< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

41/08/21

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مباحث الالفاظ/الوضع/الصحیح و الأعم

قال المحقّق الإیروانيّ (رحمة الله): «معناها[1] ذاتيّ لا إضافيّ نسبي. و هو كون الشي‌ء وارداً على مقتضى طبيعته غير منحرف عن مقتضاها يميناً و شمالاً.

و معلوم أنّ ما هذا شأنه تبرز منه آثار الطبيعة و تظهر منه خواصّها، لا أنّ معنى الصحّة هو ذلك- فضلاً عن أن يكون بلحاظ أثر دون أثر، فيكون الشي‌ء صحيحاً بلحاظ أثر، فاسداً بلحاظ آخر- بل الصحيح هو ما كان مرتّباً عليه كلّ آثار الطبيعة. و أمّا الفساد و العيب و البطلان، فالكلّ يشترك في أنّها تطلق على ما خرج من مقتضى طبيعته الأصليّة بنقص فيه مع انحفاظ صدق الطبيعة و إلّا لميكن الفاسد فاسد تلك الطبيعة أو معيوبها أو باطلها، بل كانت طبيعةً أخرى.

و يمتاز كلّ من الثلاثة عن أختيها بأنّ العيب عبارة عن انحراف الشي‌ء و خروجه عن بعض مقتضيات الطبيعة و الفساد عبارة عن الخروج عن كلّها. و البطلان يشارك الفساد في المعنى إلّا أنّه يختصّ إطلاقه بالأفعال، فلايقال: «بطّيخ[2] باطل» و لكن يقال لزارع البطّيخ: «قد بطل عملك و قد ضلّ سعيك». [3]

أقول: إنّ المهمّ في بحث الصحیح و الأعمّ هو التعبّدیّات و العبادات و التعریف بکون الشيء وارداً علی مقتضی طبیعته غیر منحرف عن مقتضاها یمیناً و شمالاً، تعریف بالمبهم و المجمل في العبادات، بل التعریف الذي یعرّف المعرّف هو ما ذکرناه و هو أنّ الصحیح ما یترتّب علیه الأثر المترقّب منه أو ما یطابق الواقع.

القول الرابع

إنّ الصحّة قد تقابل النقصان و قد تقابل البطلان و كلّ منهما تنفكّ عن الأخری؛ فإنّ الصحّة بالمعنى الأوّل إنّما تحصل باستجماع جميع الأجزاء جامعت الشرائط الموجبة لتحقّق الامتثال أم لا و الصحّة بالمعنى الثاني تحصل بصدق الامتثال الموجب للاجتزاء بالمأتيّ به و سقوط الإعادة و القضاء. و هو كما يتحقّق بموافقة المأتيّ به للمأمور به على وجهه و استجماع الأجزاء و الشرائط، يتحقّق بناقص الأجزاء إذا اكتفى به بملاحظة تقديم الأهمّ على‌ المهم؛ كالصلاة التي نسى المصلّي ما عدا أركانها من أجزائها. [4]

أقول: إنّ الصحّة قد تقابل النقصان و قد تقابل البطلان و قد تقابل المعیوب و الجامع لها أنّ الصحیح ما یترتّب علیه الأثر المترقّب منه أو ما یطابق الواقع؛ فإنّ الناقص لایترتّب علیه الأثر المترقّب منه و هکذا الباطل و المعیوب.

کلام المحقّق الداماد في معنی الصحّة و تفسیرها

قال (رحمة الله): «إنّ الصحّة و الفساد اللذين يتكلّم فيهما في المقام و في ألسنة الفقهاء و المتكلّمين ليس‌ لهما اصطلاح خاص؛ بل لهما معنى عرفيّ يستعملان فيه مطلقاً. و لعلّه في العرف يطلق الصحيح علی ما يترتّب منه الأثر المترقّب و الفاسد علی ما لايترتّب عليه الأثر المترقّب، فهما متقابلان تقابل العدم و الملكة، حيث إنّ الفاسد لايطلق علی كلّ ما لايترتّب عليه الأثر، بل إنّما يطلق عليه إذا كان يترقّب منه الأثر و لايترتّب عليه؛ لكن ترتّب الأثر و عدمه لابدّ و أن يرجع إلى تفاوت في كمون ذاك الشي‌ء؛ فإنّ الفاسد الذي لايترتّب عليه الأثر لابدّ و أن يكون فاقداً لخصوصيّة انتفى منه الأثر لفقدانها و يكون الصحيح واجداً لها؛ ففي الحقيقة مرجع الصحّة و الفساد إلى التماميّة و عدمها، لكنّه معنى إضافي، فيمكن أن يكون الشي‌ء تماماً بالنسبة إلى أثر بمعنى أن يكون واجداً لجميع الأجزاء و الشرائط الدخيلة في ذلك الأثر و فاسداً بالنسبة إلى أثر آخر بمعنى عدم تماميّته و واجديّته لما له دخل في ذلك الأثر.

و من هنا يعلم أنّ تفسير الصحّة «بإسقاط القضاء»- كما عن الفقهاء- و «موافقة الشريعة»- كما عن المتكلّمين- و إن كان يرجع كلاهما إلى ذلك المعنى الواحد؛ أي التماميّة إلّا أنّ كلّاً منهم يلاحظ بالنسبة إلى الأثر المقصود منه و هو سقوط القضاء في الفقه و ترتّب الثواب و العقاب في الكلام. و حينئذٍ لاينافي كون شي‌ء صحيحاً بنظر الفقيه و فاسداً بنظر المتكلّم». [5]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین، لکن یناسب إضافة «أو ما یطابق الواقع» لیشمل العقائد و الأفکار و التفاسیر و أمثالها.

تنبیه

إنّ الصحّة المأخوذة في المقام هل هي الصحّة الواقعيّة- أعني الموافقة للأمر الواقعيّ- أو الصحّة الشرعيّة وجهان: أوجههما الأخير. و لذا يحكم كلّ مجتهد بأداء المجتهد الآخر و مقلّده العبادة المطلوبة منه بحسب الشرع و إن كانت فاسدةً لو وقعت منه و من مقلّده. [6]

أقول: هو الحق؛ لشمول التعریف له و هو ما یترتّب علیه الأثر المترقّب منه أو ما یطابق الواقع.


[1] . الصحّة.
[2] أي: هندوانه.
[4] . مقالات حول مباحث الألفاظ، البهبهانى، علی، ص37-38.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo