< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

31/11/18

بسم الله الرحمن الرحیم

خلاصة البحث

المرحلة الرابعة والأخیرة في معالجة الشبهة الحکمیة:

إذا لم یجد المکلف علما ولا أمارة معتبرة ولم یجد دلیلا عاما ینقحه أصل لفظی: یقف حینئذ حائرا یسائل نفسه ماذا یصنع؟ ماذا یعمل؟ تصل النوبة إلی المرحلة الرابعة والأخیرة في معالجة الشبهة الحکمیة. وهي مرحلة الأصول العملیة وهي أربعة:

ـ الاستصحاب عندما تکون للمکلف حالة سابقة.

ـ البراءة عند الشک في التکلیف.

ـ الاحتیاط عند الشک في الامتثال.

ـ التخییر عند دوران الأمر بین الوجوب والحرمة

تنبیه: الحکومة والورود یجریان عند معارضة الأصول العملیة بعضها لبعض.

فإذا موضوع البراءة العقلیة عدم البیان فکل أصل شرعي صالح لأن یکون بیانا وإذا کان موضوع الاحتیاط عدم المؤمِّن فکل أصل شرعي صالح لأن یکون مؤمِّنا وکذا في التخییر کل أصل شرعي صالح لأن یکون مرجِّحا.

انتهینا من الشبهة الحکمیة: تعریفها ـ أسبابها ـ طریقة معالجتها.

ونشرع بالشبهة المفهومیة: تعریفها أسبابها طریقة معالجتها.

تعریفها: المراد منها هنا في هذه المنهجیة إجمال الحکم بسبب إجمال متعلقه لا بسبب إجمال الصیغة الدالَّة علیه ولا بسبب إجمال المتعلق.

المرحلة الرابعة: مرحلة الأصول العملية وهي الأخيرة:

إذا لم یجد المکلف علماً ولا أمارة معتبرة ظاهرة غیر معارضة ولم یجد أصلاً لفظیاً یرجع إلیه، یقف حینئذٍ محتاراً یسائل نفسه ماذا یصنع وماذا یعمل؟ حینئذٍ تصل النوبة إلی الأصول العملیة وهي أربعة:

الاستصحاب، البراءة، الاحتیاط، والتخییر.

وإنما سمیت أصول عملیة لأنها تبین له وظیفته العملیة، وهي جواب عن سؤال المکلف المحتار: ماذا أعمل؟

وبإیجاز نورد مجاري هذه الأصول:

الاستصحاب:

یجري عند الشک فی التکلیف مع وجود حالة سابقة له فنستصحبها کما لو کنت علی وضوء، ثم شککت في حدوث ناقض، فأستصحب الطهارة.

فموضوع الاستصحاب: علم بحالة سابقة.

البراءة:

تجري عند الشک في التکلیف: کما لو شککت بحرمة التدخین فالأصل عدمها.

الاحتیاط:

تجري عند الشک في الامتثال: کما لو وجب عليَّ الوضوء، وکان معي إناءان، أحدهما ماء، والآخر ماء ورد مثلاً، فلا بد حینئذٍ بالوضوء بالاثنین معاً کي أحرز الطهارة، لأن الاشتغال الیقیني الفراغ الیقیني.

التخییر:

یجري عند الشک في التکلیف ودوران الأمر بین الحرمة والوجوب، عند عدم وجود حالة سابقة.

تنبيه:

أن الحكومة والورود يجريان أيضاً عند معارضة الأصول العملية بعضها لبعض.

بيانها :

الفرق بين الحكومة والورود:

الحكومة ما هي؟

هي توسيع الموضوع أو تضييقه، مثلاً: "الطواف صلاة"، هذا النص ناظر إلی مفهوم الصلاة ليوسعه فيشمل الطواف. ولذلك قيل: هو تخصيص تعبداً.

الورود هو تخصص تعبداً، كيف؟ مثلنا له بالأمارات ومعارضتها للأصول العملية، الأمارات خبر أو شهرة كما ذكرنا أو ظن مطلق إلى آخره، وهي كل دليل ظني يؤخذ بما هو كاشف عن الواقع، والأصول العقلية مثل: أصل البراءة، أصل التخيير، وأصل الاحتياط، فالبراءة العقلية وهي حکم العقل بقبح العقاب بلا بيان، موضوعها عدم البيان وکل أمارة معتبرة صالحة لأن تکون بياناً فارتفع الموضوع.

بل كل أصل شرعي صالح لأن يكون بيانا، فلما كان صالحاً لأن يكون بياناً ارتفع موضوع القاعدة فارتفع ـ ليس ضُيّق أو وُسّع ـ ارتفع كلياً هذا ما سموه بالورود، البراءة العقلية موضوعها ليس عدم العلم، بل عدم البيان، يعني يقبح على المولى أن يعاقبني إذا لم يبين لي "وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً " يوجد بيان، يوجد إيصال، الخبر إيصال، ولذلك الأصول الشرعية مقدمة أيضاً على الأصول العقلية من باب الورود، لماذا؟ لأن الأصول الشرعية صالحة لأن تكون بياناً.

التخيير:

هو مجراه ما إذا دار الأمر بين الوجوب والحرمة مع عدم إمكان الاحتياط، ومع عدم وجود مرجح لأحدهما مثل حالة سابقة. وكل خبر معتبر صالح لأن يكون مرجحاً، وكل ظن مطلق حجة، وكل شهرة حجة، وكل قياس حجة، وكل سيرة عقلائية حجة، وكل أصل شرعي حجة، هو صالح لأن يكون مرجحاً فارتفع موضوع التخيير العقلي.

والاحتياط:

وهو حکم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل عن النفس، وذلک عند عدم وجود مؤمِّن. فموضوع الإحتياط العقلي هو عدم المؤمِّن، وکل أمارة معتبرة من خبر أو غيره هي صالحة أن تکون مؤمِّناً، فارتفع الموضوع فصار تخصصاً تعبداً وليس تخصيصا.

الشبهة المفهومية

البحث في الشبهة المفهومیة في النقاط الثلاث:

في تعریفها في أسبابها وفي کيفية معالجتها

تعريفها:

أما النقطة الأولی: وهي تعريف الشبهة االمفهومية.

فالمراد منها في هذه المنهجیة، هي اشتباه مفهوم متعلق الحکم.

كل الشبهات تؤدي في النتيجة إلی اشتباه في الحکم، والمراد هنا اشتباه الحکم بسبب اشتباه مفهوم المتعلق، لا بسبب اشتباه ما دلَّ علی الحکم من صيغة أو غيرها بسبب اشتباه المصداق، الحکم أو مصداق المتعلق.

مثلا: مفهوم العدالة المشترطة في إمام الجماعة وفي الشهود. فالحکم واضح، فإن العدالة مشترطة، ولکن ما معنی العدالة، حیث یدور الأمر بین أن تکون:

بمعنی الملکة أو بمعنی فعل الواجبات وترک المحرمات أو بمعنی ترک خصوص الکبائر أو...

ومثال آخر: «الغناء حرام» في حال کون المجهول لیس هو نفس الحکم بل هو متعلقه (أي الغناء) حیث لا أدري ما هو الغناء؟

هل هو ما یطرب أو ما فيه ترجیع الصوت، أو ... أو...

والشبهة :

تارة تكون في الموضوع له.

وقد ذکروا له علامات ومثبتات نذکرها لاحقاً في معالجة الشبهة المفهومية، عند الشک في الوضع.

وتارة في الظهور.

ولم یذکروا أسبابه ولا علاماته. لأنها مرتبطة بالظروف الخارجية - وهي لا تحصی - فقد يختلف المعنی بسبب غمزة عين أو إشارة بيد.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo