< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

42/01/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 

 

موضوع: المکاسب المحرمة/ الکذب/مفهوم الکذب

التنبیه الثاني

هل یتوقّف الکذب علی إفهام المخاطب و وجود سامع أم لا؟

هنا قولان:

القول الأوّل: التوقّف [1] [2]

أقول: هو الحق؛ لأنّه بدون السامع و المخاطب- و لو في الآتي- لایصدق الخبر حتّی ینقسم إلی الصدق و الکذب. و أدلّة حرمة الکذب في الکتاب و السنّة منصرفة عمّا لم‌یکن سامع.

قال إبن کاشف الغطاء (رحمة الله): «لابدّ في الكذب من مخاطب عاقل» [3]

و قال الإمام الخمینيّ (رحمة الله): «یمکن أن یقال إنّ الصدق و الكذب متفرّعان على الحكاية عن الواقع و الحكاية فرع الدلالة أو هي هي و معنى الدلالة الفعليّة على شي‌ء كون الكلام هادياً و مرشداً إلى الواقع أو إلى مفاد الجملة المنطبق عليه و الدلالة الفعليّة بما أنّها من الأمور الإضافيّة تحتاج إلى الأطراف من الدالّ و المدلول و المدلول عليه، فلا يتّصف الكلام بالدلالة الفعليّة إلّا إذا كان عند المتكلّم مخاطب مهديّ بكلامه بالفعل إلى مضمون الجملة الحاكية عن الواقع و مع فقد المهديّ بالفعل لا تكون الدلالة و الهداية فعليّةً؛ لأنّ المتضايفين متكافئان قوّةً و فعلاً؛ بل يكون الكلام دالّاً اقتضاءً؛ أي له اقتضاء الدلالة لا فعليّتها و ليس المتكلّم مهديّاً و هادياً باعتبارين؛ لأنّ كلامه ليس هادياً له إلى الواقع أو إلى مدلوله التصديقي» [4]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین في الصدق الخبري، دون المخبري.

و قال (رحمة الله) في موضع آخر: «الظاهر أنّ الأدلّة منصرفة عن الكذب عند نفسه مع عدم مخاطب. بل الظاهر انصرافها عن التكلّم به عند المخاطب لم يسمع الكلام لصممه أو لم يفهم معناه لعدم تميّزه أو جهله به؛ فإنّ المتكلّم بالجملة الكاذبة عند المذكورين ليس بمخبر و إن صدر منه الكذب. و المنع عنه باحتمال أن يكون مراد الشارع عن المنع عنه تنزّه لسان المتكلّم عن التقوّل بالكذب، احتمال عقليّ غير منافٍ لانصرافها. و في الروايات إشعارات و تأييدات لذلك:كقوله: «الكاذب على شفا[5] مخزاة[6] و هلكة»[7] و ‌قوله: «مَنْ كَثُرَ كَذِبُهُ ذَهَبَ بَهَاؤُهُ»[8] و‌ قوله: «إِنَّ مِمَّا أَعَانَ اللَّهُ بِهِ عَلَى الْكَذَّابِينَ النِّسْيَان‌»[9] و ‌قوله: «إن الكذّاب يكذب حتّى يجي‌ء بالصدق فلا يصدّق»[10] و ‌قوله (ص): «[إِنَّ] الْكَذِبَ يُسَوِّدُ الْوَجْهَ‌».[11] و ‌قوله (ص): «إجْتَنِبُوا الْكَذِبَ وَ إِنْ رَأَيْتُمْ فِيهِ النَّجَاةَ فَإِنَّ فِيهِ الْهَلَكَةَ» [12] »[13]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین؛ فإنّ الكاذب على شفا ... لایصدق علی من تکلّم بلا سامع أصلاً. و هکذا من کثر کذبه لایشمل لمن تکلّم بلا سامع عرفاً. و هکذا الإعانة بالنسیان لایشمل لمن تکلّم بلا سامع عرفاً؛ إذ النسیان لایوجب الإعانة إذا کان بلا سامع. و أصرح من الکلّ «فلایصدّق» في الروایة. و هکذا «إنّ الکذب یسوّد الوجه»؛ فإنّ الکذب صفة للخبر. و مع عدم وجود سامع لا یطلق الکذب، حیث لایصدق الخبر. و هکذا قوله (ص): «اجْتَنِبُوا الْكَذِبَ وَ إِنْ رَأَيْتُمْ فِيهِ النَّجَاةَ ...»؛ فإنّ النجاة فیما إذا کان للخبر أثر و سامع و إلّا فلا معنی للنجاة.

 


[5] أي: لبه.
[6] أي: ذلّت.
[7] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج1، ص205. و فیه: كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(ع) يَقُول‌: ... . (هذه الروایة مرفوعة و ضعیفة).
[8] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج2، ص341. و فیه: عدّة من أصحابنا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّه‌ [أحمد بن محمّد بن خالد البرقي: إماميّ ثقة] عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ظَرِيفٍ [بن ناصح: إماميّ ثقة] عَنْ أَبِيهِ [ظریف بن ناصح: إماميّ ثقة] عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(ع) قَالَ: قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ(ع) ‌: ... . (هذه الروایة مرسلة و ضعیفة).
[9] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج2، ص341. و فیه: عَنْهُ [أحمد بن محمّد بن خالد البرقي: إماميّ ثقة] عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ [الحسن بن عليّ بن فضّال التیمي: فطحيّ رجع عنها عند موته ثقة، من أصحاب الإجماع علی قول] عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيِّ [إماميّ ثقة] عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ [بن أعین: إماميّ ثقة] قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ(ع) يَقُول‌: ... . .(هذه الروایة مسندة و موثّقة)
[10] الكافي- ط الاسلامية، الشيخ الكليني، ج2، ص341. و فیه: عَنْهُ [أحمد بن محمّد بن خالد البرقي: إماميّ ثقة] عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ [الخزّاز: إماميّ ثقة] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ [بن أبي سلمة: إماميّ لم تثبت وثاقته] رَفَعَهُ قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(ع): «يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ الْمُسْلِمِ أَنْ يَجْتَنِبَ مُؤَاخَاةَ الْكَذَّابِ فَإِنَّهُ يَكْذِبُ حَتَّى يَجِي‌ءَ بِالصِّدْقِ فَلَا يُصَدَّقُ». (هذه الروایة مرفوعة و ضعیفة).
[11] تحف العقول، ابن شعبة الحراني، ج1، ص14.. (هذه الروایة مرفوعة و ضعیفة)
[12] مستدرك الوسائل، المحدّث النوري، ج9، ص88. (هذه الروایة مرفوعة و ضعیفة).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo