< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

41/06/08

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/الوضع/الحقیقة الشرعیه

القول الرابع: التفصيل بين الألفاظ الواردة فى الكتاب و السنّة؛ فما يكون استعماله فى الكتاب و السنّة في المعنى الشرعيّ أكثر من استعماله في المعنى اللغوي، ففیه الحقیقة الشرعیّة و ما لم يكن كذلك، فلیس فیه الحقیقة الشرعیّة.[1]

قال الموسويّ القزوینيّ(رحمةالله): «الحقّ عندنا التفصيل بين الألفاظ الواردة فى الكتاب و السنّة؛ فما يكون استعماله فى الكتاب و السنّة فى المعنى الشرعيّ أكثر من استعماله في المعنى اللغوي، حملناه في كلام الشارع على المعنى الشرعيّ و ما لميكن كذلك لمنحمله على المعنى الشرعيّ و إن كان استعماله في خارج الكتاب و السنّة في المعنى الشرعيّ أكثر من استعماله في المعنى اللغوي، فيحمل على المعنى اللغوى؛ لعدم ثبوت الحقيقة فيه».[2]

أقول: إنّ ثبوت الحقیقة الشرعیّة في الجملة لا بحث فیه. و أمّا في خصوص بعض ألفاظ العبادات و المعاملات فیمکن البحث في کونها حقیقةً شرعیّةً في أواسط عصر النبيّ(ص) أو أوائله أو في عصر الأئمّة علیهم السلام). و لکن مع ذلك کلّه إذا وردت هذه الألفاظ في العبادات أو المعاملات في لسان النبيّ(ص) أو الأئمّة (علیهم السلام)، فلابدّ من حملها علی المعاني الشرعیّة عندهم و إن کان في لسان بعض العرب لیست حقائق شرعیّةً عندهم و البحث و الثمرة في حمل الألفاظ الواردة في لسان النبی(ص) أو الأئمّة (علیهم السلام). و هذا مسلّم لا إشکال فیه. و أمّا عند غیرهم من العرب، فهل وصلت إلی حدّ الحقیقة أو لا؟ فخارج عن محلّ النزاع.

دلیل القول الرابع: بناء العرف [3]

قال الموسويّ القزوینيّ(رحمةالله): «الدليل على المختار هو بناء العرف. أ لاترى أنّ الأطبّاء (مثلاً) في زماننا لو تتّبعوا كتاب أفلاطون و وجدوا اللفظ الفلانيّ في كتابه مستعملاً في المعنى المصطلح عندهم ألف مرّة و في معناه الأصليّ في قليل من الموارد؛ ثمّ حصل لهم الاشتباه في مورد في أنّ مراده هل هو المعنى المصطلح عندهم أم غيره بأن لميعلموا أنّه كما يكون حقيقةً الآن في المعنى المعهود عندهم هل كان حقيقةً فيه أيضاً في الصدر الأوّل، كزمان أفلاطون أم لا؛ فلا شكّ أنّهم يحكمون باتّحاد هذا الزمان مع الصدر الأوّل فيحملون هذا اللفظ في كلامه مجرّداً عن القرينة على مصطلح الأطبّاء و كذلك حال أهل التواريخ و الأمثلة كثيرة، فلاحظ». [4]

أقول: کلامه(رحمةالله) متین.

القول الخامس: عدم إمکان ثبوت الحقيقة الشرعيّة و عدم ثبوته.[5] [6]

أقول: الدلیل علی ثبوتها هو الأدلّة السابقة مع الاستعمالات الکثیرة في لسان النبي(ص) و الأئمّة (علیهم السلام) و وجودها في کلماتهم

قرینة عامّة علی إرادة المعاني الشرعیّة في الجملة. و أمّا ثبوتها في بعض ألفاظ المعاملات، فیمکن البحث عنها.

قال الإمام الخمینيّ(رحمةالله): «القول بثبوت الحقيقة الشرعيّة كالقول بعدمه ممّا لا دليل عليه». [7]

تذنیبات[8]

التذنیب الأوّل: في استبعاد [و عدم] حصول الوضع التعیینيّ الابتدائيّ في المقام‌.[9] [10] [11]

الحق: عدم ثبوت الوضع التعیینيّ الابتدائي؛ بل الثابت إمّا الوضع التعیینيّ الاستعماليّ في بعض الألفاظ أو الوضع التعیّنيّ في بعض آخر، کما سبق. و زمان حدوث الوضع التعیّنيّ بالنسبة إلی الألفاظ متفاوتة، ففي بعضها حدثت في أوائل البعثة و في بعضها أواسط البعثة و في بعضها أواخر البعثة و في بعضها في عصر الإمام الباقر (علیه السلام) و بعضها في عصر الصادق (علیه السلام) و هکذا.

قال المحقّق النائینيّ(رحمةالله): «أمّا الأوّل[12] فهو مقطوع بعدمه؛ إذ لو كان الشارع المقدّس قد وضع هذه الألفاظ لمعانيها الشرعيّة بنحو التعيين، لبيّنه لأصحابه و لو بيّنه لهم لنقل إلينا؛ لتوفّر الدواعي إلى نقله و عدم المانع منه».[13]

و قال المحقّق الاصفهانيّ(رحمةالله): «إنّ دعوى الوضع التعيينيّ بإنشاء الشارع بعيدة جدّاً».[14]

و قال الشیخ حسین الحلّيّ(رحمةالله): «أصل الوضع بمعنى الإعلان و الإخبار بأنّي وضعت هذا اللفظ لهذا المعنى ممّا يستبعد».[15] أقول: يتوقّف ثبوت الحقيقة الشرعيّة على ثبوت الوضع التعيينيّ أو التعيّنيّ من قبل الشارع. إنّ الوضع التعيينيّ قد يكون بتصريح من قبل الواضع؛ كقول الأب «سمّيت ولدي عليّاً» وقد يكون باستعماله؛ كقوله «جئني بولدي علي» قاصداً به تحقّق الوضع. فيبقى احتمال الوضع التعيينيّ الاستعماليّ أو الوضع التعيّنيّ الناشيء من كثرة الاستعمال.

التذنیب الثاني: في حصول الوضع التعیینيّ الاستعماليّ في المقام و عدمه.

هنا قولان:

القول الأوّل: عدم الحصول.[16] [17]

قال الشهید مصطفی الخمینيّ(رحمةالله): «أمّا احتمال الحقيقة الشرعيّة بالوضع التعيينيّ بكلا قسميه، فبعيد و باطل جدّاً».[18]

دلیل القول الأوّل: عدم مساعدة الوجدان. [19] و هو الحق؛ لحصوله بالنسبة إلی بعض الألفاظ؛ مثل: الصلاة و الصیام في أوائل البعثة؛ لاستعمالها کثیراً في کلّ یوم و لیلة و إن لمیتحقّق بالنسبة إلی بعض آخر؛ مثل بعض ألفاظ المعاملات و حصول الوضع التعیّنيّ بالنسبة إلیها.

القول الثاني: الحصول. [20] [21] [22]

قال المحقّق العراقيّ(رحمةالله): «الحقّ هو ثبوت الحقيقة الشرعيّة بمعنى ثبوت الوضع التعيينيّ‌ بنفس الاستعمال في لسان الشارع المقدّس». [23]

قال المحقّق الخوئيّ(رحمةالله):« إنّ دعوى ثبوت الحقيقة الشرعيّة بالوضع التعيينيّ المنشأ بالاستعمال قريبة جدّاً». [24]

أقول: إن نقول إنّ هذه المعاي الترکیبیّة (الصلاة و الصوم و الحجّ و الزکاة و ...) لم‌تکن سابقاً و أسّسها الشارع، فیتکوّن الوضع التعیینيّ الاستعماليّ قهراً. و إن کانت هذه المعاني سابقاً و استعمال هذه الألفاظ فیها، فیتکوّن الوضع التعیّنيّ اللغويّ العرفي. و إن کانت وجود هذه المعاني ترکیبیّةً و لکن مع ألفاظ أخر، فبعد بعثة النبيّ(ص) حصلت کثرة الاستعمال في هذه المعاني، فهي الحقیقة الشرعیّة.

التذنیب الثالث: في حصول الوضع التعیّنيّ في المقام و عدمه.

هنا قولان:

القول الأوّل: عدم الحصول.

قال المحقّق النائینيّ(رحمةالله): «إنّه لا طريق لنا إلى إثباته[25] في زمان النبيّ(ص) حتّى تثبت الحقيقة الشرعيّة و عليه تكون الألفاظ المستعملة في زمانه(ص) مجملات».[26]

أقول: إنّ حصول الوضع التعیّنيّ بالنسبة إلی بعض الألفاظ، مثل: الصلاة و الصیام و أمثالهما ممّا هو کثیر الاستعمال في زمان النبيّ (ص) قطعي، بل نقول بالوضع التعیّنيّ الاستعمالي، کما سبق. و کون الألفاظ المستعملة في زمانه(ص) من المجملات، بعید جدّاً و خلاف عرف المتشرّعة قطعاً؛ نعم، في خصوص بعض الألفاظ التي قلّ استعمالها في زمانه(ص) فلیس ببعید.

القول الثاني: الحصول. [27] [28] [29]

أقول: هو الحقّ و حصوله معلوم في بعض الألفاظ في أوائل البعثة و بعضها في أواسطها و بعضها في أواخرها و بعضها في زمان الأئمّة (علیهم السلام).

قال المحقّق الاصفهانيّ(رحمةالله): «إنّ الوضع التعيّني- في الصدر الأوّل بكثرة استعمال الشارع للصلاة و الصوم و الزكاة و الحجّ و أشباهها من الألفاظ المتداولة في لسان الشارع و ألسنة تابعيه- لا بعد فيه، بل حصول الوضع به في أيّام قلائل قريب جدّاً و إنكاره مكابرة. و لذا قلنا بأنّ البحث قليل الجدوى». [30]

أقول: کلامه(رحمةالله) متین.

 

 


[1] .ضوابط الاصول، ج1، ص21(ظاهره عدم التفصیل بین العبادات و المعاملات).
[2] .ضوابط الاصول، ج1، ص21.
[3] .ضوابط الاصول، ج1، ص22.
[4] .ضوابط الاصول، ج1، ص22.
[8] طرق إثبات الحقیقة الشرعیّة.
[12] . الوضع التعييني.
[22] .مصباح الاصول(مباحث الالفاظ)، ج1، ص129.
[24] .مصباح الاصول(مباحث الالفاظ)، ج1، 129.
[25] . الوضع التعیّني.
[28] .مصباح الاصول (مباحث الالفاظ)، ج1، ص129.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo