< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محسن الفقیهی

41/05/03

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: المکاسب المحرمه/القیادة /معنی القیادة

 

قال السیّد الخوانساريّ(ره): «يمكن إلحاق الجامع بين الذكر و الذكر به بالأولويّة القطعيّة[1] . و أمّا الجامع بين الاُنثى و الاُنثى، فالرواية ساكتة عنه؛ فإذن المدرك هو الإجماع فقط. و يمكن أن يقال: إن كان الخبر[2] مشمولاً لما ذكر الصدوق(ره) من بنائه على ذكر الأخبار التي يعتمد عليها. و التخلّف عن هذا البناء نادراً لا يضر؛ فلا مانع من الأخذ بها، هذا مع تعبير المصنّف(ره)[3] «و الأوّل مرويّ» من دون ذكر الضعف.

و أمّا ما ذكر من أنّ الرواية خاصّة بمن يجمع بين الذكر و الاُنثى، فلا يوجب الاختصاص ظاهراً، حيث إنّ سؤال الراوي كان عن القوّاد، فمع شمول هذا العنوان بمطلق الجمع لا يوجب ذكر الخاصّ رفع اليد عن العام. و إطلاق الحدّ على فرض الحجّيّة يشمل جميع ما ذكر»[4] .

أقول، أوّلاً: لا دلیل علی الأولویّة القطعیّة؛ فإنّ حدّ القیادة أمر تعبّديّ صرف مجعول للقیادة. و القیادة في کلمات أهل اللغة هي السعي في الجمع بین الذکر و الاُنثی؛ فلا دلیل علی إلحاق اللواط و السحق بها لغةً و الروایات سیأتي البحث عنها.

و ثانیاً: الإجماع مدرکيّ لا حجیّة فیه، مع أنّ تحقّق الإجماع غیر معلوم، بل غایته عدم الخلاف.

و ثالثاً: قوله(ره): «فمع شمول هذا العنوان بمطلق الجمع لا يوجب ذكر الخاصّ رفع اليد عن العام» مورد المناقشة، حیث إنّ اللغویّین ذکروا الجمع بین الذکر والاُنثی فقط؛ فلا تشمل الجمع بین الذکرین أو الاُنثیین.

و رابعاً: أنّ الحدود تدرأ بالشبهات توجب سقوط الحدّ عن الموارد المشکوکة. هذا کلّه من حیث إجراء الحدّ و أمّا من حیث الحرمة، فلا بحث فیها أصلاً.

 

الإشکالان علی کلام السیّد الخوانساري (يمكن إلحاق الجامع بين الذكر و الذكر به بالأولويّة القطعيّة)

الإشکال الأوّل

إنّ الجزم بالحدّ بالأولويّة مشكل؛ لأنّ استفادة حكم الجامع بين الرجلين من حكم الجامع بين الرجل و المرأة -و إن كان اللواط أفحش و آكد حرمةً و أشدّ مبغوضيّةً- بالطريق الأولى محلّ تأمّل و شبهة و الحدود تدرء بالشبهات[5] .

أقول: کلامه(ره) متین.

قال السیّد الگلبایگانيّ(ره): «قد علم أنّ تعميم حكم القوّاد في الفرضين الأخيرين[6] لا يستفاد من الروايات؛ لعدم تعرّضها لهما. إذاً[7] فلو شكّ في شمول الحكم للموردين، فلا يجوز إجراء حكم القيادة - أعني الحدّ- بل لابدّ من الحكم بالتعزير. و حينئذٍ لم يبق ما يتمسّك به لإثبات الحكم في الموردين إلّا أن يكون هناك إجماع؛ فإن كان فيحكم بتساوي الموارد في هذا الحكم - أعني الحدّ- و إلّا فلابدّ من الحكم بالتعزير فيهما. و لعلّ الإجماع قائم على وحدة الحكم و اشتراك الموارد في الحد. و لو كان إشكال فإنّما هو في الإطلاق اسماً و الشمول مفهوماً و إلّا فالظاهر أنّ الحكم مجمع عليه بين الأصحاب»[8] .

أقول: کلامه(ره) متین؛ لکنّ الإجماع علی فرض تحقّقه لا دلیل علی حجّیّته في المقام؛ لأنّه مدرکيّ أو محتمل المدرکیّة بزعم أنّ القیادة في الروایات أعمّ تشمل الجمع و الوطئ المحرّم و قد سبق أنّ أهل اللغة اختصّ القیادة بالجمع بین الذکر و الاُنثی فقط.

الإشکال الثاني

قد تدّعى الأولويّة في إلحاق الجمع بين الرجلين أو المرأتين في حكم القيادة. و ذلك لأنّ اللواط و السحق أشدّ من الزنا؛ لأنّهما عملان انحرافيّان على خلاف طبع الإنسان؛ بل قد يستأنس لذلك أيضاً بما يدلّ على أنّ «سحاق النساء بينهنّ زناً»[9] . ‌و لكن كلّ ذلك استحسانات ظنّيّة لا تكفي في استنباط الحكم الشرعي. أجل، لا كلام في حرمة الجمع بين المرأتين للسحق و كذا الجمع بين الرجلين للواط و إنّما الكلام في أنّ الموضوع للحكم ما هو؟ فمع الشكّ لا تترتّب أحكام القيادة على مثل الجمع بين النساء و النساء للسحق؛ بل الحكم فيه التعزير لا الحدّ المذكور للقيادة و لا سيّما بملاحظة درء الحدود بالشبهات[10] .

أقول: و هو الحق؛ فیختصّ الحدّ بالجمع بین الذکر و الاُنثی فقط.

 


[2] . خبر عبد الله بن سنان.
[3] . المحقّق الحلّيّ(ره).
[4] . جامع المدارك، الخوانساري، السيد أحمد، ج‌7، ص90.
[6] . الجمع بين الرجلين أو المرأتين.
[7] . الصحیح: إذَن.
[9] . عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ [الكوفي‌: إماميّ ثقة] قَالَ كَتَبَ إِلَيَّ أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ [مهمل] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَّارٍ [مهمل] حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْمَدَائِنِيُّ [مهمل] أَخْبَرَنِي عَنْبَسَةُ [مهمل] عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ [مهمل] عَنِ الْعَلَاءِ [مهمل] عَنْ مَكْحُولٍ [الشامي: مهمل] عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ [مهمل] عَنِ النَّبِيِّ(ص) قَالَ: ... مستدرك الوسائل، المحدّث النوري، ج14، ص353. (هذه الروایة مسندة و ضعیفة؛ لوجود الرواة المهملین في سندها).
[10] . فقه الحدود و التعزيرات، موسوی اردبیلی، عبدالکریم، ج‌2، ص159 - 160 (التلخیص).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo