< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

33/12/14

بسم الله الرحمن الرحیم

 تقرير الاستاذ
 المالكة أمرها
 هنا ننتقل إلى المراد من كلمة المالكة أمرها.
 في تفسير هذه الكلمة إذا كانت مالكة لأمرها احتمالان:
 الاحتمال الأول: أن تكون بمعنى الثيب، أو البكر التي لا أب لها، وقد يساعد على التفسير بعض الصحاح التي تجعل المالكة أمرها في قبال البكر التي لها أب، بناء على أن مرجع الضمير هو " الجارية " فقط، أو " الجارية البكر " فقط، أما لو كان مرجع الضمير هو " الجارية البكر التي لها أب " فإن قوله (ع) في ذيل الرواية " إذا كانت مالكة لأمرها تزوجت متى شاءت " يكون تفصيلا بين قسمين لمقسم واحد وهو " الجارية البكر التي لها أب "، فلا يتم هذا التفسير.
 والانصاف أن هذا التفسير غير تام لأمور:
 منها: أن الظاهر من عود الضمير في " لأمرها " هو تمام موضوع صدر الرواية، وإلا أصبح من نوع الاستخدام الذي يحتاج إلى دليل.
 ومنها: لزوم لغوية هذا الحكم، فإنها إن كانت مالكة لأمرها حتى في عقد النكاح، فإنها تتزوج متى شاءت، فتصبح القضية ضرورية، كقولنا: زيد الكاتب كاتب. وهذا النوع من القضايا وهي القضايا بشرط المحمول لا تستعمل عرفا إلا نادرا ولحالات خاصة كالتأكيد، وهو خلاف ظاهر الرواية.
 ومنها: الروايات التي تفسر معنى المالكة أمرها كما في خبر زرارة المروي في الوسائل ب9 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ح6، وسيأتي في الاستدلال على المختار في المسألة.
 ومنها: إطلاقه ينصرف إلى من قرارها بيدها.
 تقرير الطالب
 المالكة أمرها *
 كنا في ولاية البكر البالغة الرشيدة على نفسها في عقد النكاح، وصلنا إلى الطائفة الرابعة وهي التفصيل بين المالكة أمرها وغير المالكة لأمرها، ما معنى المالكة لأمرها؟
 في تفسير هذه الكلمة احتمالات:
 الاحتمال الاول: أن تكون بمعنى الثيب أو البكر التي لا أب لها. كما احتمله الحر العاملي (ره) وولاية الثيب على نفسها محل إجماع ولعله لم يشذ عن هذا الرأي إلا ابن أبي عقيل.
 فالمراد من " مالكة أمرها " مالكة أمرها في قرار الزواج، ففسرت بالثيب وبالبكر التي لا أب لها ولا جد.
 وقد يساعد على هذا التفسير ما قاله الحر العاملي في الوسائل قال: وتحمل هذه الروايات على الثيب، عندما علّق على رواية زرارة وغيره.
 وقد يساعد أيضا على هذا التفسير بعض الروايات الصحيحة التي تجعل المالكة أمرها في قبال البكر التي لها أب، كصحيح ابن مريم الذي مرَّ قال: الجارية البكر التي لها أب لا تتزوج إلا بإذن أبيها .... وإذا كانت مالكة لأمرها تزوجت متى شاءت "، " مالكة لأمرها "
 مقابل البكر التي لها أب، فإذا جعلت كذلك كأنما يستفاد من المالكة لأمرها الثيب، وإذا كانت مقابل التي لها أب تكون المالكة أمرها التي ليس لها أب. وقد يساعد على هذا المعنى هذه
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 * نسأل الله أن يعيد عليكم عيد الاضحى، واللهم وفقنا لحج بيتك الحرام، وإن شاء الله ان يوفقنا لإحياء عيد الغدير فهو العيد الأكبر وهناك أعياد قد أهملت ولها دلائل كبيرة جدا، كالمباهلة وقصة التصدق، في الرابع والعشرين من ذي الحجة قصة التصدق بالخاتم ونزلت فيه الآية القرآنية الواضحة جدا في ولاية علي (ع) التي لا ينكرها إلا كل مكابر " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ". وفي الخامس والعشرين من ذي الحجة وهو يوم المباهلة وهو واضح جدا في أفضلية الزهراء وعلي والحسن والحسين (عليهم) على جميع المسلمين، ففي أنفسنا وانفسكم ونساءنا ونساءكم وابناءنا وابناءكم، فإن الجمع المضاف من هيئات العموم فعندما نقول انفسنا يعني كل ما تعتبره نفسك يا رسول الله ائت به، وأت بعلي فقط، وابناءنا أتي باثنين لان الحسن له عدل، نساءنا وإن لم تكن جمع بالاصطلاح النحوي، فإنها اسم يدل على الجمع الذي لا مفرد له من لفظه، الجمع المضاف يفيد العموم، أي كل نساءك يا رسول الله احضرهم، فأتي بالزهراء فقط. وقد يقال أن هؤلاء نموذج كما ذكر بعض العلماء، والجواب أن النبي (ص) كان ذاهبا إلى المباهلة وهي أن ينزل الله عذابه على الكاذبين.
 ولذلك قال بعض المشايخ أن هذا شهر ذي الحجة فيه أعياد كلها حجج الله على خلقه فقال يجب أن نسميه ايضا ذي الحُجة " بالضم " لأنه حجة الله على الناس.
 الرواية التي فيها مقابلة، وهذا ما فهمه بعض العلماء. النتيجة: أن التي تجعل مالكة أمرها مقابل البكر التي لها أب بناء على أن مرجع الضمير هو الجارية فقط فيكون الجارية فقط هو المقسم، إن كانت بكرا لا تزوج إلا بإذن أبيها، وإن لم تكن بكرا تزوج. أو بناء على أن المقسم هو " الجارية البكر " والتقسيم بحسب كون لها أب وعدمه فالتي لها أب تحتاج للإذن، والتي ليس لها أب لا تحتاج إلى إذن.
 هناك في المقسم ثلاثة احتمالات: أما مطلق الجارية هو المقسم، وإما الجارية مقيَّد بالوصف الأول وهو البكر، وإما الجارية المقيَّد بالوصفين أي البكر التي لها أب. فإن كانت بكرا لها أب تحتاج إلى إذن وإلا فلا، تارة نفهم أن المقسم الجارية البكر بقيد الوصف الأول أي الجارية البكر التي لها أب تحتاج إلى إذن، التي ليس لها أب لا تحتاج إلى إذن.
 الاحتمال الثالث أن الموضوع بكامل أوصافه هو المقسم، الجارية البكر التي لها أب.
 هذه الاحتمالات الثلاثة موجودة فإذا كان مرجع الضمير " الجارية " هذا التفصيل قد يساعد على أن المعنى البكر مقابل الثيب، أو كان المقسم " الجارية البكر " يمكن أيضا التي لها أب أو التي ليس لها أب. في التقسيم الثالث وسيكون هو المختار يكون بحسب ملك القرار وعدمه، بغض النظر عن كونها ثيبا أو جارية.
 والانصاف أن هذا التفسير غير تام، أي بانها الثيب أو التي ليس لها أب أو المعنيين معا، لأمور:
 منها: أن الظاهر من عود الضمير في " لأمرها " في الاحتمالات التي هو للأخير أي إلى الموضوع بكامل أوصافه، كما إذا قلت: اذهب إلى العالم الفقيه الفاضل واعطه عشرة آلاف درهم وصلِّ وراءه. الضمير " الهاء " تعود للعالم أو ظاهرها ان يعود لكامل أوصافه وقيوده، وإذا عاد للبعض يكون من نوع الاستخدام الذي يحتاج إلى دليل في عود الضمير إلى بعض الموضوع، هناك ظهور كلامي والحجة في الموضوع هو استظهار الكلام، فلا معنى لدرس هذه المسائل في الاصول إلا إذا ساعدتنا على الاستظهار*.
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 * وذكرنا مرارا أن أصالة الاطلاق والعموم والحقيقة وأصل أن يرجع الضمير إلى الاخير، وأصالة عدم الاستخدام إلى آخره غير موجودة فالأصل الموجود هو أصالة الظهور، فإذا استظهرت من الكلام معنى يجب العمل به وإلا فلا. نعم قد يقال حينئذ ما الفائدة من مباحث الالفاظ، كما في مبحث المشتق أن الاصل فيه خصوص المتلبس، وإلا يحتاج إلى دليل. فإذا كان كله يرجع إلى أصالة الظهور فانا استظهر، فما معنى درس مباحث الالفاظ. نقول: إنما ندرسه ليساعدنا على الاستظهار فلو لم يساعد لا قيمة له. ولذلك كما ذكرنا مرارا أن من الأمور المهمة في عالم الاستنباط هو المراودة الكثيرة مع أعلى النصوص العربية الادبية في القرآن والروايات ونهج البلاغة وحتى القصائد، فإنها تعطي الكثير من الاستظهار الصحيح للمعنى.
 إذن إذا كان الضمير " الهاء " في " مالكة أمرها " يعود " للجارية " أو " للجارية البكر " أو يعود " للجارية البكر التي لها أب " أي الموضوع مع أوصافه، وظاهرها أنه يعود للموضوع مع كامل أوصافه، لأنه في مقام التفصيل، أما الموضوع دون بعض أوصافه، الوصف الاول أو الثاني فهذا يحتاج إلى قرينة ودليل، وهذا صار من باب الاستخدام. (1)
 ومنها: لزوم اللغوية، أي يلزم من هذا الحكم أنه لغو، فإنها إن كانت مالكة أمرها حتى في عقد النكاح، أي تتزوج متى شاءت فلا معنى بأن يقول: إذا كانت مالكة أمرها تزوجت متى شاءت، " مالكة أمرها " هي الموضوع، " تزوجت متى شاءت " حكم، وهذا الحكم في مقام التشريع أي انشاء حكم، فإذا قلت إذا كانت مالكة أمرها تزوجت متى شاءت، ومالكة أمرها معناه تزوجت متى شاءت. هذا ما نسميه في المنطق بشرط المحمول، أصبحت قضية ضرورية كما لو قلت: زيد الكاتب كاتب. فالقضية الضرورية لا تحتاج للإنشاء (2) وهذا من القضايا التي تسمى بشرط المحمول لا تستعمل عرفا إلا نادرا وفي حالات خاصة للتأكيد وتحتاج إلى دليل.
 ومنها: أي الدليل على أن هذا التفسير بمعنى الثيب لا نسلم به، الروايات التي تفسر معنى " المالكة أمرها " كما في خبر زرارة المروي في الوسائل ب 9 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ح6 وسيأتي مفصلا، هذه الرواية تدل على أن المالكة أمرها هي صاحبة القرار وليس الثيب.
 ومنها: التبادر اللغوي في كلمة " المالكة أمرها " وما يفهم منها عند إطلاق اللفظ فإن اللفظ عند إطلاقه ينصرف إلى من قرارها بيدها.
 هذه الامور تدلنا على أن المراد من كلمت " مالكة أمرها " ليست الثيب وليس التي ليس لها أب.
 والحمد لله رب العالمين.
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 (1) للتذكير: الاستخدام هو عود الضمير إلى غير ما هو له، جزءا أو بعضا، كـ " المطلقات يتربصن .... وبعولتهن أحق بردهن " خاص بالرجعيات، الموضوع في الاول المطلقات مطلقا سواء كانت رجعية أو بائنا، " وهنَّ " الضمير يعود إلى بعض المطلقات، وهذا ما يسمى بالاستخدام.
 (2) ذكرنا سابقا: أن الأصل في البيانات التشريع، وليس التأكيد والارشاد. الأصل في البيان أن يكون تأسيس لحكم. نعم في مسألة الارشاد فقط، وأنا اتكل على أن الاسلام دين الفطرة والمعروف أنه في التشريعات كما في الروايات كما يقول الامام الصادق (ع) " انظر إلى ما في قلبك " أي أن الانسان يستطيع أن يصل إلى كثير من الاحكام، أي أن الاصل في الاحكام الارشاد وليس التأسيس.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo