< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

33/06/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح/ أولياء العقد/ ولاية الأب على الصغيرين - الأدلة

كان الكلام في الأدلة على اعتبار العدالة

الدليل الثاني:آية الركون إلى الظالم حيث قال تعالى في سورة هود/114 " بسم الله الرحمن الرحيم، ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ". بتقريب أن الفاسق ظالم وتوليته ركون إليه، وهو منهي عنه، فلا يجوز تولية الفاسق.

وفيه: ان الكلام في معنى الظالم ومعنى الركون.

أما معنى الظالم: فهو يشمل الفاسق لغة. الظلم معناه وضع الشيء في غير موضعه ومن لوازمه النقص. الظلم مقابل العدل، وهو قبيح وبهذا المعنى الظالم يشمل الفاسق.

إلا ان الانسياق إلى خصوص السلطان الجائر مجال واسع كما ذكر بعضهم خصوصا مع ما قيل أنها وردت مورد سلاطين الجور وذلك لان الركون هو الاستناد إليه في نواحي الحياة، والنسبة إلى سلاطين الجور أتت مع ملاحظة كلمة " ركون " .

أما معنى " الركون ": هو الاستناد، والاطمئنان إليه. وليس كل تعامل ركون، لذلك يجوز بيع الظالم والشراء منه ويجوز الذهاب اليهم كما ورد في الروايات عندنا في زياد بن عبد الله الأمير الذي كان يذهب إليه الإمام الصادق (ع). فالزيارة نفسها ليست ركونا والتعامل ليس ركونا لذلك جاز توكيل الفاسق والظالم وجازت مشاركتهم والمعاملة معهم بيعا وشراء، وكفالة وضمانا إلى آخره.

فمجرد التعامل معه ليس ركونا، وهذا نفهمه من لحن الخطاب تماما كما في قوله (ع ) ( إذا رأيتم العلماء على أبواب الملوك فبئس العلماء وبئس الملوك، وإذا رأيتم الملوك على أبواب العلماء فنعم العلماء ونعم الملوك ).

هنا ما المراد من " العلماء على أبواب الملوك " يعني طلاب الدنيا، استناد إليه، ركون، وليس المراد منه قضاء مصلحة وحاجة. كلمة على أبواب تختزن معان كثيرة، ليس مجرد زيارة وطلب حاجة بل بمعنى طلب المستجدي والمتسكع.

ولذا قلنا إن التعامل مع النصوص العربية كفهم أدبي مهم جدا للفقيه لأن الألفاظ تختزن معان في أعماقها ليست مجرد ألفاظ متفرقة، لذا قلنا إن تقطيع الروايات فيها مشكلة كبيرة.

فهذا التعبير على " أبواب " نفهم منه التبعية والاستكانة والاستعانة التي تخالف استقلال الطالب وليس مجرد الزيارة كما قد يفهم البعض، ألا ترى أن الأئمة (ع) كانوا يزورون السلاطين والأمراء، والسلاطين يزورونهم، وحتى العلماء كالشيخ المفيد (ره) كان يزور عضد الدولة بن بويه.

وقبل التعرض للدليل الثالث نذكر أمرين

الأول: في مسألة التحسين والتقبيح العقليين قالوا: ان الحسن تارة فيه علّة تامة، وتارة اقتضاء، وتارة لا اقتضاء ولا عليّة.

الحسن عقلا إذا كان علّة تامة، مثاله: العدل. والقبح علّته تامة للظلم.

أما في الاقتضاء، مثل الصدق فانه قد يأتي ما يمنع هذا الاقتضاء من اثره فيصبح الصدق قبيحا من قبيل: إذا اسر المقاتل عند الأعداء فهل يكون صادقا في أجوبته ويكشف الأسرار العسكرية. ولذا قالوا ان الصدق فيه اقتضاء الحسن وليس فيه علّة تامة.

وهناك شيء لا حسن ولا قبح، لا اقتضاء ولا علّة تامة، من قبيل الضرب على الطاولة لا حسن ولا قبيح. فالضرب للتأديب هو حسن وتارة للتشفي فهو قبيح. وهنا قالوا ان العدل لا يمكن إلا أن يكون علّة تامة للحسن. بعبارة أخرى لا يمكن ان نتصور مكانا ما أن الظلم حسن، بعكس ان نتصور أن الكذب حسن مثلا: في إصلاح ذات البين والإصلاح بين الزوجين.

الثاني: الكفر هو الجحود وليس الإنكار، ليس مجرد من انكر وجود الخالق هو كافر، الكافر هو الجاحد الذي يعتقد في أعماقه ان الله موجود ولكنه ينكر أمام نفسه لا أمام الناس، لأنه يكون نفاقا. إذن هناك نفاق وكفر وإنكار.

الكفر هو الجحود لذلك سورة الكافرون سميت سورة الجحود. لذلك هو ظلم. لو فرضنا ان شخصا انكر مجرد إنكار أي اقتنع ان النبي محمد (ص) ليس نبيا، فهذا ليس جحودا بل هو إنكار أمام الناس وعدم قناعة أمام النفس. ولذلك الكفر اشد الكبائر " وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم " كيف يكون إذا كان الجحد عبارة عن عدم إيمان؟، يكفي ان يكون مع الاستيقان، معناه أن الإنسان في أعماقه يعلم بذلك ولكنه يقنع نفسه ان هذا الشيء غير صحيح.

 

والحمد لله رب العالمين.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo