< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

41/04/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/وضع/حقیقت الشرعیه

و قال السیّد الحجّة(رحمةالله): «إنّ الوضع يقسّم بقسمين التعيينيّ و التعيّني، أو التخصيصيّ و التخصّصي؛ لأنّه تارةً يحصل بتعيين الواضع؛ مثلاً: يقول: وضعت لفظ زيد لذات زيد و تارةً يحصل بأنس اللفظ بالمعنى، فالأوّل يقال له الوضع التعيينيّ و الثاني الوضع التعيّني.

إعلم أنّ الوضع بمعناه المصدريّ- يعني فعل الواضع- غير قابل للتقسيم بهذين القسمين؛ لأنّه كما قلنا الوضع التعيّنيّ يحصل بأنس اللفظ بالمعنى بسبب كثرة الاستعمال و ليس من فعل الواضع، فلهذا الوضع بمعناه المصدريّ- يعني فعل الواضع- منحصر بالوضع التعييني.

و ما يكون قابلاً لقبول هذا التقسيم هو الوضع عن الإسم المصدري، يعني الارتباط الخاصّ بين اللفظ و المعنى أو العلقة الحاصلة بين اللفظ و المعنى؛ لأنّ هذه العلقة و الارتباط الحاصل بين اللفظ و المعنى يحصل تارةً بالتعيين و تارةً باليقين؛ يعني، يحصل تارةً بوضع الواضع و تارةً بأنس اللفظ بالمعنى بكثرة الاستعمال. إنّ ما قلنا من تقسيم الوضع بالتعيينيّ و التعيّنيّ يكون على ما اخترنا من كون حقيقة الوضع هو العلقة و الارتباط بين اللفظ و المعنى. و أمّا على تقدير كون الوضع عبارةً عن التعهّد، فلايصحّ هذا التقسيم و لايعقل الوضع التعيّني؛ لأنّه كما قلنا في التعهّد لابدّ من التعهّد على ذلك. و لابدّ من الإرادة حال الاستعمال؛ لأنّ مع عدم الإرادة لايكون اللفظ علامةً؛ ففي كلّ مورد تكون الإرادة، فاللفظ علامة و إلّا فلا». [1]

یلاحظ علیه: أنّ کثرة الاستعمال قد تکون من شخص الواضع، فیدخل في الوضع التعییني. و قد تکون کثرة الاستعمال من غیر الواضع في غیر المعنی الحقیقي، بحیث لایحتاج الانفهام للمعنی الثاني إلی قرینة، فهذا هو الوضع التعیّني. و لذا ذکرنا سابقاً یإضافة قید و هو «بعد وضعه للمعنی الحقیقي».

الإشکال علی کلام السیّد الحجّة (الوضع بمعناه المصدريّ غير قابل للتقسيم بهذين القسمين و ما يكون قابلاً لقبول هذا التقسيم هو الوضع عن الإسم المصدري)

المصدر و اسمه واحدان بالحقيقة مختلفان بالاعتبار بانتسابه إلى الفاعل و عدمه؛ فلايعقل وجود واحد منهما في نفس الأمر مع فقدان الآخر. و قد مرّ أنّ الوضع التعيّنيّ ليس بوضع حقيقةً. [2]

یلاحظ علیه: أنّ الوضع التعیّنيّ وضع حقیقةً بمعنی أنّه بعد کثرة الاستعمال و عدم الاحتیاج إلی القرینة، إذا استعمل اللفظ تبادر هذا المعنی بلا قرینة. و هذا علامة الحقیقة و لانعني من الوضع إلّا هذا؛ فالوضع له ثلاثة وجوه:

الأوّل: تنصیص الواضع باختصاص لفظ لمعنی. الثاني: کثرة استعمال الواضع لفظاً في معنی بحیث لایحتاج الانفهام إلی القرینة. و هذان من الوضع التعییني.الثالث: کثرة استعمال غیر الواضع لفظاً في معنی و اشتهر بحیث لایحتاج إلی قرینة بعد وضعه للمعنی الحقیقيّ بسبب الواضع. و هذا القسم هو المسمّی بالوضع التعیّني.

قال المحقّق البروجرديّ(رحمةالله): «إنّ حقيقة الوضع عبارة عن ربط خاصّ بين اللفظ و المعنى يحصل تارةً بالجعل و أخرى بكثرة الاستعمال و الطبع. و بهذا الجامع- أعني الربط الخاصّ- يصحّ تقسيم الوضع إلى التعيينيّ و التعيّني، فإنّه لابدّ في التقسيم من جامع كان مقسماً». [3]

یلاحظ علیه: بالملاحظة السابقة.

و قال المحقّق الداماد(رحمةالله): «إنّ الوضع عبارة عن الهوهويّة و الاتّحاد بين اللفظ و المعنى في عالم الاعتبار و مثل هذه الهوهويّة و الاتّحاد الاعتباريّ يمكن أن يوجد في عالم الاعتبار بالجعل و الإنشاء تارةً و بكثرة الاستعمال أخرى. و بهذا الاعتبار صحّ أيضاً تقسيمه إلى التعيينيّ و التعيّني‌». [4]

یلاحظ علیه: بالملاحظة السابقة.

الإشکال علی کلام المحقّق الداماد

قال الشهید الصدر(رحمةالله): «أمّا تصوير الوضع التعيّنيّ‌ على نحو يتحقّق بكثرة الاستعمال على مسلك الاعتبار فهو مشكل؛ لأنّ الاعتبار و جعل العلقة الوضعيّة فعل قصديّ لايتحقّق بدون قصد. و من الواضح أنّ كلّ استعمال بمفرده من تلك الاستعمالات الكثيرة لمیقصد بها شي‌ء من ذلك». [5] و صرّح في کتابه الآخر بأنّه لایصحّ القول بالوضع التعیّنيّ إذا کان المراد من الوضع هو التعهّد.[6] [7]

یلاحظ علیه، أوّلاً: أنّ الاعتبار یلازم القصد و هذا القصد حاصل من المستعمل في استعمالاته الکثیرة؛ لأنّ القصد قلیل المؤونة.

و ثانیاً: لو کان المراد من الوضع هو التعهّد، فإنّ التعهّد قد یحصل من شخص واحد بالتنصیص و قد یحصل من استعمالات کثیرة من أفراد کثیرة بحیث لو سئل عنهم إذا استعملتم هذا اللفظ یتعهّدون أن یراد به هذا المعنی؟ قالوا: نعم و لیس المراد من التعهّد غیر هذا.

قال الشهید الصدر(رحمةالله): «تصويره[8] على المسلك المختار في حقيقة الوضع بأن يقال: إنّ هذا القرن الأكيد كما قد يحصل بعمل كيفيّ- كإنشاء الوضع و جعله- كذلك يحصل بعمل كمّيّ و هو تكرار قرن اللفظ بالمعنى في استعمالات كثيرة على نحو يؤدّي إلى قيام علاقة التلازم التصوّريّة بينهما و هي العلاقة الوضعيّة المطلوبة».[9]

أقول: تحقّق الوضع بأنحاء ثلاثة سبقت منّا، سواء کان المختار هو القرن الأکید أو التعهّد أو الاعتبار أو ارتباط خاصّ بین اللفظ و المعنی؛ فإنّ کلّها تحصل بأنحاء ثلاثة.

 


[6] . لایخفی علیك أنّه ذهب إلی القرن الأکید، لا التعهّد.
[8] . الوضع التعيني.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo