< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

41/02/01

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: تعارض احوال اللفظ / وضع

المراد من الإضمار[1]

المراد من الإضمار هو تقدير لفظ في الكلام من دون تجوّز في الإسناد[2] و لا في‌ الكلمة[3] . و هو خلاف ظهور الكلام المستند إلى أصالة عدم التقدير.[4]

المثال للإضمار

﴿وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ﴾[5] أي: فاسأل أهلها.

أقول: یمکن أن یقال إنّ المفاد في قوله - تعالی: ﴿وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ﴾ لیس و اسأل أهل القریة؛ بل المفاد المبالغة الکثیرة الادّعائیّة بأنّ المطلب بیّن الوضوح بحیث یعرفه کلّ القریة حتّی الجدار و الدور و الأشجار و کلّها تشهد بصحّة المدّعی؛ کما نقول في الحقیقة الادّعائیّة بأنّ قوله «جاء الأسد» أي: جاء رجل شجاع کأنّه الأسد واقعاً و لیس المعنی جاء رجل شجاع فقط.

المراد من النسخالتعریف الأوّل

إنّ النسخ هو رفع الحكم الشرعيّ بطريق شرعيّ متأخّر. [6]

أقول: هو الحقّ و أحسن التعاریف و سائر التعاریف توضیح لهذا التعریف.

قال الموسويّ القزوینيّ(رحمه الله): «إنّ النسخ عبارة عن رفع حكم واقعيّ شرعيّ بدليل شرعي‌».[7]

و قال المحقّق الداماد(رحمه الله): «إنّ النسخ عبارة عن رفع الحكم الإنشائيّ من الوجوبيّ أو التحريميّ الثابت بدليل المنسوخ و ليس هو مجرّد التخصيص في الأزمان. و هذا المعنى قد يكون برفع أصل الحكم و قد يكون برفع دوامه و استمراره».[8]

أقول: إنّ قوله(رحمه الله): «و هذا المعنى قد يكون برفع أصل الحكم» مورد الملاحظة، حیث إنّ رفع أصل الحکم لیس نسخ الحکم، بل هذا بیان أنّ الحکم الأوّل لیس واقعیّاً؛ بل حکم ظاهريّ تقیّةً (مثلاً) و لایقال النسخ اصطلاحاً، بل النسخ بیان لدفع الحکم في زمان بعد وجوده في زمان سابق بدلیل شرعيّ فیهما.

و قال الإمام الخمینيّ(رحمه الله): «حقيقة النسخ‌ عبارة عن دفع حكم المنسوخ ثبوتاً، من جهة أنّ غاية العمل بالمنسوخ هي زمان صدور الناسخ، إلّا أنّه رفع لحكم المنسوخ بحسب مقام الإثبات».[9]

أقول: کلامه(رحمه الله) متین؛ فإنّ النسخ دفع الحکم في زمان لاحق ثبوتاً و رفعه إثباتاً.

التعریف الثاني

إنّ حقيقة النسخ‌ هو التخصيص، فإنّه تخصيص في أزمان الحكم‌[10] .

أقول: هذا التعریف مطويّ في التعریف الأوّل، مع کونه أحسن و أکمل.

التعریف الثالث

حقيقة النسخ هو بيان انتهاء مدّة استمرار الحكم.[11]

أقول: هذا التعریف أیضاً مطويّ في التعریف الأوّل، مع کونه أحسن و أکمل.

و قال الإمام الخمینيّ(رحمه الله): «النسخ‌ عبارة عن ارتفاع و انتهاء أمد الحكم غير المغيّا بغاية زمانيّة. و ذلك لأنّه إذا جعل حكم في الشريعة المقدّسة من غير تقييد بالزمان، فمقتضى ظاهر الدليل هو كون الحكم المجعول على طبيعة، مستمرّاً و ثابتاً في عمود الزمان. و بعد ذلك لو ورد ما يخالفه يكون ناسخاً له، فيكون النسخ في الظاهر و في مقام الإثبات رفعاً للحكم و لكنّه في الحقيقة دفع».[12]

أقول: کلامه(رحمه الله) متین.

کما قال بعض الأصولیّین(رحمه الله): «النسخ ‌هو في اللغة بمعنى الإزالة و في الاصطلاح ارتفاع الحكم الكلّيّ المجعول للاُمّة في الشرعية[13] عن موضوعه الكلّي، لأجل تمام أمده و انتفاء الملاك في جعله؛ فخرج بقيد الكلّيّ ارتفاع الحكم الجزئي، سواء أ كان بانتهاء أمده أو بانعدام موضوعه؛ فارتفاع وجوب الصوم عن المكلّف بعد دخول الليل أو حرمة الاصطياد للمحرم بعد الإحلال لأجل انتهاء الأمد ليس بنسخ؛ كما أنّ ارتفاع وجوب إكرام زيد بموته أو حرمة الشرب من إناء معيّن بإراقته لانعدام الموضوع ليس بنسخ. و خرج بقيد المجعول للاُمّة ارتفاع الحكم الكلّيّ عن موضوعه بالنسبة إلى شخص خاص؛ فارتفاع الأحكام الكلّيّة عن زيد (مثلاً) بسبب عروض جنون أو موت لايسمّى نسخاً. و التقييد بكون الارتفاع بانتهاء الأمد و الملاك لبيان أنّ النسخ ليس رفعاً في الحقيقة، بل هو في مقام الثبوت دفع للحكم و انقضاء لاقتضائه بيانه أنّه قد يكون مقتضى المصلحة جعل الحكم على الموضوع محدوداً بحدّ و موقّتاً بوقت؛ فيريد الشارع الجاعل للحكم العالم بالملاك إنشاء الحكم الموقّت، إلّا أنّه قد ينشئه مطلقاً غير محدود في مقام الإنشاء مع قصده إبلاغ حدّ الحكم و وقته في مقام آخر. أو عند انتهاء أمد الحكم، فيكون حينئذٍ مقتضى ظاهر الدليل دوامه و استمراره؛ فالحكم حينئذٍ موقّت في مرحلة الثبوت مستمرّ دائم في مرحلة الإثبات. فإذا ورد دليل النسخ، كان ذلك كاشفاً عن انتهاء أمد الحكم بتمام مقتضيه و ملاكه فيحسب ذلك دفعاً للحكم بالنظر إلى الواقع و رفعاً بالنظر إلى الظاهر. و من هنا قيل إنّ النسخ دفع ثبوتيّ و رفع إثباتي».[14]

أقول: هو توضیح مناسب للمقام.


[1] أي: التقدیر.
[2] المجاز في الإسناد هو المجاز الذي منشؤه إسناد الفعل إلى غير فاعله، من قبيل: «بنى الرئيس الجسر» مع أنّ الذي بناه مجموعة من المهندسين و العمّال، لكنّه نسب إلى الرئيس باعتبار أمره به أو تمويله لعمليّة البناء.
[3] المجاز في الکلمة هو المجاز الذي یقابل الحقیقة؛ کالأسد في الرجل الشجاع.
[6] نهاية الوصول إلى علم الأصول ‌2: 588 (الأولی).
[10] قوانین الأصول (ط . ج) 3: 212.
[13] لعلّ الصحیح: الشریعة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo