< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

41/05/23

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: مباحث الالفاظ/الوضع/الحقیقة الشرعیه

القول الثاني: عدم ثبوت الحقيقة الشرعيّ [1] [2]

قال الحائريّ الاصفهانيّ(رحمةالله): «الذي يقوى عندي أنّ جملة من تلك الألفاظ قد كانت حقائق في معانيها الشرعيّة في الشرائع السابقة؛ كالصلاة و الصوم و الزكاة و الحج؛ لثبوت ماهيّاتها فيها؛ كما يدلّ عليه قوله - تعالى- حكايةً عن عيسى بن مريم: ﴿... و أوصاني بالصلاة و الزكاة ما دمت حيّاً﴾[3] و قوله - تعالى – لإبراهيم(علیه السلام): ﴿و أذّن في الناس بالحج ...﴾[4] و قوله - تبارك اسمه: ﴿كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم﴾[5] إلى غير ذلك؛ فعلى ما اخترناه تكون تلك الألفاظ حقائق لغويّةً في معانيها الشرعيّة». [6]

أقول: نسأل من جنابك هل تحمل هذه الألفاظ عند الإطلاق علی المعاني الجدیدة في شرعنا أو لا؟ و وجودها في الشرائع السابقة مؤیّدة لتبادرها عند الإطلاق. و هذا الاستدلال لایثبت لابدیّة حمل هذه الألفاظ علی غیر المعاني الجدیدة عند الإطلاق.

قال المحقّق النائینيّ(رحمةالله): «إنّ الكلام تارةً يقع في الوضع التعيينيّ و أخرى في التعيّني؛ أمّا الأوّل فهو مقطوع بعدمه؛ إذ لو كان الشارع المقدّس قد وضع هذه الألفاظ لمعانيها الشرعيّة بنحو التعيين، لبيّنه لأصحابه و لو بيّنه لهم لنقل إلينا؛ لتوفّر الدواعي إلى نقله و عدم المانع منه؛ فلا يقاس ذلك بالنصّ على الخلافة الذي أخفوه مع التصريح به. و ذلك لثبوت الداعي إلى الكتمان هناك دون المقام. و توهّم إمكان الوضع بنفس الاستعمال - كما أفاده المحقّق صاحب الكفاية(قدس سره) مدفوع بأنّ حقيقة الاستعمال- كما بيّنّاه- إلقاء المعنى في الخارج بحيث يكون الألفاظ مغفولاً عنها؛ فالاستعمال يستدعي كون الألفاظ مغفولاً عنها. و توجّه النظر إليه بتبع المعنى بخلاف الوضع‌؛ فإنّه يستدعي كون اللفظ منظوراً إليه باستقلاله. و من الواضح أنّه لايمكن الجمع بينهما في آنٍ واحد. و أمّا الوضع التعيّني، فهو بالنسبة إلى زمان الصادقين‘ مقطوع به إلّا أنّه لا طريق لنا إلى إثباته في زمان النبيّ(ص) حتّى تثبت الحقيقة الشرعيّة. و عليه تكون الألفاظ المستعملة في زمانه(ص) مجملات»‌.[7]

أقول: إنّه قد سبق منّا أنّه لایلزم اجتماع اللحاظین في آنٍ واحد، بل علی الفرض اجتماع لحاظین أو لحاظات في آنات متعدّدة من أوّل التلفّظ إلی آخر الاستعمال.

ثلاثة دفع لإشکال المحقّق النائیني علی المحقّق الخراساني

الدفع الأوّل

قال المحقّق العراقيّ(رحمةالله): «توهّم أولِه إلى اجتماع اللحاظين غلط؛ إذ النظر المرآتيّ متوجّه إلى شخص اللفظ و المعنى حال الاستعمال و هما غير ملحوظين استقلالاً حين الوضع و ما هو ملحوظ كذلك فهو طبيعة اللفظ و طبيعة المعنى حين وضعه و أحدهما غير الآخر في مقام اللحاظ، كما لايخفى‌».[8]

أقول: قد سبق عدم المحالیّة في تحقّق لحاظات في آنات متعدّدة من أوّل التلفّظ إلی آخر الاستعمال.

الإشکال علی کلام المحقّق العراقي

«إنّ هذا الجواب ليس بتام؛ فإنّه سلّمنا توجّه اللحاظ الآليّ إلى اللفظ حال الاستعمال و توجّه اللحاظ الاستقلاليّ إليه في مقام الوضع. و المراد منه في الأوّل شخصه و في الثاني نوعه. و لكن تحقّق ثلاث لحاظات في استعمال واحد غير معقول، مع أنّ لازم كلامه(قدس سره) تعلّق اللحاظ الآليّ بشخص اللفظ و تعلّق اللحاظ الاستقلاليّ بنوعه. و تعلّق اللحاظ الاستقلاليّ الآخر بالمعنى في استعمال واحد؛ فكيف يمكن ذلك مع كون المستعمل واحداً و هو شخص اللفظ أو نوعه!

نعم، يمكن إطلاق اللفظ و إرادة نوعه بحيث كان شخص اللفظ مستعملاً و نوعه مستعملاً فيه و لكن لميكن فيه ثلاث لحاظات كما مر؛ فلايمكن باستعمال واحد تحقّق الوضع و الاستعمال معاً».[9]

أقول: قد سبق عدم المحالیّة في تحقّق لحاظات متعدّدة في آنات متعدّدة في استعمال واحد.

الدفع الثاني

قال المحقّق الخوئيّ(رحمةالله): «الإنصاف تماميّة ما ذكره صاحب الكفاية و أنّ الوضع بالاستعمال بمكان من الإمكان؛ إذ لو قلنا بتماميّة الوضع بمجرّد الاعتبار النفسانيّ و عدم احتياجه إلى المبرز، فالوضع سابق على الاستعمال؛ فلايلزم الجمع بين اللحاظ الآليّ و اللحاظ الاستقلالي[10] ، بلا فرق بين أن يكون الوضع عبارةً عن الالتزام و التعهّد بالتكلّم بلفظ خاصّ عند إرادة معنى مخصوص، أو يكون عبارةً عن تنزيل اللفظ وجوداً للمعنى أو يكون عبارةً عن اعتبار الملازمة بينهما، أو غيرها من الأقوال التي تقدّمت في تحقيق معنى الوضع».[11]

 


[4] .سورة الحج، آیة 27.
[5] .سورة البقرة، آیة18.3
[11] .مصباح الاصول(مباحث الالفاظ)، ج1، ص123.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo