< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

41/05/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/الوضع/الحقیقة الشرعیه

الدفع الثاني

قال المحقّق الخوئيّ(رحمةالله): «الإنصاف تماميّة ما ذكره صاحب الكفاية و أنّ الوضع بالاستعمال بمكان من الإمكان؛ إذ لو قلنا بتماميّة الوضع بمجرّد الاعتبار النفسانيّ و عدم احتياجه إلى المبرز، فالوضع سابق على الاستعمال؛ فلايلزم الجمع بين اللحاظ الآليّ و اللحاظ الاستقلالي[1] ، بلا فرق بين أن يكون الوضع عبارةً عن الالتزام و التعهّد بالتكلّم بلفظ خاصّ عند إرادة معنى مخصوص، أو يكون عبارةً عن تنزيل اللفظ وجوداً للمعنى أو يكون عبارةً عن اعتبار الملازمة بينهما، أو غيرها من الأقوال التي تقدّمت في تحقيق معنى الوضع».[2]

أقول: کلامه(رحمةالله) متین؛ لکنّ الجواب عن الإشکال ما ذکرناه سابقاً من عدم المحالیّة في لحاظات متعدّدة في آنات متعدّدة في استعمال واحد؛ کما هو محقّق بالوجدان في تسمیة الأولاد باسم خاصّ مع ذکر أوصاف له.

قال المحقّق الخوئيّ(رحمةالله): «إنّ الكلام في ثبوت الحقيقة الشرعيّة يقع تارةً في الوضع التعيينيّ و أخرى في الوضع التعيّني.

أمّا الوضع التعييني، فإنشاؤه بنحو التنصيص بأن يقول الشارع: إنّي وضعت اللفظ للمعنى الفلانيّ ممّا يقطع بعدمه؛ ضرورة أنّه لو كان كذلك، لوصل إلينا بالتواتر؛ لقوّة الداعي إلى نقله و عدم المانع منه؛ فلايقاس ذلك بمثل النصّ على الخلافة؛ لوجود الداعي إلى الكتمان هناك دون المقام، كما هو ظاهر.و أمّا إنشاء الوضع التعيينيّ بالاستعمال بأن يستعمل اللفظ في غير الموضوع له بداعي الوضع مع نصب القرينة على ذلك، كما قد يتّفق ذلك عند التسمية، فيقول الوالد (مثلاً) حينما تولّد له ولد: جئني بولدي الباقر و يكون غرضه من هذا الاستعمال هو الوضع و التفهيم بأنّي سمّيته بالباقر.

فوقع الكلام بينهم في إمكانه و عدمه و اختار صاحب الكفاية(قدس سره) إمكانه‌.[3] و الإنصاف تماميّة ما ذكره صاحب الكفاية».[4]

أقول: کلامه(رحمةالله) متین و الوجدان شاهد، کما سبق منّا مکرّراً.

الدفع الثالث

قال بعض الأصولیّین(رحمةالله): «إنّه لايوجد دليل على تعلّق اللحاظ الآليّ بالألفاظ في جميع الاستعمالات، بل تختلف الموارد باختلاف الأغراض؛ إذ سلّمنا تعلّق اللحاظ التبعيّ باللفظ في أكثر الاستعمالات، إلّا أنّ تعلّق اللحاظ الاستقلاليّ به في بعض الموارد لايكون قابلاً للإنكار؛ مثل: مقام أداء الخطابة و كتابة المقالة الأدبيّة؛ إذ الغرض في هذين المقامين يتعلّق بإفادة المقصود في ضمن الألفاظ الحسنة الجميلة و هكذا، فإنّ توجّه اللحاظ الآليّ أو الاستقلاليّ إلى اللفظ تابعاً لاقتضاء المناسبة لأحد منهما؛ فليس هنا قاعدة كلّيّة بأنّ اللفظ لابدّ فيه من اللحاظ الآليّ في جميع الاستعمالات. و حينئذٍ نقول: إنّ من الموارد المناسبة التي تقتضي النظر الاستقلاليّ إلى اللفظ هو الاستعمال المحقّق للوضع؛ فلايجمع بين اللحاظين الآليّ و الاستقلالي؛ فلايرد هذا الإشكال على المحقّق الخراسانيّ(قدس سره) و كلامه في محلّه؛ إذ لا شبهة في وقوع الوضع التعيينيّ على النحو الذي ذكره خارجاً؛ بل لعلّه كثير بين العرف و العقلاء في وضع الأعلام الشخصيّة و المعاني المستحدثة».[5]

أقول: کلامه(رحمةالله) متین؛ لکنّ الجمع بین اللحاظین أو اللحاظات المتعدّدة في آنات متعدّدة في استعمال واحد لا محالیّة فیها، کما سبق.

قال المحقّق الخراسانيّ(رحمةالله) بعد ان یعتقد انّ النزاع في ثبوت الحقيقة الشرعيّة يتمّ بناءً على أنّ المعاني الشرعيّة أمور مستحدثة في الإسلام: «و أما بناء على كونها ثابتة في الشرائع السابقة كما هو قضية غير واحد من الآيات مثل قوله - تعالى:‌ ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ‌ الصِّيامُ كَما كُتِبَ‌ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾[6] و قوله - تعالى:‌ ﴿وَ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِ﴾[7] و قوله - تعالى:‌ ﴿وَ أَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيّاً﴾[8] إلى غير ذلك؛ فلا مجال لدعوى الوثوق بثبوت الحقيقة الشرعيّة؛ فألفاظها حقائق لغويّة، لا شرعيّة».[9]

أقول: لا إشکال في ثبوت الحقیقة الشرعیّة، سواء کانت المعاني أموراً مستحدثةً في الإسلام أو کانت ثابتةً في الشرائع السابقة و أضاف الشارع إلیها أرکاناً و قیوداً بحیث تصیر ماهیّةً أخری بنظر العرف؛ فالمتبادر عند العرف هو المعاني الشرعیّة مع هذه القیود و الأرکان الجدیدة. و بهذا تظهر الثمرة في حمل هذه الألفاظ علی المعاني الشرعیّة الجدیدة عند الإطلاق.

کما قال المحقّق الخوئيّ(رحمةالله): «إنّه[10] مال أخيراً إلى القول بعدم ثبوت الحقيقة الشرعيّة، لما احتمله من المانع و هو كون هذه المعاني الشرعيّة ثابتةً في الشرائع السابقة». [11]

 

 


[2] .مصباح الاصول(مباحث الالفاظ)، ج1، ص123.
[4] .مصباح الاصول(مباحث الالفاظ)، ج1، ص122.
[10] . المحقّق الخراسانيّ(رحمةالله).
[11] .مصباح الاصول(مباحث الالفاظ)، ج1، ص126.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo