< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

33/07/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح/ أولياء العقد/ ولاية الصغير بعد البلوغ

كان الكلام في ولاية الصغير بعد البلوغ، هل له الفسخ أو لا؟

ذكرنا أن الإشكال في السند وبينّا ما ورد في الكناسي هل هو متحد مع يزيد أبي خالد القماط وهو كوفي ثقة، أو يزيد الكناسي شخص آخر، وذكرنا قول السيد الخوئي (ره) في معجم رجال الحديث . مع هذا التردد لا نستطيع توثيقه.

أما من حيث الدلالة: الرواية تقول: أن الغلام إذا زوجه أبوه ولم يدرك كان بالخيار إذا أدرك وبلغ خمس عشرة سنة أو يشعر في وجهه أو ينبت في عانته.

هذه الرواية فيها إشكال من جهة المتن وهو أن الإشعار في الوجه ليس دليلا على البلوغ، بل هناك إجماع على عدم كونه دليلا عليه. وهناك كلام في إنبات العانة. ففي نفس الرواية جعل العلامة مع غير العلامة، هذا يؤدي إلى التبعيض في الرواية، فبعضها نأخذ به وبعضها لا نأخذ به.

أجابوا على ذلك: أنها مسألة أصولية فلنعد إليها. في خبر الواحد إذا كان سنده صحيحا ومتنه بعضه يمكن الالتزام به فنأخذ به، وبعض المتن لا يمكن الالتزام به. اشتهر عندهم أنه تسقط الحجية في خصوص الجزء الذي لا يمكن الالتزام به وتبقى في الباقي. وذكر بعضهم أنه إذا كان في جملة واحدة سقطت حجية الجميع، وإذا كان جملتين منفصلتين فلا تسقط.

وهنا قالوا إن الإشعار لا يمكن الالتزام به، وعليه، جزء من الرواية سقط عن الحجية ومع كونها في جملة واحدة فقد سقطت الرواية بأكملها عن الحجية بناء على هذا المبنى.

نقول: أن المسألة ليست في الجملة الواحدة أو الاثنتان، الذي أسقط المتن ما هو؟ أن بعض الإشعار في الوجه ليس دليلا، وذلك لأن المشهور ذهب إلى خلافه. والشهرة بل الإجماع على الخلاف لا يضر في صحته. فنقول: إما أن نعرض عن هذا الجزء أو أن نؤوله، لأنه ليس من الذي لا يمكن الالتزام به بالضرورة أو بنص مقابل، بل عدم الالتزام به للشهرة على خلافه، تماما لو كان عندنا في متن واحد رواية واحدة أن الصلاة هي ركوع وقنوت وسجود وغير ذلك، جعل القنوت مع الأركان في متن واحد لا بد من تأويل ذلك، إما بمطلق الطلب أو بالأفضلية أو بشيء آخر.

أيضا هنا نقول: إذا وردت بعض العلامات الغالبة لكن ليست علامة شرعية حيث إذا ثبتت ثبت البلوغ. نقول حينئذ أن إنبات الشعر علامة غالبة وإنه في مقام درج العلامات الغالبة والثابتة، وليس هناك داع لإسقاط الرواية بأكملها.هذا التفسير في مقام إخراج المتن من الإشكال فلا مانع من العمل بالرواية إذا كان سندها صحيحا.

الرواية الثانية: صحيح الحذاء عن أبي جعفر (ع) ( عن غلام وجارية زوجهما وليان لهما وهما غير مدركين، فقال: النكاح جائز أيهما أدرك كان له الخيار )[1]

هذه الرواية تثبت أن للصغير خيار الفسخ.

الرواية الثالثة: وفي خبر أبان عن الصادق (ع) عن محمد بن يحيى عن موسى بن جعفر البغدادي عن ظريف بن ناصح عن أبان عن أبي عبد الله (ع) ( قال: ِإذا زوج الرجل ابنه كان ذلك إلى ابنه وإذا زوج ابنته جاز ذلك )[2]

هذه الرواية تشمل الصغير والصغيرة، وقد يحتمل اختصاصها بالكبير فللابن الخيار أما الابنة فلا تستأمر. فتكون الرواية دليلا على عدم وجوب استئمار البنت البالغة أيضا ولو بدون رضاها، كما ذهب إليه بعض العامة، نعم هو خلاف المشهور بل شبه الإجماع عندنا، بأنه لا بد من إستئمارها ولو على نحو الاشتراك بينها وبين أبيها.

الرواية الرابعة: عن محمد بن يحيى عن علي بن حكم عن أبان بن عثمان عن الفضل بن عبد الملك عن أبي عبد الله (ع) مثله

أيضا الرواية معتبرة.

هذه الروايات جميعا تدل على ثبوت خيار الفسخ للصغير.

الدليل الثاني: وهو ثبوت الضرر على الصغير إذا أدرك وذلك بوجوب المهر والنفقة. بحديث لا ضرر يثبت خيار الفسخ.

وهنا كلام

أولا: قالوا: أن لا ضرر تنفي حكما ولا تثبت حكما. وهذا ما ذهب إليه الكثيرون، وهنا يوجد إثبات حق الخيار للصغير.

ثانيا: قالوا إن الضرر يؤدي إلى إثبات المهر عليه والنفقة. هنا مع وجود الضرر فالعقد من أساسه باطل كما بينّا لاشتراط عدم المفسدة في أصل العقد، فإذا اعتبرنا أن ثبوت المهر والنفقة مفسدة له فيبطل من أساسه، أي انقلب العقد من عقد نافذ إلى عقد فضولي.

بهذا نقول أن الروايات المثبتة لخيار الفسخ، أقوى من أدلة نفي خيار الفسخ، فنذهب إلى ثبوته.

والحمد لله رب العالمين.

 


[1] - الوسائل باب11 من أبواب ميراث الأزواج ح1، .
[2] - الوسائل في الباب13 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ح3.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo