< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

41/06/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/الوضع/الحقیقة الشرعیه

المقام الثالث: في بيان ثمرة النزاع.

هل البحث عن ثبوت الحقيقة الشرعيّة ذو ثمرة فقهيّة، أو بحث علميّ صرف؟

هنا قولان:

القول الأوّل: البحث في المقام ذو ثمرة.[1] [2] [3] و هو الحق؛ لوجوه:

منها: أنّ القرآن فیه هذه الألفاظ؛ مثل: قوله - تعالی: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِهَا وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[4] فإنّ المراد من الصدقة هو الزکاة المصطلحة، لا الصدقة المطلقة و الصلاة بمعنی الدعاء، لا المعنی الجدید، فلا دلیل علی حمل الألفاظ الواردة في القرآن علی المعاني الجدیدة فقط. و هکذا مثل قوله - تعالی: ﴿وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّی﴾[5] فهل الصلاة بمعنی الدعاء أو الأرکان المخصوصة؟ و هکذا قوله - تعالی: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾[6] فهل تحمل علی النجاسة الشرعیّة أو علی المعنی اللغويّ و القذارة المطلقة الشاملة للقذارة المعنویّة؟ و هکذا قوله - تعالی: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً﴾[7] فهل تحمل علی الطهارة الشرعیّة أو لا؟ و مثل قوله - تعالی: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ﴾[8] فهل النحر بمعنی اللغويّ- أي ذبح الحیوان - أو بمعنی رفع الید للتکبیر إلی محاذاة الاُذن و مثل قوله - تعالی: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾[9] هل تحمل علی الصلاة بمعنی الدعاء أو الأرکان المخصوصة؟ و غیر هذه الآیات من آیات الأحکام التي مورد البحث في الفقه عند الإمامیّة فقط أو عند الإمامیّة و العامّة في مقام الاحتجاج معهم و منها: الروایات الواردة عن المعصومین(علیهم السلام) بلسان النبيّ(ص) مثل: «لَا ضَرَرَ وَ لَا ضِرَار»[10] أو بلسانهم(علیهم السلام) و مثل قول المعصوم(علیه السلام): «أَوْ تَقُومَ بِهِ الْبَيِّنَة»[11] فهل المراد البیّنة الشرعیّة أو المعنی اللغويّ - کما ذهب إلیه[12] المحقّق الخوئيّ(رحمةالله)[13] - و أمثال هذه الروایات.

و منها: أنّ صدور هذه الألفاظ في لسان النبيّ(ص) أو الأئمّة(علیهم السلام) قرینة عامّة علی کونها بالمعاني الجدیدة و حملها علی المعنی اللغويّ خلاف الأصل في کلماتهم(علیهم السلام) لابدّ له من قرینة خاصّة.

قال إبن الشهید الثاني(رحمةالله): «تظهر ثمرة الخلاف فيما إذا وقعت مجرّدةً عن القرائن في كلام الشارع؛ فإنّها تحمل على المعاني المذكورة بناءً على الأوّل و على اللغويّة بناءً على الثاني».[14] [15]

قال الحائريّ الاصفهانيّ(رحمةالله): «تظهر الثمرة بين القول بثبوت الحقيقة الشرعيّة بالوضع التعيينيّ و بين القول بالنفي مطلقاً في ما إذا أوردت تلك الألفاظ في كلام الشارع مجرّدةً عن القرينة، فإنّها تحمل على معاينها الشرعيّة بناءً على الأوّل و على معانیها اللغويّة بناءً على الثاني إذا ثبت تأخّر الاستعمال عن زمن النقل. و هذه الثمرة جارية أيضاً بين القول بالوضع التعيينيّ و القول بالنفي مطلقاً مع العلم بتأخّر زمن الاستعمال عن زمن النقل».[16]

أقول: إنّ صدور هذه الألفاظ في لسان النبيّ(ص) أو الأئمّة(علیهم السلام) قرینة عامّة علی کونها بالمعاني الجدیدة و لایحتاج إلی العلم بتأخّر زمن الاستعمال عن زمن النقل؛ فإنّ الأصل في کلماتهم(علیهم السلام) هو الحمل علی المعاني الجدیدة؛ لأنّهم وضعوها لهذه المعاني إمّا تعییناً أو تعیّناً أو مجازاً مشهوراً، ففي موارد الشكّ تحمل علی المعاني الجدیدة بلا شك.

 


[10] .الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج5، ص280. و فیه: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى [العطّار: إماميّ ثقة] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ [بن أبي الخطّاب: إماميّ ثقة] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلَالٍ [کیسانيّ ثقة] عَنْ عُقْبَةَ بْنِ خَالِدٍ [الأسديّ الکوفي: إماميّ ظاهراً و لم‌تثبت وثاقته] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع) قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّه‌(ص) ... وَ قَال‌: ... . (.هذه الروایة مسندة و ضعیفة؛ لوجود عقبة بن خالد في سندها و هو لم‌تثبت وثاقته)
[11] .تهذيب الأحكام، شيخ الطائفة، ج7، ص226. . و فیه: عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ [بن هاشم القمّي: إماميّ ثقة] عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ [بن سعدان: إماميّ ثقة] عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ [مختلف فیه و هو عامّيّ بتريّ، ثقة ظاهراً] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع) قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «كُلُّ شَيْ‌ءٍ هُوَ لَكَ حَلَالٌ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّهُ حَرَامٌ بِعَيْنِهِ فَتَدَعَهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِكَ وَ ذَلِكَ مِثْلُ الثَّوْبِ يَكُونُ عَلَيْكَ قَدِ اشْتَرَيْتَهُ وَ هُوَ سَرِقَةٌ أَوِ الْمَمْلُوكِ عِنْدَكَ وَ لَعَلَّهُ حُرٌّ قَدْ بَاعَ نَفْسَهُ أَوْ خُدِعَ فَبِيعَ أَوْ قُهِرَ أَوِ امْرَأَةٍ تَحْتَكَ وَ هِيَ أُخْتُكَ أَوْ رَضِيعَتُكَ وَ الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا عَلَى هَذَا حَتَّى يَسْتَبِينَ لَكَ غَيْرُ ذَلِكَ أَوْ تَقُومَ بِهِ الْبَيِّنَةُ».وسائل الشیعه، ج12، ص60. (هذه الروایة مسندة، صحیحة ظاهراً)
[12] المعنی اللغوي.
[13] . مصباح الأصول، ج2، ص274.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo