< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

33/02/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح \ الزواج المدني \ صحة العقد مع فساد الشرط

نعود للدليل التاسع وهو تعارض الروايتين، وقلنا الظاهر أن الرواية الثانية الدالة على الصحة أقوى دلالة من الروايات الدالة على الفساد فإذا كانت كذلك أقوى لا نصل إلى مرحلة التعارض، ولو وصلنا إلى مرحلة التعارض قلنا أن الدلالتين متوازنتين، وحينئذ كل حسب مذهبه في تعارض الروايتين. في المسألة الأصولية فإن قلنا بالتخيير فيها، وإن قلنا بالاحتياط عملنا به وبمقتضياته، وإن قلنا بالترجيح، فالشهرة وجهة الصدور إلى جانب الفساد كما ذكر الحر العاملي (ره).

أما عمومات الكتاب " أوفوا بالعقود " بناء على شمولها لما نحن فيه، فهي إلى جانب الصحة وحينئذ كل حسب منهجه في الترجيح. أما نحن في مسألة التعارض نميل إلى ما ذكره الشيخ الأنصاري (ره) وهو الأقربية للواقع من دون الرجوع إلى مصاديق المرجحات، التي هي مجرد مصاديق ذكرت في الروايات وليس بما هي مقصودة، وذكرنا هذه المسألة سابقا، وقلنا دليلها بكل اختصار: أن سيرة العقلاء لما كانت هي الدليل على حجية أصل الخبر أيضا تكون دليلا يعيننا في باب التعارض، وإنا نرى أن الناس إذا كان لا بد من العمل بإحدى الروايتين يعملون بما هو اقرب للواقع.

فالظاهر حينئذ صحة الشرط لما تميل إليه الفطرة البشرية من الالتزام بكل شرط. هذا كله مع ثبوت خيار الفسخ في العيوب والتدليس.

الدليل العاشر

وأيضا نضيف على أن ما يمكن الاستدلال به أو ما يمكن أن يعتبر دليلا عاشرا هو الروايات الظاهرة في حصر خيار الفسخ في العيوب والتدليس، الموجودة في كتب الروايات منها في الوسائل ج 14 باب 1 من أبواب العيوب والتدليس. الدليل هو أن الخيار في العيوب والتدليس، الظاهر منها الحصر بمفهوم الحصر، فغير العيوب والتدليس لا خيار فيه، ومفهوم الحصر من أقوى المفاهيم.

والجواب: أن هذا الحصر هو بالنسبة للعيوب هو ليس مطلقا.

ومن باب التذكير أن الحصر على نوعين: حصر حقيقي، وحصر إضافي.

الحصر الحقيقي مطلق، وليس له دائرة، وله مفهوم عام من قبيل قولنا " لا اله إلا الله " فحصر الإلوهية بالله عز وجل حصر حقيقي وله مفهوم أن كل شيء غير الله ليس إلها.

الحصر الإضافي ما كان ضمن دائرة بالإضافة إلى أمر، مثلا: أظن أن زيدا شاعر وفقيه، فأقول: ما زيد إلا فقيه، أي مقابل الشاعرية، فالحصر الإضافي له مفهوم لكن ضمن دائرة، بل غالبا لا يكون إلا للمفهوم، إي بالإضافة إلى الشاعرية والفقاهة هو فقيه فقط لا أنه ليس له صفات أخرى، ليس قصدنا عاما، فالحصر الإضافي له مفهوم ضمن دائرته.

من هنا هذه الروايات التي تحصر خيار الفسخ بالعيوب في خمسة إمراض أو سبعة، هناك ثلاث روايات في مضامينها هي ضمن دائرة العيوب لا أنها تدل على نفي مطلق خيار الفسخ في كل شيء.

إلى هنا نكون قد انتهينا من مبحث الزواج المدني وملخص البحث بأكمله:

العقد بين غير المسلمين، فالزواج صحيح. وأما ما بين المسلمين، فإن من يقول بوجوب صيغة خاصة لصحة عقد النكاح فلا بد أن يأتي بنفس الصيغة.

ومن لا يشترط الصيغة، كما نميل إليه، فالزواج صحيح. هذا من حيث الإنشاء.

أما من حيث المنشأ، الحالة الزوجية وأحكامها وآثارها فالأحكام التي لا تنافي شرع الله فهي ثابتة تامة صحيحة يجب الالتزام بها لعموم قوله (ع) " المؤمنون عند شروطهم " وهذا الحكم نوع من الشروط في متن العقد.

وأما ما ينافي شرع الله فهو من قبيل الشرط الفاسد، وحينئذ إن قلنا بأن فساد الشرط يقتضي فساد المشروط، حكمنا بفساد العقد، ويكون من أساسه باطلا وله أحكام بطلان العقد.

وإن قلنا بأن فساد الشرط لا يقتضي فساد المشروط حكمنا بصحة العقد. ثم مع الحكم بالصحة ذهب المشهور بل الإجماع إلى عدم ثبوت خيار الفسخ وإن ذهبنا إلى أن الأقوى ثبوته وهذا في عالم النظرية العلمية. من الصعب مخالفة المشهور ولكن قلنا انه مردود ونعود إلى القواعد العامة والأصول اللفظية من " أوفوا بالعقود " ومن " المؤمنون عند شروطهم " والقواعد العامة المذكورة، بالإضافة إلى أن خيار الفسخ موجود، فنقول أن عقد الزواج يتحمل الفسخ وخيار الفسخ وهو موجود في العيوب والتدليس، وهناك فسخ وانفساخ في حال الكفر والارتداد. مع العمومات نميل إلى صحة وثبوت خيار الفسخ موجود في كل العقود ومن جملة العقود عقد الزواج فهذا يكون مندرجا تحته.

زواج المسيار

ننتقل إلى مبحث آخر لنمطين من الزواج، ولا بأس بالمرور عليهما سريعا، وليس في عالم الشيعة الأمامية ذلك لكنه في عالم أبناء العامة، وهو زواج المسيار والزواج العرفي.

نبدأ في التعريف في كتاب لسليمان بن صالح الخراشي يقول في الفرق بين زواج المسيار وزواج المتعة والزواج العرفي.

يقول: أحببت تعريف هذه الزواجات الثلاثة، وبيان الفرق باختصار، ناقلا من رسالة زواج المسيار للشيخ عبد الملك المطلق والزواج العرفي في ميزان الإسلام الأستاذ جمال بن محمود.

التعريف:

زواج المسيار: هو أن يعقد الرجل زواجه على امرأة عقدا شرعيا مستوفي الأركان لكن المرأة تتنازل عن السكن والنفقة – ولعل التسمية من يسير، يأتي إليها، كل شيء يبقى كما هو في عقد الزواج، لها الإرث وكل لوازم الزواج من نسب ومعاملة ومعاشرة بالمعروف الأخلاقية مع الزوجة، استحبابا أو وجوبا، في التقسيم، الأربعة والمبيت لكن تتنازل عن السكن والنفقة.

زواج المتعة: هو ان يتزوج الرجل المرأة بشيء من المال مدّة معينة ينتهي النكاح بانتهاء المدّة من غير طلاق وليس فيه وجوب نفقة ولا سكن ولا توارث يجري بينهما إن مات احدهما قبل انتهاء مدة النكاح. تعريف سليم.

الزواج العرفي: وهو نوعان،

الأول: باطل وهو أن يكتب الرجل بينه وبين المرأة ورقة يقر فيها أنها زوجته، ويقوم اثنان بالشهادة عليها وتكون من نسختين واحدة للرجل وواحدة للمرأة، ويعطيها شيئا من المال. وهذا النوع باطل لأنه يفتقد للولي ولقيامه على السرية وعدم الإعلان.

الثاني: شرعي وهو أن يكون كالزواج العادي لكنه لا يقيد رسما عند الجهات المختصة، وبعض العلماء يحرمه بسبب عدم تقيده عند الجهات المختصة، لما يترتب عيله من مشاكل لا تخفى بسبب ذلك.

إذن المسيار تتنازل عن السكن والنفقة، المتعة إلى أمد وليس فيه وجوب نفقة ولا إرث، العرفي قسمان: الأول باطل لأنه يفتقد للولي، مجرد ورقه، والثاني شرعي.

هذه الزيجات الثلاثة الموجودة، ثم يقول سليمان بن صالح: أوجه الشبه بين الزواج العرفي الموافق للشريعة، وزواج المسيار ثم الفرق بينهما ثم الفرق بينها والمتعة.

نكمل في مقام بيان هذه الأمور، وغدا نشير متى يكون العرفي صحيحا، ومتى المسيار يكون صحيحا، وسنذهب إلى المسيار والعرفي بالمعنى الثاني كلاهما صحيح.

 

والحمد لله رب العالمين.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo