطيع ان نقول بالعموم، والخروج عن العرف هو الذي يحتاج إلى دليل. فإذن كل ما تمّم استعماله عند العرف ولم يحرز ان الشارع في مقام البيان، نستطيع ان نقول: كل ما كان عرفا كان شرعا إلا ما خرج بدليل. ففي الملكية مثلا تدخل الشارع في المملوك، قال ان الخمر لا يملك، وتدخل في السبب، قال: الربا والقمار لا يملك، وتدخل في الجهة، قال: العبد لا يملك. ومع عدم التدخل نستطيع الاخذ بهذه القاعدة العامة. حينئذ نستطيع أن نقول كل ما ثبت عرفا أنه وصية ثبت شرعا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo