< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

42/01/18

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المکاسب المحرمة/ الکذب/ تعریف الکذب

التعریف الرابع

هو أنّه يشترط في صدق الخبر كلا المطابقتين- المطابقة للواقع و المطابقة للاعتقاد- و يلزم في الكذب كلا المخالفتين و ما عدا ذلك لا صدق و لا كذب؛ کما علیه الجاحظ. [1]

أقول: لا دلیل علی ذلك. و هذا خلاف الوجدان؛ نعم، لایبعد أن یقال بأنّ صدق الخبر مطابقته للواقع و کذبه مخالفته للواقع و لکنّ المتکلّم الصادق من کان قوله مطابقاً للواقع و لاعتقاده و المتکلّم الکاذب من کان قوله مخالفاً لاعتقاده فقط.

الإشکال علی التعریف الرابع

فيه أنّا نرى بالعيان و نشاهد بالوجدان و بحكم الضرورة انحصار الخبر بالصدق و الكذب و عدم الواسطة بينهما. [2]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

دلیل التعریف الرابع

قوله: ﴿أَفْتَرىٰ عَلَى اللّٰهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ ...﴾[3] فالكفّار حصروا أخبار النبيّ (ص) بالحشر و النشر في الافتراء و الإخبار حال الجنّة و على ذلك فالقسم الثاني؛ أَي الإخبار حال الجنّة غير الكذب؛ لأنّه جعل في الآية قسيمه و غير الصدق أَيضاً؛ لأنّهم لا يريدون أن يصفوا كلام النبيّ (ص) بالصدق كيف و هم من أعدائه؛ فليزم أن يكون هنا؛ أَي الإخبار حال الجنّة كلام لا صادق و لا كاذب و إن كان نفس الكلام مطابقاً للواقع. [4]

یلاحظ علیه،

أوّلاً: أنّ الکذب الخبريّ لا واسطة له؛ أي: الخبر إمّا صادق أو کاذب و أمّا المخبريّ فله واسطة، فالمخبر إمّا صادق (خبره موافق لاعتقاده) أو کاذب (خبره مخالف لاعتقاده) و إمّا لا صادق و لا کاذب إذا أخبر في النوم أو لا عن شعور و إرادة. و في الآیة الشریفة جعل الافتراء الذي هو الکذب مقابل أم به جنّة؛ فإن المخبر عندهم إمّا کاذب أو لا صادق و لا کاذب و لیس بصادق بادّعائهم و لا إشکال؛ کما سبق في التفریق بین الکذب الخبريّ و المخبري.

و ثانیاً: الافتراء کذب عن عمد و کذب خاصّ و جعل هذا الکذب عن عمد مقابل أم به جنّة الذي هو لیس کذباً عن عمد، بل کذب عن غیر عمد. و لایخفی أنّ هذا الجواب علی فرض عدم قبول التفریق السابق و علی فرض قبوله لایأتي هذا الجواب.

و ثالثاً: أنّ الکلام الصادر بلا شعور و إرادة لیس خبراً حتّی یتّصف بالصدق أو الکذب. و هذا الجواب علی فرض عدم قبول التفریق المذکور.

الإشکال علی الدلیل

الآية المذكورة، فهي غريبة عن مقصود الجاحظ؛ لأنّ الظاهر منها أنّ المشركين نسبوا أخبار النبيّ (ص) إلى الافتراء الذي هو كذب خاصّ أو إلى الإخبار حال الجنّة الذي لا أثر له عند العقلاء. [5]

أقول: کلامه (رحمة الله) علی فرض عدم قبول التفریق بین الکذب الخبريّ و المخبريّ و الحقّ هو التفریق المذکور.

کما قال بعض الفقهاء (حفظه الله): «إنّهم كانوا قاطعين بكذب كلامه (ص)- [العیاذ بالله]- و أنّه لا مساس له بالواقع غير أنّهم كانوا متردّدين في نفس النبيّ (ص) و حاله و أنّه هل يتكلّم بهذا الكلام الكاذب عن قصد أو لا؟ فعلى الأوّل، فهو مفترٍ و كلامه افتراء و على الثاني، فهو مجنون و كلامه يشبه كلام من به الجنون، فلا يعبأ به و أين ذلك من الدلالة على شرطيّة الأمرين!»[6]

أقول: کلامه (حفظه الله) علی فرض عدم التفریق بین الکذب الخبريّ و المخبريّ و الحقّ هو التفریق المذکور.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo