< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

41/05/16

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: مباحث الالفاظ/وضع/حقیقت الشرعیه

و قال بعض الأصولیّین(حفظه الله): «إنّ اختصاص النزاع و الثمرة بتحقّق الوضع في عصر النبيّ(ص) قد يكون ناشئاً من أنّ أصل تحرير المسألة قد وقع من العامّة، أمّا بناءً على ما عليه أهل الحقّ من حجّيّة أقوال أئمّة أهل البيت(علیهم السلام) و أفعالهم، فحصول الوضع في عصر كلّ منهم مورد للثمرة بالإضافة إلى ما يصدر منه و من أتباعه في مقام الحكاية عنه، كما هو ظاهر».[1]

أقول: إنّه قد ورد في القرآن الكريم و الروايات عدّة ألفاظ استعملت في المعاني الشرعيّة، كلفظة الصلاة، حيث إنّ معناها في اللغة الميل و العطف، فالعطف من الله - سبحانه - هو الرحمة والمغفرة، كما في قوله - تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ﴾[2] و العطف من العباد هو طلب الرحمة و المغفرة كقوله - تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾[3] وكذا قوله - تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِهَا وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ﴾[4] و لكن استعملت لفظة الصلاة في المعنى الشرعيّ المعهود المشتملة علی الأجزاء و الأرکان و وقع الكلام في أنّها هل صارت حقيقةً شرعيّةً في هذا المعنى بأن نقلت في الإسلام إليه بحيث لو استعملت في الكتاب و السنّة بدون قرينة، لكانت ظاهرةً فيه، فيصحّ الاستدلال به على استحباب الصلاة بمعناها المعهود الشرعيّ مطلقاً، أو أنّه يحكم ببقاء ظهورها في معناها اللغويّ أو يحكم بإجمالها.

هنا أقوال:

القول الأوّل[5] : ثبوت الحقيقة الشرعيّة [6] [7] [8] [9] [10] و هو الحقّ بمعنی ثبوت الحقیقة الشرعیّة في ألفاظ العبادات و بعض المعاملات التي تداول استعمالها في لسان النبيّ(صلی‌الله علیه و آله) أو الأئمّة (علیهم السلام) لوجوه کثیرة سیأتي بیانها مفصّلاً.

أقول: أصل هذا البحث من قبل العامّة؛ لأنّ التفاتهم بالروایات النبویّة فقط. و لهذا هم ناظرون إلی النقل و عدمه في زمن رسول الله(صلی‌الله علیه و آله) و علماء الخاصّة، کالشیخ المفید و السیّد المرتضی و االشیخ الطوسی(رحمهم الله) - الذین أوجدوا علم الأصول -لنظرهم إلی آراء أهل السنّة و مباحثهم معهم، اختصّوا الحقیقة الشرعیّة بزمن النبيّ(ص) و سمّوا بعده(ص) بالحقیقة المتشرّعیّة. و هذا الدیدن لحفظ لسان المشترك العلميّ مع العامّة و لکن نقول إنّ دور تبیین الأحکام لمیختم في زمن رسول الله(ص)، بل تبیّن کثیر من الأحکام في روایات الأئمّة(علیهم السلام)، بل کلماتهم عین الشرع؛ لأنّهم أوصیاء النبيّ(ص) و کان عندهم مواریث النبوّة؛ فالحقیقة الشرعیّة ثابتة في زمن الأئمّة(علیهم السلام) قطعاً، فاصطلاح الحقیقة الشرعیّة عامّ یشمل السنوات المتأخّرة بعد النبيّ(ص)، فلایقال بالحقیقة المتشرّعیّة في زمن الأئمّة (علیهم السلام).

قال المحقّق الرشتيّ(رحمةالله): «إنّ ألفاظ المعاملات ليست ممّا ثبت فيها الحقيقة الشرعيّة؛ لعدم ثبوت استعمال الشارع لها في غير معانيها اللغويّة مطلقاً عن كثرتها. إنّ إنكار الحقيقة الشرعيّة في جملة كثير من ألفاظ العبادات أيضاً كالركوع و السجود و الطهارة و نحوها ممّا يتطرق فيه هذا الاحتمال ليس بذلك البعيد. فلميبق من الألفاظ التي يمكن دعوى العلم بثبوت الحقيقة الشرعيّة فيه إلّا مثل لفظ الصلاة و الزكاة و الخمس و الصوم و الحجّ و نحوها ممّا علم أنّ المراد به في لسان الشارع قسم خاصّ من معناه اللغويّ على إشكال في الأخيرين؛ لإمكان القول بأنّ الصوم في الكتاب و السنّة لميرد به سوى الإمساك المشروط و الحجّ لميرد به سوى القصد المخصوص على نحو إرادة الشروط و الخصوصيّة من الخارج».[11]

 

 


[5] . إنّ ألفاظ العبادات نقلت على لسان النبيّ(ص) من معانيها اللغويّة إلى المعاني الشرعيّة بالوضع الجديد.
[6] في العبادات.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo